التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن الأوضاع لن تكون جيدة في عام 2025. فالركود الاقتصادي مستمر، وسيزيد من سوئه الاضطرابات السياسية وتضارب القوى العالمية.
حتى سوق الترف التي ظلت بمنأى عن هذه الأزمات في السنوات الأخيرة، لن تنجو من تبعات الأزمة الاقتصادية والمناوشات السياسية، وبالتالي فإن الزبون الثري الذي كانت تعوّل عليه هو الآخر بدأ يُغير من سلوكياته الشرائية. مجموعات ضخمة مثل «إل في إم آش» و«كيرينغ» و«ريشمون» مثلاً، وبالرغم من كل ما يملكونه من قوة وأسماء براقة، أعلنوا تراجعاً في مبيعاتهم.
لكن ربما تكون بيوت بريطانية عريقة مثل «مالبوري» و«بيربري» هي الأكثر معاناة مع قلق كبير على مصير هذه الأخيرة بالذات في ظل شائعات كثيرة بسبب الخسارات الفادحة التي تتكبدها منذ فترة. محاولاتها المستميتة للبقاء والخروج من الأزمة، بتغيير مصممها الفني ورئيسها التنفيذي، لم تُقنع المستهلك بإعادة النظر في أسعارها التي ارتفعت بشكل كبير لم يتقبله. استراتيجيتها كانت أن ترتقي باسمها لمصاف باقي بيوت الأزياء العالمية. وكانت النتيجة عكسية. أثبتت أنها لم تقرأ نبض الشارع جيداً ولا عقلية زبونها أو إمكاناته. وهكذا عِوض أن تحقق المراد، أبعدت شريحة مهمة من زبائن الطبقات الوسطى التي كانت هي أكثر ما يُقبل على تصاميمها وأكسسواراتها، إضافة إلى شريحة كبيرة من المتطلعين لدخول نادي الموضة.
هذا الزبون، من الطبقة الوسطى، هو من أكثر المتضررين بالأزمة الاقتصادية العالمية، وبالتالي فإن إمكاناته لم تعد تسمح له بمجاراة أسعار بيوت الأزياء التي لم تتوقف عن الارتفاع لسبب أو لآخر. بينما يمكن لدار «شانيل» أن ترفع أسعار حقائبها الأيقونية لأنها تضمن أن مبيعاتها من العطور ومستحضرات التجميل والماكياج وباقي الأكسسوارات يمكن أن تعوض أي خسارة؛ فإن قوة «بيربري» تكمن في منتجاتها الجلدية التي كانت حتى عهد قريب بأسعار مقبولة.
«مالبوري» التي طبّقت الاستراتيجية ذاتها منذ سنوات، اعترفت بأن رفع أسعارها كان سبباً في تراجع مبيعاتها، وبالتالي أعلنت مؤخراً أنها ستعيد النظر في «تسعير» معظم حقائبها بحيث لا تتعدى الـ1.100 جنيه إسترليني. وصرح أندريا بالدو رئيسها التنفيذي الجديد لـ«بلومبرغ»: «لقد توقعنا الكثير من زبوننا، لكي نتقدم ونستمر علينا أن نقدم له منتجات بجودة عالية وأسعار تعكس أحوال السوق».
«بيربري» هي الأخرى بدأت بمراجعة حساباتها؛ إذ عيّنت مؤخراً جاشوا شولمان، رئيساً تنفيذياً لها. توسّمت فيه خيراً بعد نجاحه في شركة «كوتش» الأميركية التي يمكن أن تكون الأقرب إلى ثقافة «بيربري». تعليق شولمان كان أيضاً أن الدار تسرّعت في رفع أسعارها بشكل لا يتماشى مع أحوال السوق، لا سيما فيما يتعلق بمنتجاتها الجلدية. عملية الإنقاذ بدأت منذ فترة، وتتمثل حالياً في حملات إعلانية مبتكرة بمناسبة الأعياد، كل ما فيها يثير الرغبة فيها.