أمن السفارات في العراق: الضغط الحرج بين الكاظمي والفصائل (تحليل إخباري)

الحكومة بدأت بالفعل في تأمين المنطقة الخضراء من فصائل مسلحة

المنطقة الخضراء
المنطقة الخضراء
TT

أمن السفارات في العراق: الضغط الحرج بين الكاظمي والفصائل (تحليل إخباري)

المنطقة الخضراء
المنطقة الخضراء

قادت هجمات الكاتيوشا ضد السفارة الأميركية وقوات التحالف في العراق، النزاع بين ما جرت العادة على تسميتهما «الدولة واللادولة» إلى حافة حرجة لا يمكن العودة منها. فريق رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لا يواجه خصومه من قادة الفصائل الشيعية وحسب، بل يواجه نفسه في امتحان مطاولة واختبار قدرات يراد لها أن تكون استثنائية.
وحسب تدفق الأحداث والمعلومات بشأن ما يقال إنه «إصرار أميركي على إغلاق السفارة في بغداد»، فإن العنوان الرئيس لهذه الأزمة هو وضع الكاظمي في امتحان لا مفر فيه من مواجهة قادة فصائل رسموا لرئيس الحكومة دوراً مقيداً في إنجاز الانتخابات، وتصريف أعمال الدولة إلى حينها.
«الخلافات أعقد من الهجمات المسلحة، ثمة تقاطعات حادة مع الكاظمي على كل شيء»، يقول مصدر سياسي رفيع كان حاضراً في اجتماعين بين رئيس الوزراء وقادة الكتل، وآخرهما كان مخصصاً لمناقشة التوتر مع السفارة الأميركية، لكنه انتهى بمشادات على التغييرات الإدارية التي أجرتها الحكومة الشهر الماضي.
وفي 14 سبتمبر (أيلول) الماضي أجرى الكاظمي تعديلات في مناصب خاصة، شملت أجهزة المخابرات والمال ومؤسسات أخرى، ولاقت قراراته تلك ردود أفعال مناهضة من قوى شيعية قالت إن الحكومة أعادت إنتاج المحاصصة.
ويبدو من المنهجية التي تضغط فيها الفصائل الشيعية أنها تريد تحقيق أهداف مزدوجة؛ السفارة الأميركية وحكومة الكاظمي في آن واحد، لكن ما يرشَّح من مكاتب قادة تلك الفصائل يفيد بأنهم يستثمرون في التهديدات الأمنية ضد البعثات الدبلوماسية لإسقاط الكاظمي، وبالضرورة قبل موعد الانتخابات المبكرة.
لكنّ طريقة الفصائل الشيعية في الضغط على الحكومة تبدو كلاسيكية وتواجه تحديات جدية من قبيل أنها تقود نفسها إلى العزل السياسي، وربما -كما تلوّح مصادر دبلوماسية- هدفاً متاحاً لإجراءات أميركية أقلها العقوبات.
«ليس الآن... لكن قد يحدث شيء في أي وقت»، تعلق مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» على حتمية قرار السفارة الأميركية، وهو ما يتطابق مع الرواية الرسمية العراقية عن حالة السفارة، «لا قرار رسمياً حتى الآن، لكنهم يدرسون قرار الإغلاق»، حسبما قال أحمد ملا طلال، الناطق باسم الحكومة العراقية. وبهذا المعنى فإن الأميركيين يضعون الأزمة مفتوحة من دون توقعات محددة، ويضغطون أكثر، فمساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر يقول: «لن نتردد في حماية مصالحنا».
وبين هذه الرسائل المباشرة أحياناً والمشفرة مرات كثيرة، اختار الكاظمي وسائله المتاحة لتحقيق المكاسب، ومن الواضح أنه لا يريد مواجهة مفتوحة مع الجميع، لكنه يتقدم خطوات صغيرة بدلالات أمنية تصل سريعاً للخصوم.
الأسبوع الماضي، عيّن رئيس الحكومة اللواء حامد الزهيري، وهو العميد السابق للكلية العسكرية العراقية، مديراً لأمن المنطقة الخضراء، وهي التي تضم الآن بعثات أجنبية جنباً إلى جنب مع مكاتب فصائل مسلحة أجاز دخولها رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي. وتقول مصادر عليمة، إن الحكومة بدأت بالفعل بتأمين المنطقة الخضراء من فصائل مسلحة تستقر هناك، لكن هذه العملية ستواجه رفض قادة نافذين قد يفتحون جبهة أوسع مع الكاظمي، وهو الأمر ذاته الذي تفسره المصادر بأنه وراء استهداف قاعدة حرير الأميركية في أربيل، عاصمة إقليم كردستان.
وما يرشَّح من قنوات اتصال حكومية يفيد بأن الكاظمي يريد تنفيذ خطته في تأمين البعثات، وإخلاء المنطقة الخضراء، بل بغداد بالكامل، عبر عملية مركبة من «التفاهمات المباشرة وعبر الوسطاء السياسيين مع بعض قادة الفصائل»، وعن طريق عمليات أمنية محدودة لكنها نوعية، لا تترك وراءها أي فرص لمزيد من التوتر.
لكن الأزمة أعقد من ترتيبات الكاظمي وخصومه، فأزمة البعثات الدبلوماسية تمثل حالة الضغط الحرج ليوضع جميع الفرقاء العراقيين لحسم ملف السلاح خارج الدولة وإنجاز تفاهمات عن طبيعة المؤسسة العسكرية العراقية التي يثير تقاطع المصالح فيها قلق الجميع.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.