تقرير: لا عودة قريبة لحياة ما قبل «كورونا» الطبيعية والتكيُّف هو الحل

أطفال يرتدون أقنعة الوجه الواقية خلال حضورهم الفصل الأول في حديقة مدرسة ابتدائية بجمهورية مقدونيا الشمالية (إ.ب.أ)
أطفال يرتدون أقنعة الوجه الواقية خلال حضورهم الفصل الأول في حديقة مدرسة ابتدائية بجمهورية مقدونيا الشمالية (إ.ب.أ)
TT

تقرير: لا عودة قريبة لحياة ما قبل «كورونا» الطبيعية والتكيُّف هو الحل

أطفال يرتدون أقنعة الوجه الواقية خلال حضورهم الفصل الأول في حديقة مدرسة ابتدائية بجمهورية مقدونيا الشمالية (إ.ب.أ)
أطفال يرتدون أقنعة الوجه الواقية خلال حضورهم الفصل الأول في حديقة مدرسة ابتدائية بجمهورية مقدونيا الشمالية (إ.ب.أ)

مع استمرار تفشي فيروس «كورونا» خلال عام 2020، والتوقعات باستمرار الجائحة في العام المقبل، أصبح من المرجح ألا تعود الأمور «إلى طبيعتها» قريباً، وفقاً لشبكة «سي إن إن».
ولقد أصبحت عبارة «العودة إلى الحياة الطبيعية» متداولة كثيراً، ويحب السياسيون والمسؤولون والخبراء، وحتى أفراد العائلة، الاعتماد عليها، لإعطاء القليل من الأمل للأيام المقبلة.
وربما يكون هذا هو الحنين إلى العالم كما عرفناه من قبل، أي كما كان في يناير (كانون الثاني)؛ حيث كانت الحياة اليومية أقرب إلى عقودنا الماضية.
لكن شهر يناير مضى منذ فترة طويلة، ولن يعود. ويؤكد علماء النفس أن هذه الحقيقة تعتبر سيئة فقط إذا لم نتمكن من التعامل والتكيف معها.
ونحن نتعلم ببطء ما إذا كانت تغييرات هذا العام دائمة. إذا كان العمل اليومي سيبقى على حاله، أي سيتم إنجازه من المنزل كما يفعل كثيرون حول العالم اليوم، وما إذا سيصبح مثلاً ارتداء قناع في المواصلات العامة مجرد جزء من الحياة، وما إذا ستصبح المصافحة والعناق أقل شيوعاً. ولا نعلم ما إذا كانت معظم تفاعلاتنا اليومية ستحدث عبر مؤتمر الفيديو (وليس بشكل شخصي)، لفترة طويلة.
«خمس سنوات من التغيير في ستة أشهر» هو شعار شائع للوباء؛ حيث أدى الاضطراب إلى تغيير الحياة بسبب الوظائف المفقودة، والأقارب الذين يعيشون بمفردهم، أو ربما ماتوا دون قول الوداع المناسب.
ويقول علماء النفس إن قطع العلاقات بشكل دائم مع شهر يناير ليس بالضرورة أمراً سيئاً. يأتي الخطر من التوق إلى الحياة الطبيعية مرة أخرى، بدلاً من الاستمرار في العمل على كيفية التعامل والتأقلم مع كل ما هو قادم.
وقال توماس دافنبورت، أستاذ تكنولوجيا المعلومات والإدارة في كلية «بابسون» في ويليسلي، ماساتشوستس: «السياسيون الذين يتظاهرون بأن العودة إلى الوضع الطبيعي أصبحت قريبة يخدعون أنفسهم أو أتباعهم، أو ربما كليهما».
وتابع دافنبورت: «الأشخاص الذين يعانون من المآسي يعودون في النهاية إلى مستوى سعادتهم السابق؛ لكنني أعتقد أن (كورونا) مختلف قليلاً؛ لأننا نتوقع أن ينتهي قريباً. لذلك ليست هناك حاجة لتغيير مواقفك بشكل دائم حول هذا الموضوع». وأضاف: «إن الميل البشري للاعتقاد بأن التغيير مؤقت، وأن المستقبل سوف يشبه الماضي مرة أخرى، يسمى تحيز الحياة الطبيعية».
ويعتقد الأشخاص الذين لا يتأقلمون مع التغيير أن ما يتذكرونه على أنه «طبيعي» سيعود، ويؤخرون تعديل روتينهم اليومي أو نظرتهم. وقال دافنبورت إن أولئك الذين يرفضون ارتداء الأقنعة قد يكونون منحازين إلى الحياة الطبيعية؛ لأنهم يرون أن هذا التدخل في الحياة بدعة عابرة لا يحتاجون إلى تبنيها.
وتفضل دوائر الدماغ البقاء على قيد الحياة، على الرغم من أن جزءاً من عقولنا قد يميل إلى مقاومة التغيير؛ لأننا نشعر بأن الكوارث هي حدث عابر، فإن جزءاً أقوى من أدمغتنا يحتضن الوضع الجديد بسرعة. وإن «تكيف اللذة أو المتعة» هو الاسم التفصيلي لسبب بقائنا على قيد الحياة. إنه قدرة العقل على قبول شيء ما بسرعة في بيئتك قبل أسابيع كان من الممكن أن يوقفك في مساراتك. وكان الغرض منه في الأصل حماية البشر من الحيوانات المفترسة، وهو مُحكم، لذلك لا نرى باستمرار كل الأشياء الجديدة نسبياً على أنها تهديدات ونفتقد الأشياء الأحدث والأكبر.
وقالت سونيا ليوبوميرسكي، أستاذة علم النفس في جامعة «كاليفورنيا»، ريفرسايد: «عندما تحدث الأشياء الجيدة والسيئة، تشعر في البداية بمشاعر شديدة، ثم تتكيف وتعود إلى خط الأساس. هذا أقوى بكثير مع الأحداث الإيجابية. الناس لا يتكيفون تماماً مع التغيير السلبي في حياتهم».
وإن فائدة «تكيف اللذة» هو أنه يعمل في جميع الاتجاهات. التغييرات التي تغير الحياة اليومية لشهر واحد قد يتم إسقاطها بسرعة في اليوم التالي عندما تصبح غير ذات صلة.
وقالت ليوبوميرسكي: «يمكن أن يكون الأمر هو التكيف مع القناع على أنه الوضع الطبيعي الجديد، ثم العودة إلى الوضع الطبيعي القديم». وأشارت إلى أن السلوكيات التي لا تزال عالقة هي تلك التي يتم ربطها في روتيننا اليومي، والتي «يتم تشغيلها تلقائياً، إذا كانت هذه عادة حقيقية، فيمكنها في الواقع الحفاظ على نفسها. الآن نحن نغسل أيدينا بشكل متكرر دون حتى التفكير، وهذا شيء يمكن أن يبقى معنا بالتأكيد».


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.