شينكر أكد دعم واشنطن للمبادرة الفرنسية

أبلغ فرنجية أن العقوبات الأميركية لا تستهدفه

TT

شينكر أكد دعم واشنطن للمبادرة الفرنسية

كشفت مصادر سياسية مطلعة أن أزمة تشكيل الحكومة الجديدة لم تغب عن اللقاءات التي أجراها مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، وإنما حضرت في سياق إبرازه للاهتمام الأميركي بالمفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية للتوصل برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركية إلى تسوية للنزاع القائم بين البلدين حول الحدود البحرية.
ونقلت المصادر السياسية عن شينكر عزم واشنطن على تزخيم المفاوضات التي تستضيفها الأمم المتحدة في مقر «يونيفيل» في الناقورة. وأكدت بأنه يتوقع في حال نجاح المفاوضات دخول الجنوب اللبناني في مرحلة جديدة يمكن من خلالها استقراء مستقبل الوضع فيه لجهة تراجع حجم الأخطار بما يتيح للبنان الإفادة من ثرواته البحرية للتغلب على أزماته المالية والاقتصادية.
وتوقفت المصادر نفسها - كما تقول لـ«الشرق الأوسط» - أمام المفارقة التي واكبت لقاءات شينكر والتي تميزت باجتماعه وبناءً لرغبته بزعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، في مقابل عدم شمول لقاءاته رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، مع أن شينكر تجنب في اجتماعاته الدخول في الأسباب التي أملت عليه استثناءه من جدول لقاءاته، فيما أحال مصدر دبلوماسي غربي السؤال على باسيل لأن لديه الخبر اليقين.
وأكدت بأن شينكر أبلغ فرنجية بأن العقوبات الأميركية المفروضة على الوزير السابق يوسف فنيانوس لا تستهدفه شخصياً ولا تمت بصلة إلى «المردة»، وقالت بأن اللقاء تناول مفاوضات ترسيم الحدود والوضع الداخلي في ضوء تأجيل الرئيس ميشال عون للاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة، رغم أنهما على تباين حيال الموقف من النظام السوري.
ولفتت المصادر السياسية إلى أن البيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية وتناول لقاء عون - شينكر لم يكن دقيقاً لأنه لم يعكس الأجواء التي سادته، وقالت إن شينكر أكد أمام فرنجية ورئيسي الحكومة السابقين نجيب ميقاتي وسعد الحريري دعم واشنطن المبادرة الفرنسية، وبالتالي فهي تصر على الإسراع بتشكيل الحكومة على أساس الالتزام بخريطة الطريق التي طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وقالت بأن فرنجية انتقد مبادرة عون إلى تأجيل الاستشارات بناء لطلب باسيل وأبلغ شينكر أن عون يتذرع بالميثاقية لتبرير التأجيل رغم أنه تجاهلها لدى تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب، إذ غاب عنها مكون أساسي وهو الحريري الذي يتزعم إحدى أكبر الكتل النيابية، ورأى بأن الميثاقية ليست استنسابية يلجأ إليها عون كلما أراد. وسأل: هل المعارضون له يفتقدون إلى الميثاقية؟
وفي هذا السياق، كشفت المصادر بأن شينكر يدعم المبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان، لكنه يرى أن واشنطن كانت على حق عندما حذرت من لجوء بعض الأطراف إلى الانقلاب عليها، وبالتالي بات على باريس أن تتحرك للضغط على من يعرقل الاستشارات لتسمية الرئيس المكلف.
وأكدت المصادر بأن باريس دخلت على خط الاتصالات بعد تأجيل الاستشارات وحاولت إقناع الحريري بالتواصل مع باسيل بذريعة أنه اتصل برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وكان رد الحريري أنه اتصل بجنبلاط شاكراً موقفه بعد قرار اللقاء الديمقراطي بتسميته، فيما يصر باسيل على موقفه قبل وبعد تأجيل الاستشارات.
وكشفت بأن عون عندما اتصل بالحريري لإبلاغه بتأجيل الاستشارات تذرع بالميثاقية، وكان رد الأخير بأن التأجيل ليس لمصلحة البلد وأن هناك ضرورة لإنقاذ المبادرة الفرنسية لأن البلد لا يحتمل المماطلة والتسويف.
وقالت بأن عون اتصل ثانية بالحريري لإبلاغه بأنه يسعى لتأمين أوسع مشاركة وتأييد له، وكان رد زعيم «المستقبل» بأن التذرع بالميثاقية ليس في محله وإلا لماذا غابت كلياً عندما شكل دياب حكومته؟ وانتهى الاتصال من دون أي تعليق من عون. وأكدت بأن التأجيل جاء استجابة لإصرار باسيل الذي حضر إلى بعبدا بعد أن تعذر عليه إقناع عدد من النواب الأعضاء في «تكتل لبنان القوي» بجدوى التأجيل.
وحذرت من لجوء «التيار الوطني» إلى تطييف الأزمة الحكومية على خلفية تحريض الشارع المسيحي بقيام تحالف رباعي لتطويقه، وقالت بأن حزب «القوات اللبنانية» لم يستجب لرغبة «وسطاء» بتوافق باسيل وجعجع على تسمية مرشح لرئاسة الحكومة غير الحريري، وبالتالي فإن «القوات» ليست طرفاً في تأجيل الاستشارات.
وأكدت أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يسعى حالياً لتطويق احتمال تأجيل الاستشارات وهو يتفق مع الحريري والكتل التي كانت أبدت استعدادها لتأييده، وقالت بأن بري شديد الامتعاض من التأجيل الأول للاستشارات وأن «حزب الله» يدعم موقفه وأن ما يشاع عن تأييده للتأجيل ليس في محله، وإن كان يتجنب الدخول في مواجهة مع حليفه عون ومن خلاله باسيل هي الثانية بعد المواجهة الأولى على خلفية تشكيل الوفد المفاوض، وبالتالي قرر أن يبيع صمته لرئيس الجمهورية.
وعليه، فإن التلويح باحتمال تأجيل الاستشارات إلا بشرط التواصل بين الحريري وباسيل لن يحل الأزمة، إضافة إلى أنه سيضع عون في مواجهة مع باريس التي نُصحت من جهات عربية ودولية بعدم الرهان على تأييده المبادرة فور إدراجها على سكة التطبيق رغم أنه فوجئ بمواجهة اصطفاف سياسي لا يستطيع تفكيكه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».