توتر بين «الحشد» والبيشمركة على خلفية تصريحات زيباري

TT

توتر بين «الحشد» والبيشمركة على خلفية تصريحات زيباري

رغم الردود الهادئة لقيادات «الحزب الديمقراطي الكردستاني» والمسؤولين الرسميين في حكومة إقليم كردستان على ما صدر من تصريحات عن وزير الخارجية الأسبق القيادي البارز في «الديمقراطي الكردستاني» هوشيار زيباري حول «الحشد الشعبي»، فإن التوتر يتصاعد بين الطرفين إلى الحد التخوف من أن ينذر بمواجهة عسكرية بين الطرفين.
وكان زيباري طالب في تغريدة عبر «تويتر» بـ«تنظيف المنطقة الخضراء من (الحشد الشعبي)»، الأمر الذي أثار غضباً واسعاً من قبل «الحشد» والعديد من القوى السياسية القريبة من إيران، خصوصاً «تحالف الفتح» و«ائتلاف دولة القانون» التي أدانت تلك التصريحات.
ومع أن زيباري اعتبر الأصوات التي أدانته وطالبته بالاعتذار تعبيراً عن «المصيبة الكبرى»، فإن كتلة حزبه في البرلمان العراقي أكدت في بيان، أمس، أن «موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني يتم التعبير عنه من خلال زعيم الحزب أو الناطق باسمه»، مبينة أن «كل ما يصدر عن قيادات في الحزب بشأن هذه القضية أو تلك لا يمثل وجهة النظر الرسمية للحزب، وإنما يمثل وجهة نظر أصحابها».
ومع بروز مخاوف من أن يؤدي هذا التصعيد إلى مواجهة عسكرية بين الطرفين، فإن أصواتاً عدة، ولا سيما من جانب الأكراد، سعت إلى تهدئة الموقف. وأكدت عضو البرلمان العراقي عن «الديمقراطي الكردستاني» إخلاص الدليمي في بيان أن «هناك جهات تعمل على خلق أزمات سياسية في البلاد بهدف التغطية على إخفاقاتها ولفت أنظار الشارع إلى أمور ضيقة تضر بالعراق والعراقيين».
وأكدت أن «دماء الجيش والبيشمركة و(الحشد) امتزجت خلال عمليات التحرير (من سيطرة «داعش» في شمال العراق) ويجب استثمارها في محاربة الفساد وتقدم عجلة الإصلاح... تلك القوات ما زالت تخوض عمليات نوعية في مجابهة الإرهاب ودرء خطره عن العراقيين». لكنها دعت ضمناً إلى إعادة هيكلة «الحشد»، لافتة إلى أن «كل مؤسسة فيها الجيد والسيئ، لذلك يجب إبعاد المسيئين عن مسيرة العمل كي لا يؤثروا على سمعة تلك المؤسسة».
وكانت ردود الفعل الغاضبة على تصريحات زيباري قد توالت طوال اليومين الماضيين من مختلف قيادات «الفتح» و«دولة القانون» و«هيئة الحشد الشعبي».
وأعلن «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي إدانته لتصريحات زيباري، مطالباً قيادة «الحشد الشعبي» برفع دعوى قضائية ضد زيباري.
وشدد رئيس «كتلة بدر» في البرلمان، محمد الغبان، على إدانته تصريحات زيباري التي عدّها «مسيئة». وقال في بيان: «ندين التصريحات التي صدرت من الوزير المُقال العضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني، هوشيار زيباري، التي تطاول فيها على (الحشد الشعبي)، أهم مؤسسة حكومية أمنية ساهمت في دحر (داعش)». وطالب الحزب «الديمقراطي الكردستاني» بـ«توضيح موقفه الرسمي تجاه هذه التصريحات غير المسؤولة، التي تشكل عاملاً مزعزعاً للسلم والاستقرار الداخلي».
غير أن الخبير الأمني سرمد البياتي استبعد حصول مواجهة بين «الحشد» و«البيشمركة» في هذه الظروف. وقال البياتي لـ«الشرق الأوسط» إن «التوتر بدأ يتصاعد بين الطرفين على خلفية تصريحات زيباري، وهي تصريحات غير موفقة، لأن (الحشد الشعبي) مؤسسة رسمية، وقد تم التصويت على قانون إنشائها في البرلمان العراقي».
وأضاف أن «الأمور لا يمكن أن تصل إلى وضع المواجهة بين الطرفين، رغم التصعيد، لأن هناك أصواتاً عاقلة من قبل كلا الطرفين ارتفعت من أجل تهدئة الموقف». وأوضح أنه «من الناحية العسكرية لا يوجد تماس بين قوات البيشمركة وقوات (الحشد الشعبي)، إلا في مناطق معينة وبسيطة. كما أنه لا توجد تحشيدات عسكرية في هذه المناطق».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».