«حوار بوزنيقة» يُفضي إلى «تفاهمات شاملة» بشأن المؤسسات السيادية

البيان الختامي لم يقدم تفاصيل حول فحوى «التوافقات»

جانب من جلسات الحوار الليبي في بوزنيقة ليلة أول من أمس
جانب من جلسات الحوار الليبي في بوزنيقة ليلة أول من أمس
TT

«حوار بوزنيقة» يُفضي إلى «تفاهمات شاملة» بشأن المؤسسات السيادية

جانب من جلسات الحوار الليبي في بوزنيقة ليلة أول من أمس
جانب من جلسات الحوار الليبي في بوزنيقة ليلة أول من أمس

أعلن طرفا الأزمة الليبية، الليلة قبل الماضية، في ختام الجولة الثانية من الحوار الليبي، الذي احتضنه منتجع بوزنيقة المغربي (جنوب الرباط)، عن توصلهما إلى «تفاهمات شاملة» بشأن المؤسسات السيادية، مشددين على وجوب أن تقر المؤسسات الدستورية للبلاد هذه التفاهمات، للمضي قدماً في إجراءات تجديد هياكل المؤسسات السيادية.
وقال وفدا المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ومجلس النواب (برلمان طبرق) في بيان صدر في ختام حوار «بوزنيقة2»، الذي انطلق الجمعة الماضي، إن المفاوضات «توجّت بالتوصّل إلى تفاهمات شاملة حول ضوابط وآليات ومعايير اختيار شاغلي المناصب القيادية للمؤسسات السيادية، المنصوص عليها في المادة (15) من الاتفاق السياسي»، المبرم بمنتجع الصخيرات في ديسمبر (كانون الأول) 2015.
وعد الطرفان أن إنجازات جولتي الحوار الليبي بالمغرب «تشكل رصيداً يمكن البناء عليه للخروج بالبلاد إلى الاستقرار، وإنهاء حالة الانقسام المؤسساتي»، لافتين إلى أن العملية السياسية في ليبيا «ما زالت تنتظر دعماً واضحاً، وحقيقياً من المجتمع الدولي».
وعبر الطرفان في بيان تلاه إدريس عمران، عضو وفد مجلس النواب، باسم الطرفين خلال مؤتمر صحافي حضره وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «عزمهما الاستمرار في لقاءاتهما التشاورية بالمملكة المغربية لتنسيق عمل المؤسسات السياسية والتنفيذية والرقابية، بما يضمن إنهاء المرحلة الانتقالية».
كما أوضح الطرفان أنه إدراكاً منهما لأهمية المؤسسات السيادية في إدارة البلاد، وحماية مقدرات الشعب الليبي، فقد اتسمت جلسات الحوار بين وفدي المجلسين «بالمسؤولية الوطنية، وتغليب المصلحة العامة لتجاوز الانقسام السياسي الحالي».
وأشار البيان الختامي إلى أن وفدي الحوار الليبي «يضعان محضر التوافقات، التي تم التوصل إليها في الجولتين الأولى والثانية رهن إشارة مؤسستي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة للمضي قدماً في إجراءات تجديد هياكل المؤسسات السيادية».
كما جدد الطرفان شكرهما لجهود المملكة المغربية «التي كان لها الفضل في تذليل الصعاب من أجل التوصل إلى توافقات ليبية حقيقية، وفي انسجام مع مقتضيات الاتفاق السياسي الليبي». منوهين بـ«التفاعل الإيجابي للممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا، ستيفاني ويليامز، التي عملت على خلق جسور للتكامل بين جهود الحوار المختلفة، في أفق بناء عملية سياسية شاملة».
ولم يقدّم البيان أي تفاصيل حول فحوى التوافقات التي تم التوصّل إليها، لكنه أكد في المقابل عزم الطرفين على «الاستمرار في لقاءاتهما التشاورية بالمملكة المغربية لتنسيق عمل المؤسسات السياسية والتنفيذية والرقابية، بما يضمن إنهاء المرحلة الانتقالية».
من جهته، عد وزير خارجية المغرب أن التوافقات التي توصل لها وفدا المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الليبيين «توافقات حاسمة» في اتجاه اختيار شاغلي المناصب السيادية، وفقاً لما تنص عليه المادة «15» من اتفاق الصخيرات. وقال بوريطة إن هذه التوافقات تم تضمينها في محضر سيتم رفعه إلى رئيسي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، منوها بالروح الإيجابية التي سادت جلسات الحوار، الذي «يتوفر على كل مقومات النجاح».
كما أوضح بوريطة أن هذه المقومات «تتمثل بداية في الدعم الواضح من الملك محمد السادس، ومن المملكة، لكل ما فيه استقرار ليبيا، وإخراجها من الأزمة التي تعيشها منذ سنوات»، مبرزاً أن رؤية العاهل المغربي «تقوم على الدعم اللامشروط للإخوة الليبيين في كل مبادراتهم للوصول إلى توافقات، وإلى حلول لأزمتهم».
وبشأن المقوم الثاني، قال بوريطة إنه يتمثل في كون المغرب سيبقى بتعليمات ملكية «محتضناً كل الإخوة الليبيين دون تمييز بينهم»، موضحاً أن «موقفنا حياد إيجابي لمساعدتكم على تجاوز العقبات، وطي صفحة الخلافات».
أما المقوم الثالث لنجاح هذا الحوار، حسب بوريطة، فيتمثل في أنه «حوار ليبي - ليبي، وليس حواراً حول ليبيا؛ ووضعه الليبيون من دون تأثير أو تدخل، وهو ما يعد عنصراً أساسياً، باعتباره يفسح المجال لليبيين ليصلوا إلى توافقات»، مذكراً بأن وفدي الحوار في بوزنيقة «أثبتا أن هذه المقاربة ناجعة، وتؤكد أن ليبيا لا تحتاج لوصاية أو تدخل».
وأضاف بوريطة أنه من مقومات نجاح الحوار الليبي أنه يراهن على المؤسسات الشرعية في ليبيا، وهي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، بوصفهما «نواتين أساسيتين لأي حل في ليبيا، انطلاقاً من شرعيتهما وروح المسؤولية التي تميزهما».
وخلص بوريطة إلى أن الدينامية التي أطلقتها جلسات الحوار الليبي في بوزنيقة «ستكون عنصراً أساسياً لتحقيق تقدم في مسارات أخرى»، مؤكداً لأعضاء الوفدين: «إننا ننتظركم قريباً جداً للاستمرار في هذا الحوار، الذي سيمكننا من المضي بعيداً في حلحلة مجموعة من القضايا، التي تهم الشعب الليبي وتهم حل الأزمة في ليبيا».
وأسفرت الجولة الأولى من الحوار الليبي في بوزنيقة عن توصل الطرفين إلى اتفاق شامل حول المعايير والآليات الشفافة والموضوعية لتولي المناصب السيادية بهدف توحيدها.



الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
TT

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)

يواجه آلاف المرضى بالسرطان في محافظة إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) خطر الموت نتيجة غياب الرعاية الصحية والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية وغياب الدعم، في ظل اتهامات لقادة الجماعة الحوثية بالمتاجرة بالأدوية وتعطيل مراكز علاج ودعم الحالات المصابة بالمرض.

وأرجعت مصادر طبية في المحافظة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، والتي كانت تقدم مجاناً من منظمات دولية وجهات خيرية، إلى مساعي الجماعة الحوثية للاستفادة من التمويل الموجه للمرضى، والحصول على إيرادات مالية من الأدوية والتدخل الدائم في العمل الإغاثي الطبي، وفرض قرارتها على الجهات الممولة، وإدارة شؤون المستشفيات والمراكز الصحية.

ووجّه فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب نداء استغاثة جديداً، هو الثالث خلال الأشهر القليلة الماضية، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع لها، ومدّه بالأدوية والمستلزمات التي يحتاجون إليها لعلاج المرضى.

أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

وأعلن فرع مؤسسة مكافحة السرطان، في بيان له، تسجيل 753 حالة إصابة جديدة بمرض السرطان في إب خلال العام الحالي، موضحاً أن معظم المرضى الذين يتوافدون حالياً على مركز الأمل لعلاج الأورام، وهم من الأسر الفقيرة والأشد فقراً، لا يتحصلون على الرعاية الطبية؛ بسبب شح الإمكانات.

زيادة في المصابين

واشتكى فرع المؤسسة في بيانه من أن التزايد المستمر في أعداد المصابين بالمرض يُحمّل المؤسسة ومركز الأورام تبعات كثيرة في الوقت الذي يعانيان قلة الإيرادات والافتقار للدعم الثابت؛ ما يجعلهما غير قادرين على توفير، ولو الحد الأدنى من الخدمات التشخيصية والصحية للمرضى.

وناشد البيان الجهات ذات العلاقة والمنظمات ورجال الأعمال، بإسنادهم بالدعم من أجل الاستمرار بتقديم الخدمات الصحية التشخيصية والعلاجية للمرضى.

مبنى فرع مؤسسة مكافحة السرطان في إب (فيسبوك)

وذكرت مصادر طبية في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن المحافظة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، شهدت مئات الإصابات الجديدة بالمرض، بالتزامن مع معاناة كبيرة لأكثر من 6 آلاف مصاب من مختلف الأعمار.

موارد محدودة

اشتكى عدد من المرضى من انعدام العلاج وانقطاع الخدمات الطبية، لافتين إلى أنهم يواجهون خطر الموت جراء فشل الجماعة الحوثية في إدارة المرافق الصحية وعبث قادة الجماعة بالموارد والمساعدات والإتجار بها في السوق السوداء.

وبيَّنوا لـ«الشرق الأوسط»، أنهم لا يزالون يعانون مضاعفات كبيرة وظروفاً حرجة في ظل سياسات حوثية خاطئة تستهدف جميع مؤسسات ومراكز مكافحة السرطان في المحافظة وأثرت سلباً على تلقيهم الرعاية الطبية.

يقول عبد الله، وهو شاب من مدينة العدين غرب المحافظة، وقدِم إلى فرع مؤسسة مكافحة السرطان لعلاج والدته التي تعاني سرطاناً في الحلق، إنه تردد على فرع المؤسسة لأكثر من 3 أيام؛ أملاً في الحصول على الرعاية الطبية لوالدته، لكن دون جدوى.

قادة حوثيون يفرضون وجودهم في افتتاح مركز لمعالجة الأورام في إب اليمنية بتمويل من فاعلي خير (إعلام حوثي)

ويعبّر عبد الله لـ«الشرق الأوسط» عن شعوره بالحزن والأسى وهو يرى والدته تصارع المرض، بينما يعجز حتى اللحظة عن تأمين جرعة العلاج الكيماوي لها وبعض الأدوية الأخرى؛ بسبب انعدامها في فرع المؤسسة، وارتفاع تكلفتها في العيادات الخارجية والصيدليات التي تتبع أغلبها قيادات حوثية.

ويشير عاملون في فرع المؤسسة المعنية بمكافحة السرطان في إب خلال أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن مركز الأمل لعلاج الأورام التابع لمؤسسة مكافحة السرطان، لا يزال يُقدم كل ما يمكن من خدمات مجانية للمرضى، رغم تكرار الاستهداف الحوثي له ومنتسبيه، معتمداً على القليل جداً من التبرعات المقدمة من بعض الجهات وفاعلي الخير.

وطالب العاملون المنظمات الدولية والمعنيين بسرعة إنقاذ مرضى السرطان الذين يواجهون خطر الموت ويتجمعون يومياً بالعشرات أمام المراكز والمؤسسات والمستشفيات في المحافظة، أملاً في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة.

القطاع الصحي في اليمن يعيش وضعاً متردياً تحت سيطرة الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

وأقرَّت الجماعة الحوثية سابقاً بارتفاع عدد مرضى السرطان بعموم مناطق سيطرتها إلى نحو 80 ألف مريض.

وأطلق فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، نداء استغاثة، بعد بلوغ أعداد المرضى المسجلين لدى فرع المؤسسة بالمحافظة وقتها 6060 حالة.

وقبل ذلك بأشهر أطلق الفرع نداء استغاثة مماثلاً، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع له، والذي يواجه الإغلاق الوشيك نتيجة نقص الدعم وغياب التمويل.