ديڤيد ثيوليس لـ«الشرق الأوسط»: التمثيل عندي يبدأ من التاريخ غير المكتوب للشخصية

اهتمامه بالموسيقى قاده للتمثيل

ثيوليس في «باركسكين»
ثيوليس في «باركسكين»
TT

ديڤيد ثيوليس لـ«الشرق الأوسط»: التمثيل عندي يبدأ من التاريخ غير المكتوب للشخصية

ثيوليس في «باركسكين»
ثيوليس في «باركسكين»

تتم المقابلات المختلفة في عالم الميديا والفنون من مسافات آمنة جداً هذه الأيام. ليس على بعد مترين أو ثلاثة، ولا حتى عشرة أمتار، بل على بعد كيلومترات. وفي هذه المقابلة، مع الممثل البريطاني ديفيد ثيوليس، عبر القارات.
لمن ما زال لا يعرف هوية هذا الممثل وشأنه، فإن ثيوليس المولود قبل 57 سنة من المخضرمين في مجال التمثيل. ترعرع منفتحاً على الأدب والفن، فكتب الشعر وألّف الموسيقى، وانضم إلى فرقة موسيقية باسم «Door 66»، ثم دخل معهداً لدراسة الدراما، وتخرج منه سنة 1985، إنما بتوجه جديد… الآن، بات يرغب في أن يُصبح ممثلاً. ومن عام 1987، أخذ يظهر في الإعلانات التجارية، ثم باشر الظهور في أدوار تلفزيونية صغيرة من سنة 1988 فصاعداً.
وفي عام 1990، قام المخرج مايك لي بمنحه دور البطولة في «عار» (Naked)، بعدما كان ثيوليس قد ظهر تحت إدارته في دور صغير في فيلم «الحياة حلوة» (Life is Sweet). وارتفع نجم ثيوليس بصفته ممثلاً مختلفاً في أماراته وتعابيره وأدائه عن باقي زملائه. وشملت أفلامه في التسعينيات: «جزيرة دكتور مورو» و«دراغونهارت» و«سبع سنوات في التيبت». ولاحقاً، انضم سنة 2004 إلى ممثلي سلسلة أفلام «هاري بوتر». واستمر منوال عمله في تصاعد حتى خلال الحقبة التالية، فظهر كذلك في «نظرية الصفر» (2013) و«نظرية كل شيء» (2014)، كما في فيلم «ماكبث» (2015)، وتبعه بعد عامين بفيلم «ووندر وومان»، والآن هو واحد من ممثلي المسلسل التلفزيوني «Fargo».
وحالياً، هو أحد ممثلي سلسلة فيلمية أخرى، هي «Avatar» (آفاتار) الذي يلتقط إيقاعه بعد توقف قصري. وعلى الشاشة الصغيرة هو أحد ممثلي مسلسل «Barkskins». وعلى عكس سواه، لا يفكر ثيوليس فيما بعد هذين المسلسلين. «كلاهما سيأخذ مني عدة سنوات، فلم أفكر فيما سيلي!»، كما يقول.
وفيما يلي نص الحوار:
-- عن السيناريو ومشاكله
> شاهدت بعض حلقات مسلسل «باركسكين» الذي يتألف من مواقع زمنية ومكانية غريبة على المسلسلات التلفزيونية… جديد من نوعه…
- سعيد بأن أسمع ذلك، وقد سمعته من آخرين. أعتقد أن الغرابة كانت مهمّة أساسية من صانعيه. والكتاب إذا ما قرأته ستجده أيضاً غريباً؛ شخصياته تتشبّث بالمستحيل لكي تحافظ على استقلالها، في الوقت الذي تزحف فيه المدنية إلى حيث كانت قد قررت أن تعيش.
> ماذا تعني كلمة «باركسكين»؟
- اسم غير تقليدي لقاطعي الأشجار؛ الأشخاص الذين يعملون في الغابات، والذين بنوا قبل قرون ما نعرفه من حضارات، ومرّ التاريخ عليهم من دون اكتراث.
> ما الذي تغيّر من الكتاب إلى الشاشة بالنسبة إليك؟
- كثير مما ورد في الكتاب غير وارد في المسلسل، وكثير من هذا ليس وارداً في شخصيّتي. مثلاً، ما قرأته في السيناريو يختلف عما في الكتاب بالنسبة لخلفيّتي؛ أعني أنني أعيش في ذلك المكان النائي، ولدي ولد من امرأة من القبيلة التي تستوطن المكان، وهذا لم يكن موجوداً في الكتاب.
> عندما يحدث ذلك معك، أقصد عندما تجد أن بعض جوانب الشخصية ليست في الرواية، هل عليك أن تعتمد على تأليف خلفية خاصة بك؟
- طبعاً. السيناريو لا يدلف في تاريخ الشخصية إلا عندما تستدعي الحاجة. أما الممثل فعليه أن يبنى تاريخ شخصيّته لكي يتأقلم تماماً ما يقدّمه. لكن علاوة على ذلك، واجهتني صعوبة كبيرة عندما تم تصوير كثير من المشاهد الداخلية التي كان من المفترض بها أن تقع في المنزل الكبير الذي يعيش فيه خارج ذلك المنزل.
> لماذا؟
- لم يكن المنزل جاهزاً بعد؛ كان لا يزال قيد الإنشاء.
> ما تأثير ذلك عليك؟
- لم أكن أعلم أن المنزل كبير بهذا الحجم؛ لو كنت أعرف لسعيت صوب بلورة شخصيّتي على نحو مناسب أكثر للمكان. بالنسبة لي، كان ذلك بمثابة صدمة. في السينما، كل شيء جاهز قبل التصوير. في التلفزيون، لديهم منوال مختلف. قبل معرفتي حقيقة أنني لا أعيش في الأكواخ، بل في منزل كبير، أصبت بالهلع لأني كنت بنيت نفسي وخلفيّتي على نحو مختلف عما كان جديراً بي أن أفعل، ولو أنني كنت أعلم لمثلت الدور بانسياب أفضل… على ما أعتقد.
> لكن ذلك لم يؤثر سلباً أو إيجاباً على طريقتك في الأداء؛ لم ألحظ ذلك.
- لا أعتقد أنه أثر سلباً أو إيجاباً. كان لا بد أن انصهر في خلفية جديدة لا تظهر على الشاشة. التمثيل عندي لا يبدأ من اللقطة الأولى، بل من التاريخ غير المكتوب للشخصية. لا بد لي أن أؤلّف التفاصيل، مثل: متى جاء إلى كندا؟ لماذا اختار أن يعيش هناك؟ ما الذي وجهه لكي يعمل في حقل الأخشاب؟ أو لماذا اختار العيش في الغابات على العيش في المدن.
> هذه المسائل لا يحلّها، أو على الأقل يمهّد لها، السيناريو المكتوب للسينما؟
- نعم. ولا أقصد أن المسلسلات التلفزيونية لا تكترث للسيناريو، لكن سيناريو الفيلم يختلف لأن الفيلم مؤلف من ساعة ونصف أو ساعتين، وعليه أن يقول كل شيء وإلا فشل. هل قرأت الكتاب؟
> لا. وصلني متأخراً، وهو في نحو 700 صفحة؛ لم يكن هناك وقت لذلك.
- أفهم هذا تماماً. حتى أنا قرأته على نوع من الاستعجال، ثم قرأت الصفحات المائة الأولى، لأن الحلقات الأولى من هذا المسلسل مبنية على تلك الصفحات، بتأن وإمعان. الرواية مذهلة في الحقيقة، وتقع في القرن السابع عشر، عندما كانت كندا ما زالت أرضاً غير مطروقة؛ مدنها القليلة كانت مجرد محطات ومعسكرات.
-- شخصيات متعددة
> عندما كنت في مطلع عهدك بالعمل ممثلاً، هل كان لديك من بين الممثلين من تأثرت به؟
- عندما كنت أدرس الدراما، كنت أرغب في أن أتبع خطوات جون هيرت؛ كان بالنسبة لي «موديلاً» متميزاً بين الممثلين، وأعتقد لليوم أنه كان من أروع الممثلين.
> ظهرتما معاً في بعض أفلام «هاري بوتر»…
- نعم، التقينا خلال تلك الفترة.
> بعض الممثلين يجدون أنفسهم، وربما بسبب نوعية العروض التي يتلقونها، يكررون أدوارهم من فيلم لآخر، لكن أنت لا تفعل ذلك؛ لا أجدك في دورين متشابهين. ليس أنني شاهدت كل ما قمت بتمثيله، لكني أقصد أنك تبدو جديداً في كل مرّة.
- هذا جيد. كلامك يجعلني سعيداً لأني دائماً ما أختار الأدوار التي لا أكرر فيها نفسي. أحاول على أي حال لأنه في بعض الحالات تعرف أنك تريد تمثيل هذا الدور الذي يشبه دوراً سابقاً.
> هل لعبت دوراً كان قريباً جداً منك؟
- لم أفعل ذلك إلا في أفلام قليلة جداً. المفترض بالممثل أن يبتعد عن شخصيته، وليس أن يقترب منها. أحد أدواري الأولى التي كانت شبيهة بشخصيتي إلى حد كبير كان فيلمي الأول «منبعث» (Resurrected) الذي دار حول حرب فوكلاندز، وكنت في الحادية والعشرين من عمري.
> من المهم جداً أن تكون هناك تلك المسافة النفسية والشخصية بين ما يؤديه الممثل وبين شخصيته. صحيح؟
- طبعاً. كلما ابتعد عن شخصيته الخاصة ارتفع التحدي الذي يواجهه، في رأيي. من المثير كثيراً أن يؤدي الممثل شخصية مختلفة قدر الإمكان. ليس الأمر السهل طبعاً، لكن صعوبته جزء مما هو مثير.
> نلت جائزة مهرجان «كان»، كأفضل ممثل عن فيلم «عار». كيف شعرت حينها خصوصاً أنها كانت جائزتك الأولى كممثل؟
- ماذا تريدني أن أشعر؟ دوري في هذا الفيلم منحني ثلاث جوائز، أولها من «كان»، كما ذكرت. شعرت بالفرح الطاغي. وعندما صعدت المسرح لتسلم الجائزة، أردت أن أقول أكثر مما قلت. فكّرت في أن أصف كيف كان هذا الفوز نتيجة تعاوني مع المخرج مايك لي، وكيف توصلت إلى تأدية دوري على النحو الذي في الفيلم. لكني اختصرت.
> هو من الأفلام المهمّة في تاريخك، ما الأفلام الأخرى المهمّة من وجهة نظرك؟
- «عار» كان أول دور مهم بالنسبة لي. الأدوار السابقة كانت مثل الدرجات التي تصعدها لكي تجد الدور الأكبر بانتظارك. الدور الذي يفتح الباب على المزيد، على السبب الذي من أجله رغبت في أن تصبح ممثلاً. أحب أدواري في «دراغونهارت» و«سبع سنوات في التيبت» و«تايملاين»… «ذَ بيغ ليبوڤسكي» مثلاً…
> أخرجت فيلماً واحداً في حياتك، ثم توقفت.
- نعم. (Cheeky)، سنة 2003.
> لماذا أخرجته؟ ولماذا لم تكمل؟
- أردت في تلك الأثناء أن أقوم بتجربة نفسي وراء الكاميرا، لكني كنت أطمح لفيلم آخر عوض هذه البداية. أساساً، كتبت السيناريو على أساس أن يقوم مخرج ما بتحقيقه، لكن المشروع آل إلي، ولم أستمتع به مطلقاً. كان علي أن أمثّل الدور الرئيسي أيضاً، وهذا ما قمت به، لكن لهذا السبب شعرت بالإرهاق. لم تكن تجربة مفيدة، ولذلك لم أكررها.
> قرأت أنك أردت فيلماً مختلفاً شبيهاً بأفلام لوي بونييل. صحيح؟
- نعم. كنت أريد استعارة طريقته في مزج الحكاية بمواقف سوريالية. الفيلم كوميدي، واعتقدت أن ذلك سيكون سهلاً عليّ؛ الحقيقة لم يكن.
-- رواية وموسيقى
> تلتحق بفريق «أڤاتار» قريباً…
- نعم، خلال أيام.
> لكن سؤالي كيف قضيت الوقت الذي لزمت فيه المنزل بسبب ظروف الوباء؟
- كنت قد بدأت كتابة رواية، والواقع أني أنجزتها قبل الحجر الذي فرضته الظروف علينا. هي روايتي الثانية، وقد بدأت كتابتها قبل سنة، وهي الآن في طريقها للنشر. خلال الفترة التي نتحدث فيها، راجعتها قليلاً قبل إرسالها إلى الناشر، ثم وجدت نفسي أعيش في وقت ضائع. قررت أن أكتب رواية ثالثة، لكني أمضيت معظم الوقت أبحث عن فكرة جديدة، والآن ليس لدي الوقت للبدء فيها لأن علي أن أعمل مجدداً.
> حين تجلس في مواجهة التلفزيون، هل تفكر بالطعام أيضاً؟
- (يضحك)… لم أكن يوماً طباخاً ماهراً، لكن هذا لم يمنعني من التجربة. تريد أن تبتدع شيئاً فتتجه إلى المطبخ، وتبدأ العمل على ما تعرف أنك لا تجيده (يضحك). من حسن الحظ أن زوجتي كانت تطردني من المطبخ دائماً؛ اكتفيت بأن أصبحت مستهلكاً فقط.
> فنياً، بدأت موسيقياً. هل ما زالت الموسيقى مهمّة عندك اليوم، كما كانت بالأمس؟
- نعم. مهمّة جداً جداً في حياتي. مارست العزف في فرقة هارد روك في أواخر السبعينيات. هكذا، بدأت الاهتمام بالفنون، والموسيقى قادتني للتمثيل لأنني ورفيقاي في الفرقة فكّرنا بالانضمام إلى معهد درامي نتيجة اهتمامنا بالموسيقى. دخلنا جميعاً مدرسة الدراما، ثم التقينا لنبحث في المستقبل. رفيقاي اقترحا أن نعود للعزف من جديد، وتقديم الحفلات. ومن يدري، قد نصبح نجوم غناء، لكني لم أوافق. كان حب التمثيل قد جذبني تماماً. كنت قد تعرفت خلال دراستي على تشيخوف وبيكيت ووايلد، ولم يعد من السهل أن أتراجع عن عالم هؤلاء، وعن عالم الأدب كله. أصبحت داخله. لكن علاقتي بالموسيقى لم تتوقف. أحياناً كثيرة، أجلس وغيتاري وأعزف.


مقالات ذات صلة

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.