نشطت موسكو اتصالاتها أمس، مع الأطراف المنخرطة في أزمة قره باغ، لإنقاذ اتفاق الهدنة بعد تصاعد حدة الاحتكاكات، وتبادل الطرفين الأرميني والأذري اتهامات بانتهاك نظام وقف النار.
وبدا أن الهدنة الهشة، التي تم التوصل إليها السبت، بعد مفاوضات مطولة، تواجه خطر الانهيار مع عودة الطرفين إلى التصعيد عسكريا في أكثر من محور على خطوط التماس، فضلا عن أن عدم انطلاق المفاوضات لتنفيذ الاتفاقات الخاصة بتثبيت قرار وقف النار وتبادل جثث القتلى والأسرى، وإنشاء ممرات إنسانية آمنة لمساعدة بعض المناطق، يزيد من خطورة استئناف الأعمال القتالية، وهو أمر حذر منه أمس، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال اجتماع مع نظيره الأرميني زهراب مناتساكانيان.
وأعرب لافروف عن أمله في أن تؤدي اتصالات موسكو المكثفة مع كل من باكو ويريفان إلى تثبيت وقف إطلاق النار في إقليم قره باغ. وكان لافتا أن الوزير لافروف لم يتحدث عن قنوات دبلوماسية للاتصالات فقط، بل لمح إلى وجود قنوات عسكرية للاتصالات التي تجريها موسكو مع الطرفين الأرميني والأذري بهدف تسهيل التوصل إلى اتفاقات كاملة لتعزيز الهدنة.
وأقر لافروف بأنه «لا يوجد التزام كامل بالهدنة المتفق عليها في قره باغ، والأعمال القتالية لا تزال مستمرة في هذه المنطقة».
وحذر من مخاطر «المماطلة في إطلاق مفاوضات لتسوية النزاع حول إقليم قره باغ». مشيرا إلى أن موسكو تعول على أن يتم الالتزام بـ«كل بنود البيان المشترك حول قره باغ»، الذي صدر عن وزراء خارجية روسيا وأذربيجان وأرمينيا عقب جولة المشاورات في موسكو السبت الماضي. وجدد التأكيد على الأهمية الخاصة لإحداث تحول على الأرض في قره باغ لجهة تثبيت وقف إطلاق النار.
وفي إشارة لافتة إلى طرح ملف التسوية السياسية خلال المحادثات، قال الوزير الروسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأرميني إن البحث «تطرق إلى الآراء حول التحركات المستقبلية»، موضحا أن «هذا لا يعني أنه سيتم حل جميع المشكلات بسرعة ودفعة واحدة. نحن نتفهم أنه لا بد من عملية ما، لكننا نعتقد أنه من الخطأ تأخير استئناف عملية المفاوضات السياسية». وردا على سؤال حول موقف أنقرة من الهدنة، قال الوزير الروسي إن تركيا عبرت عن دعمها لاتفاق الهدنة، مشيرا إلى تواصل الاتصالات مع الجانب التركي حول هذا الملف.
وفي هذا الإطار أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، أن الوزير سيرغي شويغو أجرى محادثات هاتفية مع نظيره التركي خلوصي أكار تركز البحث خلالها على الوضع حول قره باغ، فضلا عن التطرق إلى ملفات إقليمية تهم الطرفين.
إلى ذلك، رأى مناتسكانيان خلال المحادثات مع لافروف أن «أي عملية مفاوضات لن تكون مجدية من دون ضمان وقف كامل للقتال في قره باغ».
وشدد الوزير الأرميني على «الضرورة القصوى لوقف إطلاق النار، مع التركيز على أهمية الدور الروسي في ضمان ذلك»، مشيرا إلى أن يريفان مصرة على وضع آليات للتحقق من الالتزام بالهدنة في الإقليم. قال مناتسكانيان إن يريفان لا ترى تقدما ملموسا في اتفاق وقف النار في قره باغ، وأوضح أن «هذه مسألة محورية، علينا أن نجد من خلال الوساطة الروسية آليات مناسبة لضمان الالتزام بالهدنة». وعلى صعيد الحوارات السياسية قال الوزير إن «مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا هي الصيغة الوحيدة المقبولة للمفاوضات حول قره باغ».
وجرت المحادثات بين الوزيرين على خلفية تبادل واسع للاتهامات بخرق الهدنة، وفي حين أعلنت يريفان مواصلة القوات الأذرية قصف بعض المناطق على الخطوط الجنوبية للجبهة، اتهمت باكو الجانب الأرميني بتنفيذ قصف مركز على 3 بلدان حدودية، فضلا عن اتهام القوات الأرمينية باستهداف مدينة كنجة في عمق الأراضي الأذرية، وهو أمر نفت يريفان صحته.
وردا على حديث لافروف عن عدم الالتزام بالهدنة، أصدرت وزارة الدفاع الأذرية بيانا أكدت فيه أن «القوات المسلحة للجمهورية تتقيد بصرامة بوقف إطلاق النار في قره باغ». ووفقا للبيان المنشور على الموقع الإلكتروني للوزارة فإن «الجيش الأذري يلتزم بصرامة بوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية ولا يقوم بأي أنشطة قتالية نشطة».
ونفت الوزارة معطيات قدمتها السلطات المحلية في قره باغ حول قيام الجيش الأذري بتجميع قوات كبيرة لمهاجمة مدينة غادروت، وأن معارك ضارية وقعت في هذا الاتجاه. وقالت الوزارة: «دعونا نذكر أن غادروت تم تحريرها من الاحتلال (الأرميني) منذ عدة أيام». في غضون ذلك، قال الرئيس الأذري إلهام علييف إن اتفاق موسكو بشأن قره باغ «يلبي بالكامل مصالح أذربيجان». وأضاف في مقابلة تلفزيونية أن «الوثيقة التي تم توقيعها في موسكو اشتملت على لحظات سياسية مهمة جدا». موضحا أنها «أولا وقبل كل شيء تنص على تبادل جثث القتلى والأسرى، وهو ما أراده الجانب الأذري منذ البداية، بينما اعترضت عليه أرمينيا. بالإضافة إلى ذلك، هناك لحظات سياسية مهمة للغاية، بما في ذلك بند حول إعادة المفاوضات الجوهرية على أساس المبادئ الأساسية للتسوية، والتي تنص على تحرير الأراضي المحتلة وعودة النازحين إلى أماكن إقامتهم السابقة، وكذلك تثبيت أسس وشكل المفاوضات وفقا للقرارات الدولية». وشدد رئيس أذربيجان، على أهمية أن يكون لتركيا «دور نشط في تسوية نزاع قره باغ». وقال علييف: «هذا هو موقفنا. يجب أن تلعب تركيا بالتأكيد دورا نشطا في التسوية السياسية للنزاع».
في المقابل، قال فاغارشاك هاروتيونيان، كبير مستشاري رئيس الوزراء الأرميني، إن «سلطات أذربيجان، تحت ضغط مباشر من تركيا، تعرقل مهمة الوساطة الروسية في قره باغ». وزاد أن «باكو تحاول بهذه الطريقة زيادة فرص أنقرة في لعب دور مهم في تسوية النزاع». وزاد المستشار الأرميني أنه «يدور قتال عنيف حاليا، رغم اعتماد اتفاق وقف نار إنساني من خلال وساطة روسيا. وهذا يعني أن أنقرة تضغط على السلطات الأذرية بكل طريقة ممكنة. ويعرقل الجانب الأذري بدوره مهمة الوساطة الروسية، من أجل زيادة دور تركيا في تسوية النزاع».
باكو ويريفان تتبادلان اتهامات بخرق نظام وقف النار
باكو ويريفان تتبادلان اتهامات بخرق نظام وقف النار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة