الأسواق المالية اللبنانية تستجيب بخجل لتحريك الملف الحكومي

التداول الإيجابي انحصر بأسهم «سوليدير»

TT

الأسواق المالية اللبنانية تستجيب بخجل لتحريك الملف الحكومي

ساد الترقب في أسواق القطع الموازية وسط اضطراب في التعاملات من دون الصمود على اتجاه واحد، فيما انحصر التداول الإيجابي المتواصل من قبل بأسهم شركة سوليدير في بورصة بيروت.
وريثما تتضح خلفية الحدث المستجد بعد الحديث التلفزيوني للرئيس سعد الحريري وإمكانية تحوله إلى حركة فاعلة في المياه الداخلية الراكدة بعد التعثر السابق للمبادرة الفرنسية، يؤكد خبراء أن الفشل الذي أنتجته التجارب العقيمة لوقف التدهور وتناقض المقاربات بشأن خطة التعافي الحكومية السابقة، أفضى إلى تآكل الثقة بأداء الدولة ومؤسساتها وبالمسؤولين والأحزاب وسيطرة عامل «عدم اليقين» في توجيه دفة التعاملات وبتصرفات المتعاملين والتي يطغى عليها العامل النفسي أحيانا.
نقديا، برز طلب محلي عند النزول المحفز بالعامل «النفسي» للدولار من سقف 8900 ليرة إلى نحو 8600 ليرة في التداولات الفورية صباحا، ثم ارتد لاحقا ليراوح بين الحدين الأدنى والأعلى في تعاملات حذرة ومحدودة. وهو ما يبين، بحسب متعاملين، مدى عمق انعدام «الثقة» بالتحركات السياسية، ما لم تتحول فعلا إلى مبادرة مكتملة العناصر وتحظى بدعم داخلي وخارجي صريح يتماهى مع الجهود الفرنسية والوعود بتسريع ملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وتعزيزه بتحريك التزامات مؤتمر سيدر وعقد مؤتمر جديد الشهر المقبل لحشد الدعم الخارجي الإغاثي والمساهم بإعادة إعمار الأحياء التي تدمرت أو تضررت جراء الانفجار في المرفأ.
وعلى الجبهة النقدية أيضا، مدد مصرف لبنان العمل بتدبير اعتماد سعر صرف السحوبات بالدولار وفقاً للسعر المعتمد على المنصة الإلكترونية لديه والبالغ حالياً 3900 ليرة للدولار. علما بأن هذه السحوبات مقيدة أصلاً بشرائح شهرية من قبل المصارف تصل إلى 5 آلاف دولار للحسابات الكبيرة التي تفوق المليون دولار وتتدنى نزولا حتى 100 دولار فقط.
ويتكبد أصحاب هذه الحسابات شبه المجمدة لدى البنوك بإجمالي يناهز 113 مليار دولار، خسارة فعلية لقاء كل عملية سحب، قياساً بالسعر الواقعي للدولار في السوق الموازية والذي يفوق حاليا متوسط 8500 ليرة. إذ يتم الصرف بسعر المنصة الذي يماثل أقل من 45 في المائة. وبعملية حسابية بسيطة، فإن سحب كل 100 دولار، تمكن صاحب الحساب من استبدالها بنحو 43 دولار فقط من النقد الورقي (البنكنوت).
ولم تظهر علامات ذات أهمية على حركة أسعار سندات الدين الحكومية المتداولة محليا وخارجيا. وبدت الأسواق المالية عموما في حال الحذر الشديد والمتابعة لمجرى التطورات الداخلية عقب إعلان الرئيس سعد الحريري ترشحه «الطبيعي» لتأليف الحكومة الجديدة.
وعكست تداولات خارجية على شرائح من سندات «اليوروبوندز» حقيقة انتشار مسببات الإحباط في أوساط المستثمرين الدوليين، كما هي متفشية في الأوساط المالية والمصرفية المحلية. ومن علاماتها المستجدة تواصل هبوط سعر إصدار يستحق في ربيع العام المقبل بنسبة 1.3 في المائة أمس، ليصل إلى 17.5 سنت لكل دولار، مقتربا من أدنى مستوياته هذا العام عند 16.11 سنت. علما بأن السند عينه كان بلغ الحد الأعلى له، على مدار 52 أسبوعا، عند مستوى 88.13 سنت، وفقا لسجل بيانات بورصة لوكسمبورغ.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.