أحداث العام 2014: عام إزاحة المالكي.. مفارقات وتداعيات

في نهاية سلسلة من المحاولات بدأت في صيف 2012

رئيس البرلمان العراقي سالم الجبوري (الثاني يسارا) يتحدث إلى نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي (وسط) أثناء جنازة النائب أحمد الخفاجي الذي قتل، رفقة 22 شخصا آخرين، في تفجير انتحاري في مدينة الكاظمية شمال بغداد في 15 أكتوبر 2014 (إ.ب.أ)  و مقاتلون من البيشمركة يطلقون المدافع باتجاه مواقع لتنظيم داعش في منطقة طوزخورماتو جنوب مدينة كركوك في 13 أغسطس 2014 (إ.ب.إ)
رئيس البرلمان العراقي سالم الجبوري (الثاني يسارا) يتحدث إلى نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي (وسط) أثناء جنازة النائب أحمد الخفاجي الذي قتل، رفقة 22 شخصا آخرين، في تفجير انتحاري في مدينة الكاظمية شمال بغداد في 15 أكتوبر 2014 (إ.ب.أ) و مقاتلون من البيشمركة يطلقون المدافع باتجاه مواقع لتنظيم داعش في منطقة طوزخورماتو جنوب مدينة كركوك في 13 أغسطس 2014 (إ.ب.إ)
TT

أحداث العام 2014: عام إزاحة المالكي.. مفارقات وتداعيات

رئيس البرلمان العراقي سالم الجبوري (الثاني يسارا) يتحدث إلى نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي (وسط) أثناء جنازة النائب أحمد الخفاجي الذي قتل، رفقة 22 شخصا آخرين، في تفجير انتحاري في مدينة الكاظمية شمال بغداد في 15 أكتوبر 2014 (إ.ب.أ)  و مقاتلون من البيشمركة يطلقون المدافع باتجاه مواقع لتنظيم داعش في منطقة طوزخورماتو جنوب مدينة كركوك في 13 أغسطس 2014 (إ.ب.إ)
رئيس البرلمان العراقي سالم الجبوري (الثاني يسارا) يتحدث إلى نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي (وسط) أثناء جنازة النائب أحمد الخفاجي الذي قتل، رفقة 22 شخصا آخرين، في تفجير انتحاري في مدينة الكاظمية شمال بغداد في 15 أكتوبر 2014 (إ.ب.أ) و مقاتلون من البيشمركة يطلقون المدافع باتجاه مواقع لتنظيم داعش في منطقة طوزخورماتو جنوب مدينة كركوك في 13 أغسطس 2014 (إ.ب.إ)

في صيف عام 2012 تمكن رئيس الوزراء العراقي السابق والنائب الحالي لرئيس الجمهورية، نوري المالكي من الإفلات من محاولة لسحب الثقة عنه. كان قد تشكل محور مناوئ له أطلق عليه محور «أربيل - النجف» ضم كلا من رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وزعيم القائمة العراقية آنذاك إياد علاوي، ورئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي.
هذا المحور تمكن من جمع الأصوات الكافية لسحب الثقة عن المالكي داخل البرلمان، غير أن الرئيس العراقي السابق جلال طالباني هو من حال دون ذلك.
استمر المالكي في السلطة ليواجه منذ مطلع العام الحالي 2014 سلسلة أحداث أمنية وسياسية، وفيما بعد حزبية إلى حد كبير حين دخلت المرجعية الشيعية العليا على خط المطالبة بالتغيير. لكن بدءا من شهر فبراير (شباط) الماضي كان تنظيم داعش قد بدأ يتوغل داخل المدن العراقية لتكون الفلوجة أول مدينة عراقية يعلن فيها التنظيم ولاية أطلق عليها اسم «ولاية الفلوجة». وفي حين بدا أن المالكي لا يزال يمسك بالسلطة، فإنه ومع استمرار الاحتجاجات السنية في المحافظات الغربية التي استغلها تنظيم داعش لصالحه، بدأ شعار التغيير في إطار السعي لإزاحة المالكي يتحول من مطلب سني إلى مطلب عراقي عام.
راهن المالكي على الانتخابات التشريعية التي جرت في 30 أبريل (نيسان) الماضي. تصدر ائتلافه دولة القانون نتائج الانتخابات، لكن شقة الخلاف بدأت تتسع داخل البيت الشيعي. أعلن كل من التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم رفضهما منحه ولاية ثالثة. الكتلتان السنية والكردية في البرلمان العراقي أعلنتا رفضهما الكامل التمديد للمالكي إلى حد الانسحاب من الحكومة وربما العملية السياسية.
وفي 10 يونيو (حزيران) 2014 احتل تنظيم داعش الموصل، وبعده بيوم واحد محافظة صلاح الدين وتمدد نحو أجزاء كبيرة من محافظة ديالى ومن ثم باتجاه بغداد التي لم يعد يفصله عنها سوى أقل من 30 كيلومترا. ضاق الخناق على المالكي تماما. وفي حين بقي يراهن على قوته العددية داخل البرلمان، فإن مسار تشكيل الحكومة؛ بدءا بالرئاسات الثلاث، بدا مفارقا تماما أحلام المالكي في البقاء رئيسا للوزراء لدورة ثالثة.
ودخلت المرجعية الشيعية العليا في النجف بقوة على خط استبدال المالكي؛ بل إن أحد المراجع الأربعة الكبار؛ آية الله العظمى بشير النجفي، أفتى بحرمة انتخاب المالكي، بينما بقي المرجع الأعلى آية الله العظمى علي السيستاني يوجه ممثليه كل صلاة جمعة بضرورة التغيير.
ووجد حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي نفسه محصورا في زاوية حرجة بين تماسك الحزب والائتلاف، وعدم القدرة على تجاهل رغبة المرجعية. وأرسل الحزب كتابا إلى السيستاني في شهر يونيو يستفتيه في الأمر، فكان الجواب الذي كان بمثابة ضربة قاضية للمالكي. كان نص إجابة السيستاني هو: «ضرورة اختيار رئيس جديد للوزراء». إذن قضي الأمر الذي كان يستفتي فيه المالكي مؤيديه وخصومه معا.
وبسلاسة غير متوقعة، جرى انتخاب رئيسي الجمهورية، فؤاد معصوم، والبرلمان، سليم الجبوري. وفي اليوم التالي لأداء معصوم اليمين الدستورية لم يعد أمامه سوى أسبوعين لتكليف مرشح الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة وأمام هذا الأخير شهر.
اضطر المالكي أخيرا إلى التنازل لخلفه حيدر العبادي، القيادي في «دولة القانون» وحزب الدعوة، وكلاهما بزعامة المالكي. لكن كان كل شيء يشير إلى أن العبادي الذي حصد تأييدا داخليا وإقليميا ودوليا منقطع النظير، كان قد حصد تأييد كل التحالف الوطني الشيعي وربما أكثر من نصف مؤيدي المالكي من «دولة القانون» وحزب الدعوة.
عاد المالكي بمنصب رمزي «نائب رئيس الجمهورية». وطبقا للمراقبين السياسيين، فإن قبوله بهذا المنصب جاء بهدف حمايته من أي ملاحقات بتهم فساد أو قضايا أخرى تتعلق بفترة حكمه التي استمرت 8 أعوام. لكن الأمور لم تنته عند هذا الحد. فمسألة «سقوط الموصل» التي يقال إن المالكي أراد استخدامها سيفا مسلطا ضد خصومه من خلال مطالبته إقرار قانون الطوارئ الذي لم يحصل عليه، يبدو أنها ستتحول إلى أكبر سيف مسلط على رأسه، لا سيما أن لجنة التحقيق في سقوط ثاني أكبر مدينة عراقية بدأت أعمالها باستجواب 3 من أهم قادة المالكي العسكريين (الجنرالات عبود كنبر وعلي غيدان ومحسن الكعبي). وربما لن يطول الوقت حتى يمثل المالكي أمام اللجنة البرلمانية، ولا أحد يعرف إن كان سيمثل متهما بريئا حتى تثبت إدانته، أم شاهدا.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.