جائزة نوبل للطب 2020... جهود اكتشاف التهاب الكبد الفيروسي «سي»

جائزة نوبل للطب 2020... جهود اكتشاف التهاب الكبد الفيروسي «سي»
TT

جائزة نوبل للطب 2020... جهود اكتشاف التهاب الكبد الفيروسي «سي»

جائزة نوبل للطب 2020... جهود اكتشاف التهاب الكبد الفيروسي «سي»

فاز علماء الفيروسات الذين اكتشفوا التهاب الكبد سي بجائزة نوبل في الطب لعام 2020. والفائزون هم: هارفي ألتر من المعاهد الوطنية الأميركية للصحة في بيثيسدا بولاية ماريلاند، ومايكل هوتون من جامعة ألبرتا، وتشارلز رايس من جامعة روكفلر في مدينة نيويورك. وسيشترك الفائزون في جائزة قدرها 10 ملايين كرونة (1.1 مليون دولار أميركي). ومهّد عملهم في تحديد ووصف هذا الفيروس عام 1989. الطريق لتطوير علاجات فعالة ومتوفرة حالياً ضد هذه العدوى الفيروسية التي تسبب مئات الآلاف من الوفيات سنوياً. وتقدر منظمة الصحة العالمية (WHO) أن 71 مليون شخص في جميع أنحاء العالم مصابون بشكل مزمن بالتهاب الكبد سي، والذي يسبب ما يقرب من 400 ألف حالة وفاة سنوياً، معظمها من تليف الكبد وسرطان الكبد.
وعلقت الدكتورة إيلي بارنز، التي تدرس طب الكبد وعلم المناعة في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة،: «لقد وصلنا إلى نقطة يمكننا فيها علاج معظم المصابين».
وفي بداية القصة في السبعينيات، درس ألتر دور نقل الدم في انتشار الإصابات بالتهاب الكبد. وكانت أعمال بحثية سابقة قد وصفت حالة فيروسات الكبد من نوع إيه A ومن نوع بي B. لكن بحوث ألتر أظهرت أن هناك عاملاً ثالثاً ممرضاً فيروسياً ينتقل عن طريق الدم. وحدد هوتون، الذي كان يعمل وقتها في كاليفورنيا، الفيروس على أساس مادة وراثية من شمبانزي مصاب، مما يدل على أنه كان نوعاً جديداً من الفيروسات وأطلقوا عليه اسم فيروس التهاب الكبد الوبائي سي. واستخدم فريق علمي بقيادة رايس، الذي كان يعمل وقتها في جامعة واشنطن في سانت لويس بولاية ميسوري، تقنيات الهندسة الوراثية لوصف جزء من جينوم التهاب الكبد الوبائي سي المسؤول عن تكاثر الفيروس، مما يدل على دوره في التسبب في أمراض الكبد.
في مؤتمر صحافي، أشار ألتر إلى أن الباحثين استغرقوا ست سنوات لاستنساخ جزء صغير من جينوم التهاب الكبد الوبائي الفيروسي، وأعرب عن شكوكه بشأن إمكانية إجراء مثل هذه الأبحاث المضنية اليوم. وقال: «في الوقت الحاضر أصبح الأمر أكثر صعوبة الآن». وأدت نتائج الأبحاث التي أجراها الفائزون الثلاثة بالجائزة وغيرهم من الباحثين، إلى تحسينات كبيرة في إجراء اختبار فحص وجود فيروس التهاب الكبد سي وعلاجه. وفي العقد الماضي، تم استبدال العلاجات القديمة والضعيفة الفعالية للعدوى بأدوية تمنع الفيروس مباشرة. وهذه الأدوية لديها القدرة على علاج الغالبية العظمى من عدوى التهاب الكبد سي، ولكن لا تزال تكلفتها مرتفعة.
وقالت الدكتورة بارنز إن العلاج يتطلب اتباع نظام دوائي لمدة 8 – 12 أسبوعاً. ويشير كثير من الباحثين الطبيين إلى أن الجائزة أسهمت في تسليط الضوء على هذا الوباء الصامت المنتشر عالمياً على نطاق واسع لالتهاب الكبد بفيروس سي. وكانت منظمة الصحة العالمية قد وضعت من أهدافها التخلص من التهاب الكبد بفيروس سي بحلول 2030. وهو ما علقت عليه الدكتورة بارنز بأنه هدف يُمكن تحقيقه. ولكن يبقى التقدم بطيئاً جداً في تطوير لقاح ضد هذا الفيروس، ويرجع ذلك في جزء منه إلى الطبيعة الماكرة للفيروس نفسه. وتختلف الجينات الوراثية لكل سلالة من سلالات فيروس التهاب الكبد سي بشكل كبير. وبالمقارنة، تقدر الدكتورة بارنز أن التهاب الكبد سي أكثر تنوعاً بعشر مرات من فيروس نقص المناعة البشرية، وبلا حدود أكثر من فيروس «كوفيد - 19». كما أن من الصعب إجراء تجارب سريرية على الفئات السكانية الأكثر عرضة للإصابة بفيروس التهاب الكبد الوبائي سي، وإن أياً من هذه المشاكل لا يمكن التغلب عليه. وتضيف: «تم اكتشاف الفيروس قبل 30 عاماً وما زلنا لا نملك لقاحاً».



بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال
TT

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

من المعروف أن مرض سرطان الدم الليمفاوي الحاد «اللوكيميا» (acute lymphoblastic leukemia) يُعد من أشهر الأورام السرطانية التي تصيب الأطفال على الإطلاق. وعلى الرغم من أن نسبة الشفاء في المرض كبيرة جداً وتصل إلى نسبة 85 في المائة من مجموع الأطفال المصابين، فإن خطر الانتكاس مرة أخرى يعد من أكبر المضاعفات التي يمكن أن تحدث. ولذلك لا تتوقف التجارب للبحث عن طرق جديدة للحد من الانتكاس ورفع نسب الشفاء.

تجربة سريرية جديدة

أحدث تجربة سريرية أُجريت على 1440 طفلاً من المصابين بالمرض في 4 دول من العالم الأول (كندا، والولايات المتحدة، وأستراليا ونيوزيلندا) أظهرت تحسناً كبيراً في معدلات الشفاء، بعد إضافة العلاج المناعي إلى العلاج الكيميائي، ما يتيح أملاً جديداً للأطفال الذين تم تشخيصهم حديثاً بسرطان الدم. والمعروف أن العلاج الكيميائي يُعدُّ العلاج الأساسي للمرض حتى الآن.

علاجان مناعي وكيميائي

التجربة التي قام بها علماء من مستشفى الأطفال المرضى (SickKids) بتورونتو في كندا، بالتعاون مع أطباء من مستشفى سياتل بالولايات المتحدة، ونُشرت نتائجها في «مجلة نيو إنغلاند الطبية» (New England Journal of Medicine) في مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، اعتمدت على دمج العلاج الكيميائي القياسي مع عقار «بليناتوموماب» (blinatumomab)، وهو علاج مناعي يستخدم بالفعل في علاج الأطفال المصابين ببعض أنواع السرطانات. وهذا يعني تغيير بروتوكول العلاج في محاولة لمعرفة أفضل طريقة يمكن بها منع الانتكاس، أو تقليل نسب حدوثه إلى الحد الأدنى.

تحسُّن الحالات

قال الباحثون إن هذا الدمج أظهر تحسناً كبيراً في معدلات الفترة التي يقضيها الطفل من دون مشاكل طبية، والحياة بشكل طبيعي تقريباً. وأثبتت هذه الطريقة تفوقاً على البروتوكول السابق، في التعامل مع المرض الذي كان عن طريق العلاج الكيميائي فقط، مع استخدام الكورتيزون.

وللعلم فإن بروتوكول العلاج الكيميائي كان يتم بناءً على تحليل وراثي خاص لخلايا سرطان الدم لكل طفل، لانتقاء الأدوية الأكثر فاعلية لكل حالة على حدة. ويحتوي البروتوكول الطبي عادة على مجموعة من القواعد الإرشادية للأطباء والمختصين.

تقليل حالات الانتكاس

أظهرت الدراسة أنه بعد 3 سنوات من تجربة الطريقة الجديدة، ارتفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض إلى 97.5 في المائة (نسبة شفاء شبه تامة لجميع المصابين) مقارنة بنسبة 90 في المائة فقط مع العلاج الكيميائي وحده. كما حدث أيضاً انخفاض في نسبة حدوث انتكاسة للمرضى بنسبة 61 في المائة. وبالنسبة للأطفال الأكثر عرضة للانتكاس نتيجة لضعف المناعة، أدى تلقي عقار «بليناتوموماب» بالإضافة إلى العلاج الكيميائي، إلى رفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض، من 85 في المائة إلى أكثر من 94 في المائة.

علاج يدرب جهاز المناعة

وأوضح الباحثون أن العلاج المناعي يختلف عن العلاج الكيميائي في الطريقة التي يحارب بها السرطان؛ حيث يهدف العلاج المناعي إلى تعليم الجهاز المناعي للجسم الدفاع عن نفسه، عن طريق استهداف الخلايا السرطانية، على عكس العلاج الكيميائي الذي يقتل الخلايا السرطانية الموجودة فقط بشكل مباشر، وحينما تحدث انتكاسة بعده يحتاج الطفل إلى جرعات جديدة.

كما أن الأعراض الجانبية للعلاج المناعي أيضاً تكون أخف وطأة من العلاج الكيميائي والكورتيزون. وفي الأغلب تكون أعراض العلاج المناعي: الإسهال، وتقرحات الفم، وحدوث زيادة في الوزن، والشعور بآلام الظهر أو المفاصل أو العضلات، وحدوث تورم في الذراعين أو القدمين، بجانب ألم في موقع الحقن.

وقال الباحثون إنهم بصدد إجراء مزيد من التجارب لتقليل نسبة العلاج الكيميائي إلى الحد الأدنى، تجنباً للمضاعفات. وتبعاً لنتائج الدراسة من المتوقع أن يكون البروتوكول الجديد هو العلاج الأساسي في المستقبل؛ خاصة بعد نجاحه الكبير في منع الانتكاس.