«ناسا» تدعم شركة مستحضرات تجميل!

تتأهب لتصوير فيلم دعائي على متن محطة الفضاء الدولية لشركة «إيستيه لاودر»

محطة الفضاء الدولية حيث سيتم تصوير فيلم دعائي (غيتي)
محطة الفضاء الدولية حيث سيتم تصوير فيلم دعائي (غيتي)
TT

«ناسا» تدعم شركة مستحضرات تجميل!

محطة الفضاء الدولية حيث سيتم تصوير فيلم دعائي (غيتي)
محطة الفضاء الدولية حيث سيتم تصوير فيلم دعائي (غيتي)

أثارت التحركات نحو تنفيذ نشاطات تجارية على متن محطة الفضاء الدولية، أبرزها خطة لتصوير إعلان لصالح شركة مستحضرات التجميل العملاقة «إيستيه لاودر»، المخاوف من أن وكالة «ناسا» تتحول بعيداً للغاية عن أجندتها العلمية.
في هذا الصدد، صرح فيل مكالستر، مدير شؤون رحلات الفضاء التجارية داخل الوكالة، الأسبوع الماضي، بأن: «شعر بعض الناس بالدهشة عندما دعمت (ناسا) مبادرة تسويقية على متن محطة الفضاء الدولية، بيد أن هذا تحديداً السبب وراء اعتقادنا بأن ذلك مشروع جيد، جدير بتنفيذه على متن محطة الفضاء الدولية. إننا بحاجة لتوسيع أفق الناس حيال ما يمكننا إنجازه في الفضاء من خلال هذه المحطة».
جدير بالذكر في هذا الصدد أن القانون الذي يحكم «ناسا» يعطي الأولوية لـ«الاستغلال التجاري الكامل للفضاء»، عن طريق تعزيز المعرفة البشرية وظواهر الغلاف الجوي والفضاء».
وربما يبدو ذلك مجرد تحذلق قانوني للبعض، لذا فإنه من أجل مطالعة مثال أوضح ينصح بالاطلاع على دراسة التأثير الاقتصادي لـ«ناسا» خلال عام 2019، التي أشارت إلى أن وكالة الفضاء دعمت 312630 وظيفة عبر أرجاء الولايات المتحدة، بينهم موظفون حكوميون ومقاولون، بجانب وظائف يخلقها إنفاق الوكالة على نحو غير مباشر.
وعند إمعان النظر في التقرير الذي يبرز التأثيرات الاقتصادية لوكالة «ناسا» على مستوى الولايات، يتضح السر وراء الاهتمام الشديد الذي يبديه أعضاء مجلس الشيوخ إزاء المنشآت التابعة للوكالة القائمة داخل الولايات التي يمثلونها.
علاوة على ذلك، شدد التقرير على استراتيجية «ناسا» التي يطلق عليها «من القمر إلى المريخ»، والتي تتضمن خططاً لعودة البشر إلى القمر في إطار برنامج «أرتيميس»، والتي كان لها التأثير الاقتصادي الأكبر. ومن الممكن أن يعين ذلك في إقناع أعضاء الكونغرس المترددين في تخصيص الـ28 مليار دولار التي تحتاجها الوكالة لتنفيذ مهامها الفضائية المخطط لها.
ومع هذا، فإن كثيراً من ذلك التأثير لا يخلو من هدر أيضاً. على سبيل المثال، يعتبر «أرتيميس» واحداً من أكثر برامج «ناسا» التي تتسم بالمغالاة في موازنتها، والتي تتضمن مئات ملايين الدولارات في صورة مدفوعات حوافز، والتي يرى مراجعون ماليون حكوميون أنها لم يكن ينبغي دفعها لمقاولين أمثال شركتي «بوينغ» و«لوكهيد مارتن» بالنظر إلى إخفاقهما في توفير المنتجات المتفق عليها في الموعد المحدد.
وعند النظر إلى التكلفة المدعومة لمهمة «إيستيه لاودر»، نجد أن شركة مستحضرات التجميل ستدفع 128 ألف دولار مقابل خدمات من المحتمل أن تكلف وكالة الفضاء ما يقدر بـ250 ألف دولار، حسب تقديرك لتكلفة وقت عمل رائد الفضاء. ومع ذلك، فإن هذا الفارق لا يرقى لقيمة ولو مجرد خطأ تقريبي في برامج «ناسا» التقليدية.
إذن، لماذا الجدال؟ لا يتعلق الأمر بكون مسألة تنفيذ إعلان أمراً جديداً بالضرورة، أو لأن الإعلانات يجري النظر إليها باعتبارها أمراً يحط من سمعة الوكالة، مثل إعلان مخبوزات فندق «هيلتون» التي جرى تصويرها على متن محطة الفضاء الدولية العام الماضي، أو إعلان «بيتزا هات» عام 2001.
في الواقع، تلقت تجربة «إيستيه لاودر» الاستجابة الأكثر سلبية؛ لأن وصول وسائل نقل فضائية خاصة، يعني أن العمل في المدار الأرضي المنخفض تحول من كونه حلماً إلى واقع.
وبالأمس، أعلن جيم بريدينستاين، مدير وكالة «ناسا»، إن الوكالة ستشرع في برنامج لدعم رواد الفضاء الذين يعملون على نحو خاص، ويرغبون في دفع أموال مقابل الذهاب إلى محطة الفضاء الدولية، مشيراً إلى تقارير حول إمكانية انضمام القائمين على فيلم ضخم من إنتاج «هوليوود» بطولة النجم توم كروز.
واليوم، يبدو برنامج الفضاء الأميركي منقسماً بين أولئك الذين يتوقعون أن يستمر مجمع الصناعات الفضائية في المضي قدماً ببطء، وأولئك أمثال بريدينستاين ومكالستر الذين يخشون أنه في المستقبل لن يوفر أعضاء الكونغرس المليارات اللازمة لدعم برنامج الفضاء.
وعن ذلك، قال مكالستر: «من غير الممكن أن تستمر محطة الفضاء الدولية في العمل إلى الأبد. سيحين حتماً وقت تتقاعد فيه عن العمل. ومن أجل ضمان أن تصبح مواقع أخرى مستدامة، سنحتاج إلى عملاء بخلاف (ناسا) لدعم عمل هذه المواقع».
- خدمة «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

روبوت «ناسا» يأخذ عيّنة من صخرة مريخية قد تدل على وجود جراثيم قديمة

علوم صخرة تسمَّى «شلالات تشيافا» في فوهة جيزيرو على سطح المريخ (أ.ف.ب)

روبوت «ناسا» يأخذ عيّنة من صخرة مريخية قد تدل على وجود جراثيم قديمة

حقق الروبوت الجوال «برسفيرنس» التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) إنجازاً مهماً بأَخْذِه عيّنات من صخرة مريخية قد تكون محتوية على جراثيم متحجرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم صاروخ «فالكون 9» (شركة «سبيس إكس»)

«سبيس إكس» و«ناسا» تطلقان مهمة «كرو-9» إلى الفضاء الشهر المقبل

قالت شركة «سبيس إكس» ووكالة «ناسا»، الجمعة، إنهما تعتزمان إطلاق مهمة «كرو-9» التابعة لـ«ناسا» إلى محطة الفضاء الدولية في موعد لا يتجاوز 18 أغسطس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الكون لا يبخل بالمفاجآت (أ.ب)

رصدُ كوكب مشتري «آخر» يحتاج إلى قرن ليدور حول نجمه

قُطره تقريباً مثل قُطر المشتري، لكنه يبلغ 6 أضعاف كتلته. كما أنّ غلافه الجوي غنيّ بالهيدروجين مثل المشتري أيضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق ألغاز ومفاجآت (رويترز)

أنفاق وكهوف تحت سطح القمر يترقّب الإنسان استيطانها

دلائل ظهرت الآن تؤكد أنّ زوّار سطح القمر قد يتمكّنون يوماً من استكشافه من الداخل، بل يعيشون في باطنه ويعملون أيضاً.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
تكنولوجيا تظهر هذه الصورة غير المؤرخة الصادرة عن وكالة «ناسا» التي تم إصدارها في 17 يوليو 2024 مسبار «فايبر» التابع لـ«ناسا» (أ.ف.ب)

بسبب تكلفته الباهظة... «ناسا» توقف تطوير مسبار «فايبر» القمري

أعلنت وكالة «ناسا» اليوم (الأربعاء)، أنها أوقفت تطوير مسبارها الجوال «فايبر (Viper)»، الذي كان من المقرر أن يستكشف القطب الجنوبي للقمر بحثاً عن الماء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».