هجمات الحوثيين في الحديدة تدخل أسبوعها الثاني... ومساعٍ أممية للتهدئة

القوات الحكومية تتهم الجماعة بخرق الهدنة وتؤكد تصديها للتصعيد

مقاتل يسير أمام آلية عسكرية في مواقع القوات الحكومية اليمنية التي تصد الهجمات الحوثية في الحديدة (إ.ب.أ)
مقاتل يسير أمام آلية عسكرية في مواقع القوات الحكومية اليمنية التي تصد الهجمات الحوثية في الحديدة (إ.ب.أ)
TT

هجمات الحوثيين في الحديدة تدخل أسبوعها الثاني... ومساعٍ أممية للتهدئة

مقاتل يسير أمام آلية عسكرية في مواقع القوات الحكومية اليمنية التي تصد الهجمات الحوثية في الحديدة (إ.ب.أ)
مقاتل يسير أمام آلية عسكرية في مواقع القوات الحكومية اليمنية التي تصد الهجمات الحوثية في الحديدة (إ.ب.أ)

دخلت هجمات الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران في محافظة الحديدة، حيث الساحل الغربي لليمن، أمس (الجمعة)، أسبوعها الثاني في أكثر من جبهة، وسط مساعٍ أممية لفرض التهدئة، والعودة إلى الالتزام بدعم جهود البعثة الأممية (أونمها) المتوقفة عن العمل منذ أشهر.
وفي الوقت الذي أكدت فيه القوات اليمنية المشتركة التابعة للحكومة الشرعية استمرارها في صد الهجمات المتواصلة لعناصر الجماعة الحوثية، كشف المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، أنه عقد لقاءً افتراضياَ مع رئيس مجلس حكم الانقلاب، مهدي المشاط.
وذكر مكتب غريفيث، في تغريدة على «تويتر»، أن المبعوث عقد لقاء عن بعد مع المشاط، وكرر دعوته إلى وقف القتال في الحديدة، وناقش معه «الحاجة الملحة لإيجاد حل لخزان صافر، وأزمة الوقود، ومسار الإعلان المشترك».
وعلى وقع التصعيد الحوثي في محيط مدينة الحديدة وريفها الجنوبي، كان غريفيث قد عبر في وقت سابق عن قلقه «البالغ»، مشيراً إلى التقارير الواردة حول وقوع عدد من الضحايا المدنيين، بمن فيهم نساء وأطفال.
وقال إن «التصعيد العسكري لا يمثِّل انتهاكاً لاتفاقية وقف إطلاق النَّار في الحديدة فحسب، بل يتعارض مع روح المفاوضات القائمة التي ترعاها الأمم المتحدة للتوصّل إلى وقف لإطلاق النَّار في أنحاء اليمن كافة، وتوفير تدابير إنسانية واقتصادية، واستئناف العملية السياسية».
وكشف المبعوث الأممي أنه يعمل «مع جميع الأطراف لوقف القتال فوراً، واحترام التزاماتهم في اتفاق ستوكهولم، والتفاعل مع آليات التنفيذ المشتركة لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة».
وفي السياق نفسه، جددت الحكومة اليمنية ترحيبها بالدعوة الأممية، لكنها أشارت إلى أن الميليشيات الحوثية هي التي تتحمل مسؤولية التصعيد الرامي إلى نسف الهدنة، بحسب ما جاء في بيان رسمي للخارجية اليمنية.
وجاء في البيان أن «الحكومة اليمنية حرصت -وتحرص- على الالتزام بما عليها منذ التوصل لاتفاق ستوكهولم، في ديسمبر (كانون الأول) 2018، وتفاعلت بإيجابية مع كل الدعوات والمبادرات، بما في ذلك دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في مارس (آذار) 2020».
وشدد بيان الخارجية على أن «التصعيد الأخير لميليشيا الحوثي الانقلابية في الحديدة، واستمرار انتهاكاتها الحالية والسابقة لوقف إطلاق النار، واستخدامها للحديدة منصة لإطلاق الطائرات المسيرة المفخخة على الأحياء المدنية، والاستهداف الهمجي للمنشآت العامة والخاصة، وتعطيل وتقييد عمل بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، هو ما شكل خرقاً واضحاً وتعدياً على مقتضيات اتفاق الحديدة».
وميدانياً، في السياق ذاته، أعلن الإعلام العسكري أن القوات المشتركة كسرت، أمس (الجمعة)، هجوماً مسلحاً واسعاً شنته مجاميع تابعة لميليشيات الحوثي في الدريهمي (جنوب الحديدة)، وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
وأوضحت المصادر العسكرية أن قوات اللواء الأول عمالقة خاضت اشتباكات مسلحة عنيفة مع مسلحي ميليشيات الحوثي في قطاع الدريهمي، استمرت لساعات، واستخدِمت فيها مختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وأن عشرات المسلحين الحوثيين لقوا مصرعهم، وأصيب آخرون، بينهم قيادات ميدانية، في أثناء تصدي العمالقة للهجوم.
وقالت المصادر إن القوات المشتركة أخمدت مصادر نيران حوثية استهدفت أحياء سكنية في مديرية التحيتا (جنوب الحديدة) بأنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ضمن انتهاكها للهدنة الأممية، في حين صدت القوات محاولات تسلل حوثية في قطاع المطار وحي المنظر بمدينة الحديدة.
وبينت المصادر أن عناصر من الميليشيات الحوثية حاولت الاقتراب من خطوط التماس في قطاع المطار وحي المنظر، داخل مدينة الحديدة، وتم التصدي لها بكل قوة واستبسال، بحسب ما جاء في بلاغ للمركز الإعلامي لألوية العمالقة.
وتعليقاً على التصعيد الحوثي، قال قائد ألوية العمالقة، العميد عبد الرحمن أبو زرعة المحرمي: «إن ميليشيات الحوثي خرقت الهدنة الأممية. وعند تلقيها الهزائم والخسائر الفادحة، وتلقينها الدروس القاسية على أيدي القوات المشتركة، لجأت الميليشيات للمطالبة بالعودة إلى الالتزام بالهدنة والدعوة إلى السلام التي ترعاها الأمم المتحدة».
ونقل المركز الإعلامي لقوات ألوية العمالقة عن المحرمي قوله: «إن الميليشيات ارتكبت الخروق المستمرة للهدنة الأممية منذ لحظة إعلانها، فقد لحقها تصعيد خطير بشن الهجمات المسلحة، ومحاولة السيطرة على مواقع ومدن، ومنها الدريهمي».
وأكد أن «القوات المشتركة استمرت ملتزمة بالهدنة الأممية، وبعملية السلام التي لولا إعلانها لكانت قد تحررت مدينة الحديدة»، بحسب قوله.
وأضاف: «بعد الاختراق الخطير من قبل الميليشيات، وجه بالرد الحازم من قبل القوات المشتركة التي صبرت منذ إعلان اتفاقية استوكهولم، وظلّت ملتزمة بعدم التصعيد، وما تزال صابرة».
وتتهم القوات الحكومية الجماعة الحوثية بأنها تسعى لنسف الهدنة الأممية الهشة المبرمة بموجب اتفاق ستوكهولم أواخر 2018، من خلال آلاف الخروق التي ارتكبتها طيلة عامين، خاصة بعد أن فشلت خطة الميليشيات في الزحف نحو مدينة مأرب في الأسابيع الماضية.
وتهدف الجماعة الانقلابية في أكثر محاولاتها إلى فك الحصار عن المئات من عناصرها المحاصرين في مركز مديرية الدريهمي، حيث تسيطر القوات المشتركة على أغلب مناطق المديرية الواقعة جنوب مدينة الحديدة.
وتشير تقارير الإعلام العسكري للقوات المشتركة إلى أن الجماعة، رغم تصعيدها غير المسبوق، فشلت في فك الحصار عن عناصرها المحاصرين، وتكبدت مئات القتلى والجرحى خلال أسبوع منذ تصاعد المواجهات.
إلى ذلك، وعلى صعيد ميداني منفصل، أفاد المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية بأن الفرق الهندسية التابعة لقوات الجيش في المنطقة العسكرية السادسة تمكنت، الجمعة، من انتزاع ما يقارب 300 لغم من المناطق المحررة في محافظة الجوف، كانت قد زرعتها ميليشيات الحوثي، وتنوعت بين ألغام مضادة للأفراد وألغام عربات وعبوات ناسفة.
ونقل المركز عن مصادر ميدانية أن المعارك الأخيرة أسفرت عن خسائر بشرية ومادية في صفوف الميليشيات، وأن مجاميع حوثية تركت مواقعها ولاذت بالفرار باتجاه اللبنات ومدينة الحزم، مخلفة جثث قتلاها وأسلحتها.
وبحسب المصادر نفسها، واصلت قوات الجيش اليمني، مسنودة بالمقاومة الشعبية وطيران تحالف دعم الشرعية، تقدمها في مختلف جبهات القتال بمحافظة الجوف لليوم الرابع على التوالي، وسط انهيار واسع وخسائر كبيرة في صفوف الانقلابيين.
وفي اليومين الماضيين، كانت القوات الحكومية قد استعادت مساحات واسعة باتجاه جبل صبرين وبير المرازيق بمحافظة الجوف، في سياق سعيها للتقدم لتحرير مركز المحافظة، حيث مدينة الحزم.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.