«الحرب على الجوع» تقود برنامج الأغذية العالمي للفوز بنوبل للسلام

طائرة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي تسقط مساعدات غذائية بالقرب من قرية في جنوب السودان (أ.ف.ب)
طائرة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي تسقط مساعدات غذائية بالقرب من قرية في جنوب السودان (أ.ف.ب)
TT

«الحرب على الجوع» تقود برنامج الأغذية العالمي للفوز بنوبل للسلام

طائرة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي تسقط مساعدات غذائية بالقرب من قرية في جنوب السودان (أ.ف.ب)
طائرة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي تسقط مساعدات غذائية بالقرب من قرية في جنوب السودان (أ.ف.ب)

توجت جائزة نوبل للسلام، اليوم (الجمعة)، جهود برنامج الأغذية العالمي لتوفير الطعام إلى عشرات ملايين الأشخاص لمكافحة الجوع، «سلاح الحرب» المخيف، في العالم والذي يتوقع أن تتسع رقعته بسبب وباء «كوفيد - 19»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ويوزّع البرنامج مساعداته مستعيناً بمروحيات أو على ظهور فيلة أو جمال ويشكّل «أكبر منظمة إنسانية» وضرورة كبرى، إذ إن 690 مليون شخص، وفق تقديراته، كانوا يعانون من نقص مزمن في التغذية في 2019، أيْ شخص من كل 11 في العالم، ويُرجّح أن يرتفع هذا العدد هذه السنة بسبب وباء «كوفيد - 19».
وقالت رئيسة لجنة نوبل، بيريت رايس أندرسن، إن برنامج الأغذية العالمي كوفئ على «جهوده لمحاربة الجوع ومساهمته في تحسين الظروف لإحلال السلام في المناطق التي تشهد نزاعات، ولكونه محركاً للجهود المبذولة للحؤول دون استخدام الجوع كسلاح حرب».
وقال البرنامج في تغريدة تعليقاً على نيله الجائزة: «السلام والقضاء على الجوع متلازمان»، فيما قال مديره العام الأميركي ديفيد بيزلي: «يشرفنا نيل جائزة نوبل للسلام، هذا اعتراف رائع بالتزام أسرة البرنامج الذي يعمل يومياً على استئصال الفقر في أكثر من 80 بلداً. أنا عاجز عن الكلام للمرة الأولى في حياتي».
وأسّس برنامج الأغذية العالمي عام 1961 ومقره في روما وتموله بالكامل تبرعات طوعية، ويؤكد البرنامج أنه وزع 15 مليار وجبة طعام وساعد 97 مليون شخص في 88 بلداً العام الماضي.
إلا أن هذا الرقم الهائل لا يشكل سوى جزء ضئيل من الحاجات الإجمالية. ورغم التقدم المسجل في السنوات الثلاث الأخيرة يبدو أن هدف القضاء على الفقر الذي حددته الأمم المتحدة بحلول 2030 بعيد المنال في حال استمرت الميول الحالية، على ما يفيد خبراء، وغالباً ما تشكّل النساء والأطفال أكثر الفئات ضعفاً.
وقد تكون الحرب، العدوة المعلنة لنوبل السلام، سبباً للجوع أو إحدى عواقبه، فالأشخاص المقيمون في دول تشهد نزاعات أكثر عُرضة لنقص التغذية، على ما تفيد المنظمة العالمية.
وقال المدير العام للبرنامج في 21 سبتمبر (أيلول): «ما من ألف طريقة للتحرك، السبيل الوحيد للقضاء على الجوع هو وضع حد للنزاعات».
وتلبد الأفق العالمي أكثر خلال السنة الحالية مع الصدمة الصحية والاقتصادية التي خلفها وباء «كوفيد - 19»، إذ تسبب بخسائر على صعيد المداخيل وأدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وأثّر سلباً على سلاسل التموين.
وقال بيزلي في أبريل (نيسان): «قد نواجه مجاعات عدة هائلة في غضون أشهر قليلة. بانتظار توافر لقاح طبي يبقى الغذاء اللقاح الأفضل لمكافحة الفوضى».
وذكرت الأمم المتحدة في تقرير أصدرته في يوليو (تموز) أن الركود العالمي قد يُغرق في الجوع 83 إلى 132 مليون شخص إضافي.
وهي المرة الثانية عشرة التي تمنح فيها جائزة نوبل السلام إلى هيئة أو شخصية من الأمم المتحدة أو مرتبطة بالمنظمة الدولية.
وقد تؤدي الجائحة إلى تغير جذري في طريقة تسليم الجائزة، ففي حال سمح الوضع الصحي بذلك ستسلم الجائزة إلى البرنامج مع ميدالية وعشرة ملايين كرونة (نحو 950 ألف يورو) خلال مراسم محدودة في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) في أوسلو أو عن بُعد بالوسائل الرقمية إذا لم يتسنّ ذلك.


مقالات ذات صلة

«نوبل السلام» لمنظمة يابانية مناهضة لـ«النووي»

يوميات الشرق توشيوكي ميماكي الرئيس المشارك لمنظمة «نيهون هيدانكيو» (جابان تايمز)

«نوبل السلام» لمنظمة يابانية مناهضة لـ«النووي»

مُنحت «جائزة نوبل للسلام» لعام 2024 لمنظمة «نيهون هيدانكيو» اليابانية المناهضة للأسلحة النووية والمعروفة أيضاً باسم «هيباكوشا».

«الشرق الأوسط» (أوسلو - القاهرة)
أوروبا جائزة نوبل للسلام (رويترز) play-circle 00:46

فوز منظمة «نيهون هيدانكيو» بجائزة نوبل للسلام

فازت منظمة «نيهون هيدانكيو» اليابانية، وهي حركة شعبية من الناجين من القنبلتين الذريتين في هيروشيما وناغاساكي، بجائزة نوبل للسلام اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
آسيا محمد يونس يحمل باقة ورد لدى وصوله إلى مطار دكا الخميس (أ.ف.ب)

محمد يونس الحائز جائزة نوبل للسلام... رئيساً لحكومة بنغلاديش الانتقالية

أدى محمد يونس، الحائز جائزة نوبل للسلام، اليمين الدستورية رئيساً لحكومة انتقالية لبنغلاديش، الخميس.

آسيا الخبير الاقتصادي محمد يونس في 2016 (أ.ب)

محمد يونس... «مصرفي الفقراء» الذي ينتظره متظاهرو بنغلاديش

يضغط الطلاب الذين نظّموا الاحتجاجات في بنغلاديش من أجل إشراف محمد يونس -الحائز جائزة «نوبل»- على الحكومة المؤقتة.

«الشرق الأوسط» (دكا)
يوميات الشرق الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

تقرير: ماسك وأسانج مرشحان لجائزة نوبل للسلام

ذكرت مجلة «بوليتيكو» الأميركية أن رجل الأعمال إيلون ماسك والصحافي جوليان أسانج رشحا لجائزة نوبل للسلام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.