لجنة تنسيق عراقية ـ أميركية بشأن جدولة الانسحاب

وسط استمرار «هدنة الكاتيوشا»

TT

لجنة تنسيق عراقية ـ أميركية بشأن جدولة الانسحاب

أعلنت وزارة الخارجية العراقية عن تشكيل لجنة تتولى مهمة التنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية، بشأن إعادة جدولة قواتها خارج العراق. وبينما يواصل التحالف الدولي مهمة محاربة تنظيم «داعش» من جهة وتدريب الأجهزة الأمنية العراقية من جهة أخرى، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف في بيان، أن «وزير الخارجية فؤاد حسين ترأس اجتماعاً حضره مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي، وممثلون عن عدد من القطاعات العراقية المعنية بالملف الأمني»، مبيناً أنه «تم الاتفاق على انبثاق لجنة فنية عن الاجتماع تتولى مهمة التنسيق مع الجانب الأميركي، من أجل إعادة جدولة انتشار القوات الأميركية خارج العراق».
وأوضح البيان أن «هذه اللجنة تعد من مخرجات الحوار الاستراتيجي بين الحكومة العراقية والإدارة الأميركية الذي جرت أعماله بواشنطن في أغسطس (آب) الماضي، أثناء زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى الولايات المتحدة الأميركية ولقائه الرئيس الأميركي دونالد ترمب».
ويأتي تشكيل هذه اللجنة في وقت تستمر فيه الهدنة التي أعلنتها الفصائل المسلحة القريبة من إيران، بعدم استهداف السفارة الأميركية التي تحتل مبنى كبيراً بمساحة مترامية الأطراف داخل المنطقة الخضراء. كما توقفت عمليات استهداف أرتال التحالف الدولي التي تنقل معدات له بالعبوات الناسفة.
وكانت الولايات المتحدة قد هددت بغلق سفارتها في بغداد إن لم تتمكن الحكومة العراقية من توفير الحماية اللازمة لها وللبعثات الأجنبية.
إلى ذلك، أعلنت قيادة العمليات المشتركة أن بعثة حلف شمال الأطلسي «ناتو» أسهمت وما زالت تسهم في تدريب وبناء قدرات الجيش القتالية. ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن الناطق باسم العمليات المشتركة، تحسين الخفاجي، قوله إن البعثة «لديها كثير من الإمكانيات في مجال التدريب وبناء القدرات، ولذلك هم أعدوا الخطط لمستقبل القوات الأمنية العراقية بمختلف مسمياتها». وأضاف الخفاجي أن البعثة «أسهمت وتسهم الآن في عملية التدريب وبناء القدرات والإعداد للقوات المسلحة العراقية، ولديهم من الخبرة والإمكانية في هذا المجال ما يمكننا من رفع قدراتنا القتالية».
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قد بحث الأسبوع الماضي مع قائد بعثة «ناتو» سبل تقديم الدعم إلى القوات الأمنية بمختلف صنوفها.
إلى ذلك، كشف التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» عن قيام حلفاء الولايات المتحدة الأميركية في سوريا والعراق بتنفيذ 32 عملية عسكرية ضد التنظيم في كلا البلدين خلال أسبوع كامل. وفي تغريدة له على «تويتر»، قال المتحدث باسم التحالف الدولي العقيد واين موروتو، إن «الشركاء العراقيين والسوريين نفذوا هذا الأسبوع 32 عملية لهزيمة تنظيم (داعش)»، مبيناً أن «الشركاء تمكنوا من إنقاذ المجتمعات المحلية من 41 عنصراً من (داعش)».
وفي هذا السياق يقول الخبير الاستراتيجي الدكتور معتز محي الدين، رئيس «المركز الجمهوري للدراسات السياسية والأمنية»، لـ«الشرق الأوسط»، رداً على سؤال بشأن الصلة بين جدولة الانسحاب الأميركي والهدنة الحالية وبين ما يمكن أن تكون عليه الأمور في المستقبل، إنه «في حال تمكنت واشنطن من نسج علاقات مع القادة العراقيين بعيداً عن رغبات إيران في موضوع الانسحاب من عدمه، فإنهم سيؤكدون على تآكل مكانة إيران في العراق، بدءاً مما كان حاول قائد (فيلق القدس) في (الحرس الثوري) الجنرال قاسم سليماني قبل مقتله تحقيقه، أو ما بعد، ذلك بما يؤدي إلى تعزيز مكانة واشنطن في العراق»، مبيناً أن «الجميع يعرف أنه في حال انسحبت أميركا من العراق بشكل كامل فإن العراق سيخسر معونات كثيرة في مجالات مختلفة، وهو أمر ستكون له تداعياته السلبية على وضع البلد بشكل عام». وأوضح محي الدين أن «هناك في الواقع مصلحة مشتركة أميركية- عراقية في وجود النفوذ الأميركي في المساعدات والمعونات السنوية التي يحصل عليها العراق من الولايات المتحدة الأميركية». وأشار إلى أن «هناك إشكالية في موضوع انسحاب الأميركيين بشكل كامل من العراق، لما له من نتائج سلبية على عدة مستويات، وهو ما جعل دولاً عديدة في المنطقة ترفض الانسحاب الأميركي من العراق، فضلاً عن وجود قيادات سياسية وأحزاب في محافظات عراقية، مثل الأنبار ونينوى، تصر هي أيضاً على عدم الانسحاب الكامل من العراق؛ لأن بقاء أميركا هو الوحيد الذي يحقق مبدأ التوازن، ويضبط الإيقاع تماماً، منعاً لحدوث أي فوضى أمنية؛ خصوصاً في المناطق الغربية من العراق».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».