«الشورى» السعودي يوافق على إدراج عقوبة التشهير لردع المتحرش

يضاف إلى النظام المقر عام 2018

«الشورى» السعودي يوافق على إدراج عقوبة التشهير لردع المتحرش
TT

«الشورى» السعودي يوافق على إدراج عقوبة التشهير لردع المتحرش

«الشورى» السعودي يوافق على إدراج عقوبة التشهير لردع المتحرش

وافق مجلس الشورى السعودي أمس، في دورة تصويت جديدة على إضافة عقوبة التشهير لنظام مكافحة التحرش المقر حكومياً في العام 2018.
وأثناء الجلسة قدمت الدكتورة إقبال درندري دفاعاً عن ضرورة إيقاع عقوبة التشهير على المتحرشين سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، رافضة قصر التشهير على الحالات التي يكرِّر فيها المتحرش فعلته، أو التي تقترن فيها جريمة التحرش بكون المتحرَّش به في موقف ضعف (مثل أن يكون طفلاً أو من ذوي الاحتياجات الخاصة أو فاقداً للوعي أو أن الجاني له سلطة على المجني عليه أو في مكان عمل وغيره).
وتمسكت درندري بنص المقترح المقدم من الحكومة على المادة السادسة من نظام مكافحة جريمة التحرش الذي تضمن إضافة فقرة ثالثة نصها، أنه «يجوز تضمين الحكم الصادر بالعقوبات المشار إليها في هذه المادة النص على نشر ملخصه على نفقة المحكوم عليه في صحيفة أو أكثر من الصحف المحلية، وذلك حسب جسامة الجريمة وتأثيرها على أن يكون النشر بعد اكتساب الحكم الصفة النهائية».
وبررت درندري دعمها له بأن التحرش جريمة سواء أقدم المتحرش على فعلته لأول مرة أو ثاني مرة مع كبير أو صغير مع شخص في الشارع أم في مكان عمل؛ فهي ترى أن محك التشهير هو جسامة الجريمة ومدى تأثيرها وهو محك جامع مانع.
وردّت درندري على مبررات اللجنة في حصر التشهير بتكرار الجريمة أو اقتران التحرش بما يغلظه بحجة «أن عقوبة التشهير أُضيفت إلى عدد من الأنظمة في حالة جسامة المخالفة المرتكبة أو العقوبة المشددة، وأن إثارة عقوبة التشهير لن تتوقف عند المتحرش، بل تتعداه لأسرته وجماعته». بأنه بالنسبة لجسامة الجريمة فقد ورد في نص الحكومة، وعادة يفصل في لوائح النظام.
وذهبت درندري أثناء مداخلتها إلى أن قضايا التحرش تراجعت خلال العام الماضي مقارنة بما قبله بعد تطبيق نظام مكافحة التحرش، لكن الانخفاض ليس كبيراً مقارنة بدول جوار طبقت عقوبة التشهير فانخفض لديها التحرش بشكل ملحوظ، مرجعة ذلك إلى أن من يقوم بالتحرش يخاف على سمعته في حالة التشهير، وأن التشهير رادع أثبت فاعليته أكثر من العقوبات التقليدية، حيث إنه في عدد من الدول هناك قاعدة بيانات معلنة يسجل بها المتحرشون، وقوائم لإعلام مجتمعهم بهم، وتحدد مدة بقائهم بها بناءً على مستوى خطورة فعلهم ومدى التزامهم.
من جهة أخرى، قالت المستشارة القانونية سارة الأبادي لـ«الشرق الأوسط»، إن عقوبة التشهير ليست استحداثاً جديداً، ولأن القانون في السعودية أساسه ومعتمده الشريعة الإسلامية؛ فقد أقرّت هذه العقوبة على مرتكبي عدد من الجرائم، ونصت بعض الأنظمة الجزائية على إيقاع عقوبة التشهير على مرتكب بعض تلك الجرائم كالغش والتزوير.
ورأت الأبادي، أن التشهير كعقوبة قد تكون رادعة وزاجرة أكثر من إيقاع العقوبة البدنية بل هي تحمي المجتمع من هذا المشهر به خاصة مرتكب جريمة التحرش لأنّ المتحرش ارتكب سلوكاً آذى به المجني عليه، وقد يكون قد اعتاد على هذا الفعل متستراً بعدم علم الناس بما ارتكبه وبالعقوبة التي أوقعت عليه.
وبينت الأبادي، أن التشهير بالمتحرش ينبّه المجتمع إلى خطر هذا الفرد، وضرورة الوقاية وحماية الأفراد منه، كما أن التشهير كي يكون فعالاً يجب أن يكون في الوسائل الإعلامية المناسبة التي تظهر بجلاء قبح فعلة المتحرش، كما أن وضع قائمة للمتحرشين معلنة في جميع وسائل الإعلام أسوة ببعض الدول التي جعلت قائمة معلنة للمتحرشين جنسياً حتى يتم حماية أفراد المجتمع منه كالولايات المتحدة الأميركية؛ لذا فإنّ إقرار هذه العقوبة في المجتمعات الشرقية التي تعتمد في علاقاتها على سمعة أفرادها وتعتبر لها اعتباراً كبيراً هي عقوبة قوية ورادعة يرجى من خلالها قطع دابر المتحرشين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».