فيلم «1982» لوليد مونس يعيد اللبنانيين إلى ذكريات الحرب

عروضه في صالات السينما ابتداء من أول أكتوبر

الطفلان بطلا الفيلم وسام وجوانا
الطفلان بطلا الفيلم وسام وجوانا
TT

فيلم «1982» لوليد مونس يعيد اللبنانيين إلى ذكريات الحرب

الطفلان بطلا الفيلم وسام وجوانا
الطفلان بطلا الفيلم وسام وجوانا

بهدف إنعاش ذاكرة اللبنانيين، وهي من المهمات التي تعتمدها السينما في كثير من الأحيان، لبى عدد من الصحافيين الدعوة لحضور العرض الأول لفيلم «1982» لمخرجه وليد مونس.
وتأتي هذه الدعوة الأولى من نوعها، منذ شهر فبراير (شباط) الفائت تاريخ انتشار الجائحة في لبنان وإقفال البلاد بسببها. فصالات السينما كما المسارح وصالات الحفلات وغيرها من النشاطات الفنية، كانت قد توقفت تماما عن تقديم أي جديد، منذ ذلك الحين. اليوم وبهدف إعادة نبض الحياة إلى دور السينما في لبنان تستهل صالات «فوكس» في مركز «سيتي سنتر» في منطقة الحازمية عروضها مفتتحة إياها بفيلم «1982». وهو يحكي عن فترة الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وينقل قصصا واقعية مستوحاة من تلك الحقبة التي يمر على ذكراها حتى اليوم نحو 38 عاما.
وبغض النظر عن أهمية بطلي الفيلم اللذين يندرجان على لائحة أصحاب الأسماء اللماعة في عالم السينما اللبنانية وهما نادين لبكي ورودريغ سليمان، فإن الفيلم يشد انتباه مشاهده بقصته المحبوكة بسلاسة. كما يحرك عنده ذكريات الحرب التي وللوهلة الأولى يخيل لمتابع الفيلم وكأنها مأخوذة عن حالة لبنان اليوم. ففي تلك الفترة أيضا كان لبنان يشهد الانفجارات، وتحليق الطيران الإسرائيلي واختلاط مشهديات الحزن بالفرح والعكس صحيح. حتى حالة التوتر التي كانت تسود يوميات اللبناني في تلك الآونة تشبه إلى حد كبير الأجواء غير المستقرة المخيمة اليوم على البلاد.
وبحسب أصحاب الدعوة فإن الفيلم تم اختياره ليكون بداية لسلسلة أفلام تتحدث عن الذاكرة والأزمات. فالعودة إلى التاريخ وإلقاء نظرة سريعة على صفحاته من شأنها أن تزودنا بدروس تخولنا عدم الوقوع في الأخطاء نفسها.
ويؤكد مخرج العمل وليد مونس أن الفيلم يحكي قصته الشخصية، في اليوم المدرسي الأخير الذي عاشه في لبنان قبل هجرته منه. وعندما تنبه إلى أن أحدا لم يتناول هذه الفترة في عمل سينمائي قرر ترجمتها بكاميرته كون هذا التاريخ يحفر في ذاكرته منذ كان صغيرا.
مشهدية الفيلم بأكملها تدور في يوم واحد، عندما كان تلامذة إحدى المدارس الخاصة في بلدة برمانا (مدرسة المخرج الحقيقية) تستعد لإسدال ستارتها على عامها الدراسي. فالتلامذة كانوا يمنون النفس بعطلة صيفية مسلية ويتحدثون عنها في أوقات الاستراحة بين امتحان وآخر. ويعرج مخرج الفيلم على قصة حب نشأت بينه وبين إحدى التلميذات، ويصف بتأن سلوك معلمته ياسمين التي تجسد دورها نادين لبكي. كما يلقي الضوء على الفوضى وحالات التوترالتي أحدثها الاجتياح على جميع العاملين في المدرسة من ناظرة وسائق الباص والمدير البريطاني للمدرسة.
وفي لقطات مشبعة بالفن من ناحية وبالطبيعية والتلقائية من ناحية ثانية، وصولا إلى عالم الخيال يأخذنا «1982» إلى أدوات وإكسسوارات بصرية وسمعية نتلمس معها عناصر تلك الحقبة. فكما أزياء الـ«ميس ياسمين» وجهاز التلفون الأسود العضمي والسيارات المتصلة موديلاتها بتلك الفترة، نكتشف الأهمية التي كان يكنها اللبناني للإذاعات وأخبارها، وملاحقها الأمنية المتتالية. فيتسرب إلى آذاننا من آلة راديو «ترانزيستور» موسيقى «مكتب التحرير في خبر جديد» التابع لإذاعة الكتائب حينها «صوت لبنان». وتصدح أغنيات شعبية مرات أخرى من جهاز كاسيت السيارات الواقفة في وسط الطرقات بفعل زحمة السير. واختار المخرج وليد مونس سرد تأثير القصف الجوي الإسرائيلي على المدنيين اللبنانيين ليكون موضوع أول أفلامه الروائية «1982». فهذا الفيلم الذي رشحه لبنان العام الفائت لجائزة الأوسكار، سبق وعرض في «مهرجان الجونة السينمائي» بنجاح كبير، كما حصد في «مهرجان تورونتو» جائزة أفضل فيلم آسيوي.
وفي خضم كل تلك العناصر والعوامل المتصلة اتصالا مباشرا بالحرب في لبنان والشعور بالإحباط والخوف، التي يقدمها المخرج بإحساس مرهف يعكس مشاعره الخاصة التي اجتاحته في تلك الآونة، لم ينس وليد مونس ترك مساحة من الحلم والخيال في سياق أحداث الفيلم، من خلال إحالته إلى الطفولة والغد الأفضل.
وكانت الإشارة الوحيدة التي تحدثت عن هذا الموضوع لثلاث مرات متتالية، طيلة عرض الفيلم ومدته 90 دقيقة، نجمة ذهبية تعود إلى شخصية خيالية (تيغرون) استحدثها الطفل بأدوات الرسم المولع بها. ففي كل مرة كانت تقفل الأبواب بوجهه في سياق قصة حبه البريئة مع زميلته (جوانا) على مقاعد الدراسة وفي مواقف أخرى تغطيها النيران والقصف والدخان الأسود، كانت تلمع النجمة محدثة رنة خفيفة للتأكيد بأن الأمل لا يمكن أن نفقده.
ويخرج المتفرج من الفيلم مشبعا بمشاعر الطفولة والأمل بالغد، مقابل أحاسيس أخرى متناقضة، مليئة بالحزن على بلد لا يزال يتخبط بأزماته منذ عام 1975 حتى اليوم.
وتبقى الإشارة إلى أن الفيلم هو من إنتاج شركة «أبوط برودكشن» وتبدأ عروضه في أول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في صالات سينما «فوكس» في مركز سيتي سنتر التجاري في منطقة الحازمية. وستتبع خلال العرض قواعد التباعد الاجتماعي، للوقاية من الإصابة بعدوى الجائحة.


مقالات ذات صلة

«بادينغتون في البيرو»... الدب الأشهر يحفّز البشر على مغادرة منطقة الراحة

يوميات الشرق في فيلمه السينمائي الثالث ينتقل الدب بادينغتون من لندن إلى البيرو (استوديو كانال)

«بادينغتون في البيرو»... الدب الأشهر يحفّز البشر على مغادرة منطقة الراحة

الدب البريطاني المحبوب «بادينغتون» يعود إلى صالات السينما ويأخذ المشاهدين، صغاراً وكباراً، في مغامرة بصريّة ممتعة لا تخلو من الرسائل الإنسانية.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق المخرج العالمي ديفيد لينش (أ.ف.ب)

رحيل ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة

هل مات ديڤيد لينش حسرة على ما احترق في منزله من أرشيفات وأفلام ولوحات ونوتات موسيقية كتبها؟ أم أن جسمه لم يتحمّل معاناة الحياة بسبب تعرضه لـ«كورونا» قبل سنوات؟

محمد رُضا (بالم سبرينغز (كاليفورنيا))
يوميات الشرق أحمد مالك وآية سماحة خلال العرض الخاص للفيلم (الشركة المنتجة)

«6 أيام»... رهان سينمائي متجدد على الرومانسية

يجدد فيلم «6 أيام» الرهان على السينما الرومانسية، ويقتصر على بطلين فقط، مع مشاركة ممثلين كضيوف شرف في بعض المشاهد، مستعرضاً قصة حب في 6 أيام فقط.

انتصار دردير (القاهرة)
سينما النجم الهندي سيف علي خان (رويترز)

سيف علي خان يصاب بست طعنات في منزله

تعرض نجم بوليوود الهندي سيف علي خان للطعن من متسلل في منزله في مومباي، اليوم الخميس، ثم خضع لعملية جراحية في المستشفى، وفقاً لتقارير إعلامية.

«الشرق الأوسط» (مومباي)
سينما لقطة لبطلي «زوبعة» (وورنر)

أفلام الكوارث جواً وبحراً وبرّاً

مع استمرار حرائق لوس أنجليس الكارثية يتناهى إلى هواة السينما عشرات الأفلام التي تداولت موضوع الكوارث المختلفة.

محمد رُضا (بالم سبرينغز)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.