بابا الفاتيكان يدين تجاوزات المتشددين ويدعو إلى الحوار لحل النزاعات في العالم

ملكة بريطانيا تحث على التسامح وتشيد بجهود مكافحة إيبولا

شوارع لندن خالية من البشر تحتفل بأعياد الميلاد (تصوير: جيمس حنا)
شوارع لندن خالية من البشر تحتفل بأعياد الميلاد (تصوير: جيمس حنا)
TT

بابا الفاتيكان يدين تجاوزات المتشددين ويدعو إلى الحوار لحل النزاعات في العالم

شوارع لندن خالية من البشر تحتفل بأعياد الميلاد (تصوير: جيمس حنا)
شوارع لندن خالية من البشر تحتفل بأعياد الميلاد (تصوير: جيمس حنا)

دعا البابا في كلمته بمناسبة أعياد الميلاد أمس إلى وقف «الاضطهاد الوحشي» الذي يمارسه المتشددون في العراق وسوريا ومناطق أخرى في العالم من نيجيريا إلى باكستان، منددا بأعمال العنف بحق الأطفال وسط حالة من «اللامبالاة».
وبدا البابا متأثرا ومستاء في الرسالة التي وجهها إلى 1.2 مليار كاثوليكي على خلفية حروب وتطرف ديني. ومن دون أن يسميه، شدد البابا على تجاوزات تنظيم داعش، وقال: «أسأل الله أن ينظر إلى إخواننا وأخواتنا في العراق وسوريا الذين يعانون منذ زمن من آثار النزاع الحالي وإلى الذين يتعرضون لاضطهاد وحشي لأنهم ينتمون إلى مجموعات إثنية ودينية مختلفة». وأشار البابا في الرسالة التي نقلتها تلفزيونات العالم إلى «الأشخاص المشتتين النازحين واللاجئين من أطفال وراشدين ومسنين في المنطقة والعالم أجمع». وأعرب عن الأمل في «أن يحصلوا على المساعدات الإنسانية اللازمة للاستمرار في فصل الشتاء وأن يعودوا إلى ديارهم».
ودعا أن «يعم السلام في نيجيريا حيث تتم مجددا إراقة الدماء وينتزع الكثير من الأفراد من كنف أسرهم ويحتجزون رهائن أو يقتلون» على يد جماعة بوكو حرام المتشددة. وفرضت ولايتان في شمال شرقي نيجيريا قيودا صارمة على التجول خشية من هجمات لبوكو حرام خلال أعياد الميلاد.
وغصت ساحة القديس بطرس بالزوار الذين توجهوا لسماع كلمة البابا وقدر عددهم بـ100 ألف شخص. ووجه البابا رسالة قوية حول استغلال الأطفال في العالم، وقال: «هناك الكثير من الأطفال الذين يتعرضون لتجاوزات ويتم استغلالهم أمام أعيننا ووسط صمتنا». وأشار إلى «الأطفال الذين يقتلون تحت القصف بما في ذلك حيث ولد المسيح (في الأرض المقدسة)». ومنددا أيضا بـ«اللامبالاة»، عبر البابا عن الأسف للأطفال «الذين يقتلون قبل أن يبصروا النور» في إدانة ضمنية للإجهاض.
كما دعا البابا إلى الحوار في ليبيا وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية لكي يعم السلام. وأعرب عن تضامنه مع الضحايا الأفارقة لفيروس إيبولا مجددا «دعوة ملحة لتقديم المساعدة والعلاج اللازمين».
وتعد هذه السنة الثانية التي يترأس فيها البابا فرنسيس الذي بلغ الـ78 من العمر ويتمتع بشعبية كبيرة في العالم، قداس أعياد الميلاد. وليل الأربعاء - الخميس وفي قداس منتصف الليل، طلب البابا من الكاثوليك مواجهة الأوضاع «الصعبة جدا» بـ«المحبة والاعتدال». ووجه البابا رسالة بالفيديو إلى الكوريين الذين ذكرهم بزيارته في أغسطس (آب) الماضي إلى كوريا الجنوبية. وأكد في هذه الرسالة التي بثتها القناة الكورية الجنوبية «كي بي إس» أن «الاحتفال الكبير على شرف الشهداء (الكاثوليك في القرنين الـ18 والـ19 في كوريا) واللقاءات ما زالت حية في ذاكرتي».
من جهتها، أشادت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية في كلمتها بمناسبة أعياد الميلاد بجهود مكافحة مرض «إيبولا» ونوهت بذكرى ضحايا الحروب. وقالت الملكة عن الجهود الكبيرة التي يبذلها الأطباء والمعاونون لهم من أجل وقف انتشار الفيروس «لقد تأثرت كثيرا بهذه الجهود». وزارت الملكة (88 عاما) النصب التذكاري لضحايا الحرب عند برج لندن إحياء لذكراهم. وقالت إن أحد الدروس المستفادة من تجربة الحرب العالمية الأولى يتمثل في المصالحة التي عبرت عن نفسها في «هدنة الكريسماس عام 1914» والتي شهدت تخلي الجنود البريطانيين والألمان عن خنادقهم في وقت متزامن. وأضافت إليزابيث «من دون أي تعليمات أو قيادة، توقف إطلاق النار والتقى الجنود البريطانيون والألمان، وتم التقاط الصور الفوتوغرافية وتبادل الهدايا. لقد كانت هدنة الكريسماس». وقالت الملكة إليزابيث أيضا: «فى بعض الأحيان يبدو أن فرصة تحقيق المصالحة محدودة في مواجهة الحرب والاختلافات، ولكن، كما علمتنا (هدنة الكريسماس) قبل قرن من الزمان، فإن السلام والنوايا الحسنة يكتسبان قوة دائمة في قلوب الرجال والنساء». ودعت الملكة إلى التسامح الديني وحثت رعاياها في بريطانيا ودول الكومنولث على «احترام كل الشعوب بغض النظر عما إذا كانت شعوبا مؤمنة أم لا».
بدوره، وجه الرئيس الإيراني حسن روحاني تهنئته بأعياد الميلاد إلى قادة العالم والبابا فرنسيس آملا في التعاون من أجل «نشر السلام والأمن والرفاهية في العالم». وفي رسالة إلى البابا ندد روحاني بالذين «يحاولون إحداث انقسامات بالعنف ويقضون على الكرامة الإنسانية».
وفي كوبا سبقت الاحتفالات هدية لم يكن الكوبيون يتوقعونها تتمثل بالتقارب مع الولايات المتحدة. أما في الصين، فمنعت وينجو، كبرى مدن إقليم جيجيانغ الواقع شرق البلاد التي تضم عددا كبيرا من المسيحيين، عددا من المدارس من الاحتفال بأعياد الميلاد معتبرة أنه «غربي». وذكرت صحيفة «غلوبال تايمز» أمس، أن وزارة التعليم في الحكومة المحلية أمرت بعدم تنظيم أي حدث «مرتبط بأعياد الميلاد» في المدارس والمعاهد والجامعات مؤكدة ضرورة «تشجيع المدارس على مزيد من الاهتمام بالأعياد التقليدية الصينية». وتوصف وينجو بأنها «قدس الشرق» نظرا لنشاط البناء ولوجود عدد كبير من المسيحيين فيها. وفي جامعة تشيان شمال الصين منعت أي احتفالات بأعياد الميلاد، وأجبر الطلاب على مشاهدة أفلام طويلة تمجد الفيلسوف كونفوشيوس، حسبما ذكرت شبكات للتواصل الاجتماعي.



ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
TT

ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)

تقف خمس شابات في وسط العاصمة الأوكرانية، رغم البرد القارس، دقيقة صمت إحياء لذكرى ضحايا الغزو الروسي، في مبادرة أطلقها الرئيس فولوديمير زيلينسكي في مارس (آذار) 2022 على أن تكون جزءا من الحياة اليومية، لكن بعد حوالى ثلاث سنوات من الحرب أصبحت مشهدا نادر الحدوث.

حملت الفتيات لافتات تدعو المارة إلى التوقف للمشاركة في دقيقة صمت عند التاسعة صباحا، وهو جزء من هذه المبادرة الرسمية التي أطلقها زيلينسكي بعد أسابيع قليلة من بدء الحرب. لكن معظم الحشود الخارجة من محطة مترو غولدن غايت المركزية في كييف، كانت تمر بمحاذاتهن من دون التوقف.

وبعد انتهاء الدقيقة، طوت طالبة الصحافة أوليا كوزيل (17 عاما) اللافتات المصنوعة من ورق الكرتون المقوى في حقيبة.

وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «أشعر بالغضب من الأشخاص الذين لا يتوقفون، الذين ينظرون ويقرأون، وأستطيع أن أرى في عيونهم أنهم يقرأون لافتاتنا لكنهم يواصلون طريقهم».

كوزيل هي جزء من مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين يحاولون إعادة الزخم لمبادرة زيلينسكي.

عندما لا يكون هناك تحذير من غارات جوية، يجتمع هؤلاء مرة في الأسبوع في مكان مزدحم لتشجيع سكان كييف على التوقف لمدة 60 ثانية.

وتقول كوزيل إن دقيقة الصمت هي وسيلة لمعالجة الحزن الجماعي والفردي الذي يخيم على الأوكرانيين أكانوا يعيشون قرب الجبهة أو بعيدا منها.

ويبدو أن حملة الشابات بدأت تثمر. فقد وافقت بلدية كييف هذا الأسبوع على القراءة الأولى لمشروع قانون يجعل دقيقة الصمت إلزامية في المدارس وبعض وسائل النقل العام. ويشمل المقترح أيضا عدا تنازليا يتردّد صداه عبر مكبرات الصوت في كل أنحاء المدينة من الساعة 9,00 حتى 9,01 صباح كل يوم.

وتعود الفكرة الأصلية لهذه المبادرة إلى إيرينا تسيبوخ، الصحافية التي أصبحت مقدمة رعاية على الجبهة والمعروفة في أوكرانيا باسمها الحركي «تشيكا». وأثار مقتلها قرب الجبهة في مايو (أيار)، قبل ثلاثة أيام من عيد ميلادها السادس والعشرين، موجة من الحزن.

ناشطات من منظمة «الشرف» يحملن صور جنود أوكرانيين سقطوا في المعارك خلال وقفة «دقيقة صمت» في كييف (أ.ف.ب)

وقالت صديقتها كاترينا داتسينكو لوكالة الصحافة الفرنسية في أحد مقاهي كييف «عندما علمنا بمقتل إيرا (إيرينا) قلنا لأنفسنا أمرين: أولا، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ أرادت إيرا أن تعيش كثيرا. وثانيا: يجب أن نكمل معركتها. لا يمكننا أن نستسلم».

وكانت تسيبوخ تريد من الأوكرانيين أن يخصّصوا دقيقة لأحبائهم أو الأشخاص الذين يمثلون لهم شيئا ما، على أساس أن التفكير الجماعي في ضحايا الحرب يمكن أن يوحّد الأمة في مواجهة الصدمة الفردية.

* الأكلاف البشرية

قال زيلينسكي أخيرا إن 43 ألف جندي أوكراني قتلوا في الحرب، رغم أن التقديرات المستقلة تشير إلى أن العدد أعلى من ذلك بكثير.

من جهتها، تفيد الأمم المتحدة بأن العدد المؤكد للقتلى المدنيين البالغ 11743 هو أقل من الواقع إلى حد كبير.

ومع ارتفاع هذه الحصيلة بشكل يومي، يحاول الناشطون غرس معنى جديد لطريقة تخليد ضحايا الحرب.

وقالت الناشطة داتسينكو (26 عاما) التي شاركت في تأسيس المنظمة غير الحكومية «فشانوي» أي «الشرف»، «لا أعرف كيف يمكن لدولة بهذا الحجم أن تخلّد ذكرى كل شخص، لكنّ ذلك ممكن على مستوى المجتمع».

من جهته، رأى أنتون دروبوفيتش، المدير السابق لمعهد الذاكرة الوطنية في أوكرانيا، أن دقيقة الصمت «لا تتعلق بالحرب، بل بالأشخاص. أولئك الذين كانوا معنا بالأمس، والذين شعرنا بدفئهم لكنهم لم يعودوا هنا... الأمر يتعلق بالحب والكلمات التي لم يكن لديك الوقت لتقولها للأشخاص الذين تحبهم».

لكن بعض معارضي الفكرة يقولون إن التذكير اليومي بالخسارة يجعل الناس عالقين في الماضي.