أسابيع الموضة العالمية لربيع وصيف 2021 لا تجد من يحتفل بها

من أجل السلامة... فيكتوريا بيكهام تلغي عرضها

عارضة تقدم زياً من تصميم {بورا أكسو} ضمن أسبوع لندن للازياء (رويترز)
عارضة تقدم زياً من تصميم {بورا أكسو} ضمن أسبوع لندن للازياء (رويترز)
TT

أسابيع الموضة العالمية لربيع وصيف 2021 لا تجد من يحتفل بها

عارضة تقدم زياً من تصميم {بورا أكسو} ضمن أسبوع لندن للازياء (رويترز)
عارضة تقدم زياً من تصميم {بورا أكسو} ضمن أسبوع لندن للازياء (رويترز)

بعد شد وجذب، توصل خبراء وصناع الموضة إلى نتيجة واحدة، وهي البحث عن طريقة تتعايش فيها عروض الأزياء الفعلية والافتراضية بعض مع بعض. طريقة لا تُفقد عروض الأزياء الفعلية إثارتها وجاذبيتها وفي الوقت ذاته تستفيد من عالم التكنولوجيا. لحد الآن لم تتحقق هذه الموازنة ولا يزال عالم الموضة يعيش تخبطاً يأمل الخروج منه بأقل الخسائر. فأسابيع الموضة التي انطلقت منذ نحو عشرة أيام في نيويورك ومرت بلندن لتصل حالياً إلى ميلانو ومنها إلى باريس في الأسبوع المقبل، مرت مرور الكرام تقريباً، ولم تشد الأنفاس كما في السابق. عشاقها هم فقط من تابعوها بحماس. كأن هذا ليس كافياً، وانخفضت نسبة تمويلاتها الإعلانية وتغطياتها الإعلامية.
وفيما لا يزال بعض المصممين يستميتون في المكابرة أو التحدي، فإن البعض الآخر رفع الراية البيضاء معلناً استسلامه لواقع جديد فرض نفسه على الساحة وآن أوانه، مصرّحين بأن دور الجائحة اقتصر على تسريعه. من هؤلاء نذكر دار «غوتشي» ودار «سان لوران» اللتين قررتا تقديم عروضهما عندما يكون الوقت مناسباً وعندما تتوفر لديهما تصاميم تستحق العرض وإن خارج برامج أسابيع الموضة الموسمية. كذلك المصممة البريطانية فيكتوريا بيكهام، التي انسحبت من البرنامج الرسمي للموضة بلندن قبل عرض كانت تنويه أن يكون على شكل صالون حميم بأيام معدودات. شرحت أن فكرتها الأولية كانت إقامة 3 عروض متتالية يحضر كل واحد منها نحو 15 ضيفاً تُوزّع عليهم كمامات بتوقيعها ويجلسون كل منهم على بُعد مترين عن الآخر، لكنها شعرت بأن العرض لن يكون عملياً أو منطقياً، رغم تخفيف قيود الحجر التي شهدتها بريطانيا في الأسابيع الأخيرة. في المقابل قدمت تشكيلتها في نفس القاعة التي كانت قد حجزتها للعرض، أمام ضيوف مقسمين إلى مجموعات لا تزيد عن ثلاثة أشخاص في كل مرة، يستمعون إلى شرحها ويلمسون تصاميمها لكن يفتقدون حماسة أيام زمان بسبب غياب الموسيقى والإضاءة، وربما أيضاً الازدحام. وبما أن التشكيلة وُلدت في زمن الحجر الصحي، كان لا بد أن تتأثر بما أمْلته علينا الجائحة من سلوكيات جديدة. فلأول مرة تتضمن مجموعة من بنطلونات الجينز، فيما يمكن اعتباره سابقة بالنسبة لفيكتوريا بيكهام التي تميل إلى الفساتين والتنورات والبنطلونات الواسعة عادةً. لكن حسب تصريحها فقد وجدت نفسها، في فترة الحجر، لا تتخلى عن بنطلون الجينز إلى حد أنه أصبح رفيقها الدائم، لهذا كان من الطبيعي أن يقتحم أفكارها ويظهر في تشكيلتها، حسب قولها.
ورغم مباركة البعض للخطوة التي اتخذتها المصممة على أساس أنها مسؤولة، من الصعب تجاهل حقيقة أن المصممة تعاني من تراجع في المبيعات منذ سنوات، وأن هناك محاولات كثيرة من مستثمرين لإنعاشها حتى قبل الجائحة، وإن كان تأثيرها أكثر وضوحاً هذه المرة من خلال استغنائها عن عرض فعلي وغياب زوجها ديفيد بيكهام وأبنائها الذين كانوا دائماً يتصدرون المقاعد الأمامية ليشكلوا صورة مثيرة تتداولها وسائل الإعلام وتعتمد هي عليها للحصول على تغطيات مجانية. تأثير الأزمة ظهر أيضاً في عدد التصاميم التي تقلصت من 46 تصميماً إلى 20 فقط حتى تقدر على مصاريف إنتاجها. ومما يُذكر في بداية الجائحة أيضاً، أنها كانت من بين المصممين الذين أثاروا ضجة كبيرة بسبب استغنائها عن 120 من موظفيها وتحويلهم على إعانات الحكومة. ما زاد الأمر سوءاً أنها كانت وفي نفس التوقيت، تنشر صوراً عن حياتها الناعمة وعيشها الرغيد في بيتها الضخم في الريف الإنجليزي.
تجدر الإشارة إلى أن فيكتوريا بيكهام ليست الوحيدة التي اعتمدت على استقبال ضيوفها ليوم كامل خلال أسبوع لندن للموضة، خوفاً من التجمعات الكثيرة. فأغلب المصممين وبيوت الأزياء اختاروا الوقاية والسلامة مثل دار «بيربري» التي كانت تقدم أهم عرض في الأسبوع. هي الأخرى اقتصرت على عرض افتراضي عن بُعد، بينما فضّل آخرون تسجيل عروضهم على شكل أفلام، رغم علمهم مسبقاً بأنها لن تثير اهتمام سوى قلة من المتابعين والعارفين بعد أن كانت آمالهم معقودة على مصلٍ يجنّبهم الخسارة ويجعل الحياة تدب من جديد في أسابيع الموضة هذا الشهر. في المقابل، حصل العكس، فهناك مخاوف من موجة جديدة من الإصابات، وهو ما يعني صعوبة التنقل والسفر وإغلاق المحلات، إلى جانب عزوف المستهلك عن الخروج والشراء مكتفياً بالتسوق الإلكتروني عندما تستدعي الحاجة.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».