تركيا تستهدف مواقع لـ«قسد» في حلب وتسيّر دورية مع روسيا في الحسكة

TT

تركيا تستهدف مواقع لـ«قسد» في حلب وتسيّر دورية مع روسيا في الحسكة

قصفت مدفعية القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها مناطق انتشار القوات الكردية في شمال غربي محافظة حلب، فيما أكدت أنقرة احتمالات القيام بعملية عسكرية جديدة بعد تلميحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حولها. واستأنفت قواته دورياتها المشتركة مع نظيرتها الروسية في شمال شرقي سوريا.
وطال القصف المدفعي قرى تل مضيق وسد الشهباء وقرية كالوتية في منطقة الشهباء شمالي حلب، كما جددت القوات التركية قصفها المدفعي على ناحية شيراوا مستهدفة كلاً من قرى كوندي مازن وباشمرة ومايوسة التي تتواجد بها قوات من «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد). وأعلنت وزارة الدفاع التركية قتل ثلاثة من مقاتلي «الوحدات» الكردية اتهمتهم بـ«إطلاق النار على مناطق وجود قوات عملية غصن الزيتون» التي تضم الجيش التركي والفصائل التابعة له.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، ارتفع عدد القرى والمناطق التي تعرضت للقصف البري التركي أمس والليلة قبل الماضية إلى 7 قرى. وكانت اشتباكات عنيفة جرت بين الفصائل الموالية لتركيا من جهة والقوات الكردية من جهة أخرى على محور «الدغلباش» غرب مدينة الباب بريف حلب الشرقي أول من أمس.
كما سقطت قذائف صاروخية، أمس، على مناطق في قريتي أم حرملة وباب الخير ومشروع علي سعيد بريف أبو رأسين من داخل الأراضي التركية ضمن مناطق الفصائل الموالية لها على بعد نحو كيلومتر واحد من مواقع قوات النظام السوري في المنطقة. ولم ترد معلومات عن أسباب القصف، وما إذا كان ضمن تدريبات عسكرية تركية أو لأسباب أخرى، إذ توجد نقطة عسكرية تركية في مشروع علي سعيد.
وسيّرت القوات التركية والروسية دورية مشتركة، أمس، في قرى آليان على الشريط الحدودي مع تركيا في ريف بلدة القحطانية شمال شرقي الحسكة، وسط تحليق مروحيات روسية في أجواء المنطقة.
في غضون ذلك، أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين أن أنقرة يمكن أن توسع عملياتها العسكرية ضد من وصفها بـ«المنظمات الإرهابية» في سوريا في أي لحظة، حال تعرضت مصالحها للاستهداف هناك. وتعليقاً على تصريح إردوغان السبت الماضي، قال كالين إن تركيا «ستطهر أوكار الإرهاب في سوريا بنفسها إن لم يتم الوفاء بالوعود المقدمة لها»، في إشارة إلى اتفاقات أنقرة مع موسكو وواشنطن على وقف العملية التركية في منطقة شرق الفرات ضد «قسد» في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، مقابل إبعاد «وحدات حماية الشعب» الكردية عن حدودها.
ولفت كالين، في مقابلة تلفزيونية، إلى أن مذكرتي التفاهم الموقعتين بين تركيا وكل من الولايات المتحدة وروسيا تتضمنان عبارة: «وتحتفظ تركيا بحقها في الدفاع عن النفس والتدخل ضد أي كيان إرهابي»، معتبراً أن «هذا البند يمنح تركيا حق الدفاع عن نفسها والتدخل في المنطقة إذا تعرضت أراضيها أو وجودها في ذلك البلد، سواء من حيث الجنود أو الموظفين المدنيين أو عمال الإغاثة أو غيرهم، لهجوم من قبل المنظمات الإرهابية ومنها (داعش) وقوات (قسد)».
وشدد على أن تركيا ستتدخل عندما يكون هناك هجوم أو خطر ضد مصالحها في المنطقة، وذلك من أجل ضمان أمن الشعب السوري، وأمن حدودها، وقد يتوسع نطاق العمليات في أي لحظة. ونفى إعطاء المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري ضمانات لقوات «قسد» بأن تركيا لن تطلق عمليات في المنطقة بعد الآن، قائلاً: «لا يوجد شيء من هذا القبيل على الإطلاق، وهذه دعاية أطلقها (قسد)، ولم أسمع مثل هذا الشيء من جيفري».
وأضاف أن بلاده تبلغ روسيا والولايات المتحدة وإيران بشكل متكرر «بأي انتهاكات من جانب النظام و(قسد)، محذرة من أن هذه التحركات والهجمات إذا استمرت فلن تبقى من دون رد». وكانت القوات التركية والفصائل السورية التابعة لها قصفت مواقع للنظام في سراقب شرقي إدلب، أول من أمس، بعد قصف على بعد كيلومتر من إحدى نقاط مراقبتها العسكرية في غرب المحافظة السورية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».