هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

حملتها الأخيرة تلعب على جاذبية عراقتها وتاريخها

الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)
الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)
TT

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)
الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن الأوضاع لن تكون جيدة في عام 2025. فالركود الاقتصادي مستمر، وسيزيد من سوئه الاضطرابات السياسية وتضارب القوى العالمية.

حتى سوق الترف التي ظلت بمنأى عن هذه الأزمات في السنوات الأخيرة، لن تنجو من تبعات الأزمة الاقتصادية والمناوشات السياسية، وبالتالي فإن الزبون الثري الذي كانت تعوّل عليه هو الآخر بدأ يُغير من سلوكياته الشرائية. مجموعات ضخمة مثل «إل في إم آش» و«كيرينغ» و«ريشمون» مثلاً، وبالرغم من كل ما يملكونه من قوة وأسماء براقة، أعلنوا تراجعاً في مبيعاتهم.

أنا وينتور لدى حضورها عرض «بيربري» في شهر سبتمبر الماضي (رويترز)

لكن ربما تكون بيوت بريطانية عريقة مثل «مالبوري» و«بيربري» هي الأكثر معاناة مع قلق كبير على مصير هذه الأخيرة بالذات في ظل شائعات كثيرة بسبب الخسارات الفادحة التي تتكبدها منذ فترة. محاولاتها المستميتة للبقاء والخروج من الأزمة، بتغيير مصممها الفني ورئيسها التنفيذي، لم تُقنع المستهلك بإعادة النظر في أسعارها التي ارتفعت بشكل كبير لم يتقبله. استراتيجيتها كانت أن ترتقي باسمها لمصاف باقي بيوت الأزياء العالمية. وكانت النتيجة عكسية. أثبتت أنها لم تقرأ نبض الشارع جيداً ولا عقلية زبونها أو إمكاناته. وهكذا عِوض أن تحقق المراد، أبعدت شريحة مهمة من زبائن الطبقات الوسطى التي كانت هي أكثر ما يُقبل على تصاميمها وأكسسواراتها، إضافة إلى شريحة كبيرة من المتطلعين لدخول نادي الموضة.

المغنية البريطانية جايد ثيروال لدى حضورها عرض «بيربري» في شهر سبتمبر الماضي (رويترز)

هذا الزبون، من الطبقة الوسطى، هو من أكثر المتضررين بالأزمة الاقتصادية العالمية، وبالتالي فإن إمكاناته لم تعد تسمح له بمجاراة أسعار بيوت الأزياء التي لم تتوقف عن الارتفاع لسبب أو لآخر. بينما يمكن لدار «شانيل» أن ترفع أسعار حقائبها الأيقونية لأنها تضمن أن مبيعاتها من العطور ومستحضرات التجميل والماكياج وباقي الأكسسوارات يمكن أن تعوض أي خسارة؛ فإن قوة «بيربري» تكمن في منتجاتها الجلدية التي كانت حتى عهد قريب بأسعار مقبولة.

المعطف الممطر والأكسسوارات هي نقطة جذب الدار (بيربري)

«مالبوري» التي طبّقت الاستراتيجية ذاتها منذ سنوات، اعترفت بأن رفع أسعارها كان سبباً في تراجع مبيعاتها، وبالتالي أعلنت مؤخراً أنها ستعيد النظر في «تسعير» معظم حقائبها بحيث لا تتعدى الـ1.100 جنيه إسترليني. وصرح أندريا بالدو رئيسها التنفيذي الجديد لـ«بلومبرغ»: «لقد توقعنا الكثير من زبوننا، لكي نتقدم ونستمر علينا أن نقدم له منتجات بجودة عالية وأسعار تعكس أحوال السوق».

الممثل الآيرلندي باري كيغن في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

«بيربري» هي الأخرى بدأت بمراجعة حساباتها؛ إذ عيّنت مؤخراً جاشوا شولمان، رئيساً تنفيذياً لها. توسّمت فيه خيراً بعد نجاحه في شركة «كوتش» الأميركية التي يمكن أن تكون الأقرب إلى ثقافة «بيربري». تعليق شولمان كان أيضاً أن الدار تسرّعت في رفع أسعارها بشكل لا يتماشى مع أحوال السوق، لا سيما فيما يتعلق بمنتجاتها الجلدية. عملية الإنقاذ بدأت منذ فترة، وتتمثل حالياً في حملات إعلانية مبتكرة بمناسبة الأعياد، كل ما فيها يثير الرغبة فيها.


مقالات ذات صلة

إبداعات نجحت بالصدفة وتحولت إلى أيقونات

لمسات الموضة كان لأميرة ويلز ونجوم الغناء دور في انتعاش مجموعة «الحمرا» من جديد (غيتي)

إبداعات نجحت بالصدفة وتحولت إلى أيقونات

في عالم الترف، تحصل مفاجآت سارة قد لا تكون متوقعة أو محسوبة حتى بالنسبة لصناعها. تكون أقرب إلى ضربات حظ منها إلى مجرد تصاميم مبتكرة.

لمسات الموضة من عرض «فيلفيتي كوتور» (مجلس الأزياء العربي)

بعد طول مكابرة... صناع الموضة يُراهنون على منطقة الشرق الأوسط بكثافة

صناع الموضة أدركوا أن المكابرة والاستمرار في تجاهل سوق الشرق الأوسط خسارة. كلهم يتوددون لهذه السوق أملاً في كسب زبائن مقتدرين ويقدِّرون الموضة

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة من عرض الـ«كروز» الذي قدمته الدار في لندن لعام 2024 (أ.ب)

الأزمة العالمية تودي بمصمم دار «غوتشي» بعد عامين فقط

لم يكن التوقيت في مصلحة المصمم... ما بين تغير سلوكيات المستهلك، والركود الذي تشهده الأسواق الآسيوية، كما أن اقتراحاته كانت هادئة لم تُحفز الرغبة في الشراء.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة العارضة أندريانا ليما في عرض مانيش مالهوترا (مجلس الموضة العربي)

المصمم الهندي مانيش مالهوترا يختتم أسبوع دبي للموضة

اختتم أسبوع دبي لخريف وشتاء 2025-2026 يوم السبت الماضي، بعرضٍ مثير للمصمم الهندي مانيش مالهوترا. كان عالمياً بكل المقاييس، ليس من ناحية تنوع التصاميم وبريقها…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة تعمد المصمم عرض تشكيلته في صالة «إنتركوننتال» نظراً لتاريخه وفخامته (روبير أبي نادر)

روبير أبي نادر يكشف رؤيته للفخامة بالأقمشة والرخام

من حكايات القصور وأسرار الأميرات، يستلهم المصمم روبير أبي نادر تشكيلته لموسم ربيع وصيف 2025.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إبداعات نجحت بالصدفة وتحولت إلى أيقونات

كان لأميرة ويلز ونجوم الغناء دور في انتعاش مجموعة «الحمرا» من جديد (غيتي)
كان لأميرة ويلز ونجوم الغناء دور في انتعاش مجموعة «الحمرا» من جديد (غيتي)
TT

إبداعات نجحت بالصدفة وتحولت إلى أيقونات

كان لأميرة ويلز ونجوم الغناء دور في انتعاش مجموعة «الحمرا» من جديد (غيتي)
كان لأميرة ويلز ونجوم الغناء دور في انتعاش مجموعة «الحمرا» من جديد (غيتي)

في عالم الترف، تحصل مفاجآت سارة قد لا تكون متوقعة أو محسوبة حتى بالنسبة لصناعها. تكون أقرب إلى ضربات حظ منها إلى مجرد تصاميم مبتكرة. نذكر منها على سبيل المثال حقيبة البيركين لدار «هيرميس» والتي وُلدت من لقاء عابر بين الرئيس التنفيذي للدار والنجمة الراحلة جين بيركين، عبرت فيه هذه الأخيرة عن رغبتها في حقيبة عملية. تحققت أمنيتها وحققت الدار ما لم تكن تتوقعه. فالحقيبة لا تزال منجم ذهب ولم يخفت بريقها إلى اليوم.

حقيبة بيركين من «هيرميس» تتغير ألوانها وخاماتها وتبقى أساسياتها راسخة (صورة أرشيفية)

نفس الشيء يمكن أن يقال عن بنطلون الجينز «ليفايز» وكيف تحول من قطعة تستهدف البروليتاريا من مزارعين وغيرهم إلى قطعة راقية تقدر بمئات الدولارات، وعن المعطف الممطر من «بيربري»، الذي مرَّ على تصميمه للجنود والعساكر أكثر من قرن من الزمن ولا يزال قطعة أساسية في خزانة كل رجل وامرأة، من دون أن ننسى الفستان الأسود الناعم من «شانيل» وجاكيت «البار» من «ديور».

ساعة «بانثير دو كارتييه» إحدى أيقونات الدار الناجحة (كارتييه)

في عالم المجوهرات لا يختلف الأمر. فدار «كارتييه» لا تزال تعتز بأيقونات ولدت منذ عقود مثل ساعة «بانثير» التي لم يؤثر الزمن على جمالها أو مبيعاتها، كذلك «فان كليف أند آربلز» التي تكتشف في كل موسم قوة مجموعتها «الحمرا».

سحرها لم يتوقف أو يخفت منذ صدورها أول مرة في عام 1968 إلى اليوم كتعويذة مستوحاة من براسيم رباعية الأوراق تجلب الحظ السعيد. هي الآن تشهد إقبالاً غير مسبوق من قبل المرأة والرجل على حد سواء. ظهور أميرة ويلز كاثرين ميدلتون بطقم من المجموعة في مناسبات عديدة ارتقى بها وحمّس شريحة كبيرة من الشابات على اقتنائها. بالنسبة للرجل، فإن ظهور نجوم غناء من أمثال عمرو دياب وسعد المجرد ومغني الراب الكندي، درايك بها وغيرهم، استقطب لها شريحة من الزبائن لم تكن في الحسبان عند طرحها أول مرة.

أميرة ويلز في عقد وأقراط أذن من مجموعة «الحمرا» (غيتي)

اللافت أنه رغم أن كل الأسماء السابقة تُصدر في كل عام أو موسم مجموعات جديدة لا تقل إبداعاً، فإن هذه الأيقونات تحديداً أكدت أن لها سحراً لا يقاوم أو يُفسّر. قد يكون للتوقيت دور في نجاحها. مجموعة «الحمرا» مثلاً شهدت النور في الستينات، وهذه حقبة بدأت فيها المرأة تتحرر من قيود عدة، من ضمنها تمردها على إملاءات المجتمع فيما يتعلق بمظهرها، وأيضاً بداية ظهور خط الأزياء الجاهزة.

لم تعد الموضة، أزياء ومجوهرات، تقتصر على الـ«هوت كوتور» وأطقم المجوهرات المرصعة بالأحجار الكريمة والكبيرة للمناسبات الخاصة. أصبحت أكثر ديمقراطية، تتوجه لكل الأعمار والأذواق والمناسبات.

سوار من مجموعة «الحمرا» تناغم فيه العقيق الأزرق مع الذهب الأصفر (فان كليف أند آربلز)

من هذا المنظور، كانت مجموعة «الحمرا» عز الطلب. أتاحت لامرأة ناضجة أن تنسقها مع فستان سهرة، ولفتاة في عُمر الصبا أن تنسقها مع كنزة وبنطلون جينز.

كان من البديهي أن يُشجع نجاح هذه الأيقونات على استغلالها، بتجديدها وإعادة صياغتها لتواكب التطورات والأهواء من جهة وتُحافظ على سحرها من جهة أخرى. في كل الحالات، لا تتغير أساسياتها ويقتصر التغيير على الألوان والخامات والأحجار الكريمة. «هيرميس» مثلاً تجدد حقيبتها الأيقونية بتطوير الجلود وإضافة تفاصيل طفيفة، ودار «بيربري» باستعمال خامات تتعدى الغاباردين أو الصوف إلى الحرير والجاكار في معاطفها الممطرة، وفستان «شانيل» الناعم لم يعد أسود بالكامل، بعد أن تم تطعيمه بخيوط من الذهب أو الفضة وهكذا.

تشمل مجموعة «الحمرا» أساور وقلادات وخواتم

بالنسبة لـ«فان كليف أند آربلز» فقد أعادت طرح «الحمرا» حديثاً بزخرفة غيوشيه مع درجات العقيق الأزرق، الذي ظهر فيها أول مرة في العام 1989، وحتى عام 2024، جاء محاطاً بحبيبات خرز ذهبية تزيد العقيق الأزرق عُمقاً والتصميم إغراءً.