هل يسعى ترمب للاستفادة من إصابته بكورونا في الانتخابات؟

هل يسعى ترمب للاستفادة من إصابته بكورونا في الانتخابات؟
TT

هل يسعى ترمب للاستفادة من إصابته بكورونا في الانتخابات؟

هل يسعى ترمب للاستفادة من إصابته بكورونا في الانتخابات؟

قلل دونالد ترمب الذي لم يشف كليا بعد، من مخاطر كوفيد - 19 محاولا وسط استطلاعات الرأي السيئة، أن يربط بين اكتسابه مناعة ضد الفيروس ومناعة مماثلة ضد الهزيمة الانتخابية.
وقال الرئيس الأميركي اليوم (الثلاثاء) إنه يريد أن تجري المناظرة الرئاسية المقبلة مع منافسه الديمقراطي جو بايدن رغم إصابته بفيروس كورونا المستجد، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وكتب في تغريدة «أتطلع للمناظرة مساء الخميس 15 أكتوبر (تشرين الأول) في ميامي. ستكون عظيمة».
وقبل أقل من شهر على الاستحقاق الرئاسي في مواجهة خصمه الديمقراطي، يراهن ترمب على ورقة القائد القوي الذي تغلب على الفيروس وطلب من الأميركيين «ألا يدعوا الفيروس يسيطر على حياتهم»، وكثف التغريدات والفيديوهات.
وأثار هذا الخطاب انتقادات شديدة في الأوساط الطبية، مع شكوك في نجاحه في إيصال الرسالة في بلد تجاوز فيه عدد الوفيات 210 آلاف. وسيكون وباء كوفيد - 19 في 2020 ثالث سبب وفاة في الولايات المتحدة.
وتقول وكالة الصحافة الفرنسية إن ترمب الذي تعرض لانتقادات منذ بدء تفشي فيروس كورونا لتغريداته اللامسؤولة وقلة تعاطفه، يبدو مصمما على الاستمرار في النهج نفسه. وغرد بعد عودته إلى البيت الأبيض بعد أن أمضى ثلاثة أيام في مستشفى وولتر ريد العسكري «الإنفلونزا الموسمية على الأبواب!».
وقال «هل سنغلق البلاد؟ كلا لقد تعلمنا التعايش معها كما سنتعايش مع كوفيد - 19 الذي لم يعد قاتلا لدى غالبية المصابين!» ضاربا بالأرقام عرض الحائط. ووفقا للسلطات الصحية الأميركية لم تتجاوز الوفيات خلال العقد المنصرم الـ100 ألف في السنة.
وبعد خروجه من المروحية التي أقلته من المستشفى العسكري، توجه ترمب إلى شرفة البيت الأبيض ووقف أمام عدسات المصوّرين الذين كانوا بانتظاره في الأسفل ونزع الكمامة الطبية ورفع إبهاميه علامة النصر وأدّى التحيّة العسكرية.
ومعلوم أن مستقبله السياسي بات على المحك. ومع اقتراب الاستحقاق الرئاسي في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني)، فإن تراجع ترمب في استطلاعات الرأي يثير القلق وهو يتخوف من أن يصبح الرئيس الذي انتخب لولاية واحدة خلافا لأسلافه الثلاثة: باراك أوباما وجورج دبليو بوش وبيل كلينتون.
ووفقا لآخر استطلاع للرأي لـ«سي إن إن» «و«إس إس آر إس» نشرت نتائجه صباح الثلاثاء، بات بايدن يتقدم عليه بـ16 نقطة (41 في المائة مقابل 57 في المائة في نوايا الأصوات).
وكان استطلاع آخر لـ«إن بي سي» و«وول ستريت جورنال» نشر الأحد أظهر تقدم بايدن بـ14 نقطة.
وفي حال النظر إلى خريطة الولايات الرئيسية القادرة على حسم نتيجة الانتخابات لصالح أحد المرشحين، فإن التقدم ليس بهذا الوضوح رغم أنه بات واقعا. في المقابل ستتمكن مجموعة صغيرة من مناصري ترمب الذين يروجون لصورة رئيس محارب هزم فيروس كورونا، من التأثير في نتيجة الانتخابات.
ومساء الاثنين غرد مستشار ترمب السابق سيباستيان غوركا «تشخيص المرض: غير قابل للهزيمة».
وغردت السيناتورة الجمهورية عن ولاية تانيسي مارشا بلاكبرن «تغلب الرئيس ترمب مجددا على الصين» مع صور للرئيس الذي يصف كوفيد - 19 بـ«الفيروس الصيني»، وهو يغادر المستشفى.
لكن عددا من النواب الجمهوريين لزموا الصمت عندما غرد ترمب الاثنين من المستشفى الذي أدخل إليه مساء الجمعة «لا تخافوا من كوفيد - 19».
وأكد الاثنين «سأعود قريبا لاستئناف حملتي!!».
لكن الطاقم الطبي أكد بوضوح أن خروج ترمب من المستشفى لا يعني عودة الأمور إلى طبيعتها. وأعلن الطبيب شون كونلي «ربما لم يتعاف كليا بعد» مؤكدا أنه سيحظى في المقر الرئاسي بـ«عناية طبية ممتازة على مدار الساعة».
أما جو بايدن فيواصل حملته بالوتيرة نفسها على أن يلقي خطابا الثلاثاء من غيتيسبرغ في بنسيلفانيا.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟