«عن العشاق»... مسرحية مصرية تمزج مختارات أم كلثوم بنصوص أندلسية

بحث عرضها بمواقع تاريخية بعد نجاحها في «الأمير طاز»

مشهد من العرض المسرحي الموسيقي «عن العشاق» (وزارة الثقافة المصرية)
مشهد من العرض المسرحي الموسيقي «عن العشاق» (وزارة الثقافة المصرية)
TT

«عن العشاق»... مسرحية مصرية تمزج مختارات أم كلثوم بنصوص أندلسية

مشهد من العرض المسرحي الموسيقي «عن العشاق» (وزارة الثقافة المصرية)
مشهد من العرض المسرحي الموسيقي «عن العشاق» (وزارة الثقافة المصرية)

بحركات استعراضية ومختارات غنائية من أعمال «كوكب الشرق» أم كلثوم ونصوص أندلسية، وشعبية مصرية، تواصل مسرحية «عن العشاق» تقديم عروضها المشوقة بقصر الأمير طاز الأثري بالقاهرة، وبعد نجاح المسرحية في اجتذاب الجمهور بشكل لافت خلال الآونة الأخيرة، قررت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة المصرية مد تقديم العرض أسبوع إضافي، كما وجهت بأن يطوف العرض عدداً من الأماكن التاريخية في مختلف محافظات مصر، لما «يحمله من مثل عليا ومعانٍ نبيلة حيث يبرز قيمة الحب كعاطفة إنسانية سامية»، بحسب إيناس عبد الدايم التي أشادت خلال حضورها للعرض مساء أول من أمس، مع عدد من مسؤولي وزارة الثقافة، بالرؤية الإخراجية للعرض التي وظفت المفردات التاريخية لقصر الأمير طاز بشكل ناجح، بجانب الأداء المميز لأبطال العرض.
عرض «عن العشاق» مقتبس من كتاب «طوق الحمامة» لابن حزم الأندلسي، وتمتزج بعض نصوصه باللغة العربية الفصحى، مع مشاهد بالعامية المصرية، ومختارات من أشهر أعمال «كوكب الشرق» أم كلثوم، بجانب أداء حركي وارتجالات حرة لمجموعة من عازفي فرقة «بيت العود العربي» و«دار الأوبرا» على آلات العود، القانون، ومن إنتاج مركز الهناجر للفنون بالشراكة مع صندوق التنمية الثقافية، من بطولة حمزة العيلي، وأميرة عبد الرحمن، وأحمد زكريا، وسارة هريدي، وتمثيل وعزف وغناء ماهر محمود إسماعيل، وأداء حركي إيمان لطفي، وغناء نجوى حمدي، مساعد مخرج سمية أبو العز، وكريم عرفة، ملابس أيمن الزرقاني، تصميم حركي هاني حسن، و«دراما تورج» كريم عرفة، وفكرة وإخراج هاني عفيفي.
وعن فكرة العرض، يقول المخرج هاني عفيفي لـ«الشرق الأوسط»: «في التراث العربي يُعتبر كتاب (طوق الحمامة في الألفة والأُلَّاف) لابن حزم الأندلسي، أحد أهم الكتب التي تناولت تفاصيل أفكار الحب، بجانب قيمته التراثية والأدبية المهمة، كما أنه يكتسب قيمة علمية كبيرة أيضاً كون كاتبه أحد أكبر علماء الفقه الإسلامي»، مشيراً إلى أن «موضوع وأفكار وحكايات الكتاب رُبما تُراجع كثيراً من الأفكار المتشددة المنتشرة هذه الأيام عن تحريم الحب وتحريم الفن». على حد تعبيره.
ويؤكد عفيفي أنه «استبدل بعض الشواهد الشعرية بالكتاب بما يناسبها من مختارات أعمال (كوكب الشرق) أم كلثوم، لأن معظم الشواهد الشعرية في كتب التراث غريبة الألفاظ والتراكيب على كثير من جمهورنا من الشباب».
ويتم إعادة عرض مسرحية «عن العشاق» حالياً بعد نجاحها على مدار خمسة مواسم سابقة، بدأت في يوليو (تموز) عام 2013». وفق عفيفي، الذي قُدمت أعماله على مسارح «الهناجر ودار الأوبرا المصرية ومركز الإبداع الفني»، ومن أبرز مسرحياته «تسجيل دخول، ليلة، زي الناس، عن العشاق، أنا هاملت، أنا دلوقت ميت، ولد وبنت، وحاجات»، وحصلت أعماله على عدد من الجوائز الدولية والمحلية من بينها «جائزة أفضل ممثل» من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي 2009 والجائزة الثانية من مهرجان الدراما اليونانية القديمة قبرص 2008 وجائزة لجنة التحكيم الخاصة للمهرجان القومي للمسرح 2006 وجوائز أفضل عرض، وأفضل مخرج، وأفضل ممثل، من مهرجان الشباب المبدع لدورتين متتاليتين في عامي 2004 و2005.
وترى إيناس عبد الدايم أن «المسرح يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في تشكيل وبناء الشخصية المصرية لما يملكه من قدرة على تجسيد القضايا المجتمعية وتطويعها لخدمة هذا الهدف إلى جانب مجابهة التعصب ونبذ العنف ومدى إسهام ذلك في خلق مجتمع واع بمقتضيات وتحديات التنمية الوطنية المنشودة».
ويعد قصر الأمير طاز تحف معمارية تاريخية بقلب القاهرة، على بعد أمتار قليلة من قلعة صلاح الدين، شُيد القصر عام 753هـ - 1352م، للأمير سيف الدين عبد الله طاز بن قطغاج، أحد الأمراء البارزين في دولة المماليك البحرية، الذي بدأ نجمه في الصعود خلال حكم الصالح إسماعيل بن الناصر محمد (743 - 746هـ) (1343 - 1345م).


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».