العراقيون يحتفلون باختيار ملكة جمال بغداد لعام 2014

هالة سلام تخطف التاج من بين 12 متسابقة تراوحت أعمارهن بين 18 و30 عاما

لحظة تتويج ملكة جمال بغداد  -  هالة سلام ملكة جمال بغداد
لحظة تتويج ملكة جمال بغداد - هالة سلام ملكة جمال بغداد
TT

العراقيون يحتفلون باختيار ملكة جمال بغداد لعام 2014

لحظة تتويج ملكة جمال بغداد  -  هالة سلام ملكة جمال بغداد
لحظة تتويج ملكة جمال بغداد - هالة سلام ملكة جمال بغداد

في نهج اعتاد على إقامته نادي الصيد الاجتماعي (أحد أشهر النوادي الثقافية والاجتماعية في وسط العاصمة العراقية بغداد) احتفلت يوم السبت الماضي شخصيات فنية وثقافية وسياسية بارزة بمناسبة اختيار ملكة بغداد من بين 12 متسابقة تراوحت أعمارهن بين 18 - 30 عاما، واستطاعت فيها الشابة هالة سلام عباس ذات الـ22 ربيعا، أن تخطف التاج وتكون ملكة على عرش جمال بغداد رغم ما فيها من الأم وحروب وإرهاب.
جاء الحفل تزامنا مع احتفالات العاصمة بأعياد الميلاد، وشهد حضورا كبيرا من الشخصيات المعروفة ووسائل الإعلام المحلية والدولية معا، بسبب طبيعة الظرف الصعب الذي تشهده بغداد وتهديدات أمنها من قبل تنظيم داعش الإرهابي، وعدها كثيرون إسهامة لإعادة البهجة إلى الجمهور العراقي المتعطش لفعاليات الفرح ودعم وإسناد للمرأة العراقية وهي تشارك في مثل هذه النشاطات الثقافية والفنية.
هالة سلام ملكة جمال بغداد، إحدى طالبات الحقوق في المرحلة الثالثة بكلية المأمون الجامعة، وكذلك هي ناشطة مدنية في مجال حقوق المرأة والطفل، وكان لها دور في مساعدة النازحين، قالت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «فرحت للفوز، وتشرفت به كونه انتصارا لإرادة الجمال والحياة في بلدي ضد من يريد إشاعة الموت والدمار»، وأضافت: «اختياري تم وفق إجاباتي على أسئلة متنوعة في التاريخ والفلسفة والرياضة وكذلك في الأدب والشعر».
ودعت هالة النساء العراقيات للتحلي بالروح الإيجابية والطاقة العالية والتعبير عن الذات بكل الطرق والاجتهاد لأجل الوصول للنجاح، وهي تفتخر بأنها ابنة الشاعرة والكاتبة العراقية، سلامة الصالحي، التي حصدت قبلها الكثير من الجوائز في المهرجانات الشعرية داخل وخارج البلاد.
المفارقة أن حفل ملكة جمال بغداد، رافقه رفض من قبل البعض في مواقع التواصل الاجتماعي ممن عدوه نشاطا دخيلا على المجتمع العراقي وأن الوضع الأمني وتهديدات «داعش» للبلاد هي الأدعى بالاهتمام أكثر منه الاحتفال بمثل هكذا مسابقات، إضافة إلى الاعتراض من قبل البعض على مستوى جمال المشاركات بطريقة أزعجت الفائزات.
يقول الكاتب محمد الأصيل: «الجمال موجود في كل مكان ولا بد لنا أن نحتفل به لأننا ببساطة نحب الحياة». وأضاف: «اعتراض البعض غير مبرر لأن مثل هذه المسابقات هي جزء من مواجهة (داعش) وهو يريد قتل روح الإنسانية والفعاليات الثقافية والاجتماعية فينا، ولا بد أن نتصدى جميعا لأجل مواجهته».
بدورها قالت هالة: «لم اهتم لتلك الهجمة وسأبقى جميلة بنظر الآخرين ليس لشكلي فقط إنما لجمال عملي وحبي لبلدي، إذ إن مشاركتي كانت بالأصل لأجله ولأجل إيصال رسالة للجميع بأن بغداد صامدة وهي تحتفل بالحياة رغم كل آلامها».
أما الإعلامية هند أحمد فقالت: «لا بد للمرأة من كسر كل قيودها والانطلاق للحياة بكل صورها، عليها أن تنفتح للناس والنشاطات العامة والثقافة والأدب والشعر لأنها أبرز سمات الحياة، أما من يرفض مثل هكذا فعاليات فأقول له لا تكن إحدى أدوات (داعش) الذي يسعى لقتل الحياة في بلادي».
بدوره استغرب الكاتب والإعلامي محمد غازي الأخرس من هجمة بعض النشطاء في فيسبوك على مثل هذه الفعاليات وعلى شخص الملكة هالة قائلا: «هناك تناقض في المجتمع العراقي، هنا في فيسبوك ينتقدون هالة، لكنهم في الحقيقة لو شاهدوها في الواقع فإنهم سوف يغردون ويصفقون لجمالها».
وينظم نادي الصيد مسابقة ملكة جمال بغداد، سنويا، وسط حضور عام وكبير، يختتم بتتويج الفائزات بحفل موسيقي لمختلف الأغاني الشعبية وبلغات متعددة بينها الكردية والأجنبية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».