الإجراءات اللبنانية والسورية تنشّط خطوط تهريب اللاجئين عبر الحدود

وفاة فتاة خلال عبورها مسلكاً غير شرعي

عناصر من الجيش اللبناني والدفاع المدني ينقلون جثمان السورية التي توفيت أثناء تهريبها إلى سوريا (الشرق الأوسط)
عناصر من الجيش اللبناني والدفاع المدني ينقلون جثمان السورية التي توفيت أثناء تهريبها إلى سوريا (الشرق الأوسط)
TT

الإجراءات اللبنانية والسورية تنشّط خطوط تهريب اللاجئين عبر الحدود

عناصر من الجيش اللبناني والدفاع المدني ينقلون جثمان السورية التي توفيت أثناء تهريبها إلى سوريا (الشرق الأوسط)
عناصر من الجيش اللبناني والدفاع المدني ينقلون جثمان السورية التي توفيت أثناء تهريبها إلى سوريا (الشرق الأوسط)

فتحت وفاة فتاة سورية خلال رحلة عبورها من لبنان إلى الداخل السوري ليل السبت – الأحد، ملف مسالك التهريب غير الشرعية التي يمر عبرها السوريون، والتي تَضاعف نشاطها خلال الأسابيع الماضية.
ونقلت فرق الدفاع المدني، زينب محمد الإبراهيم (17 عاماً) جثة إلى «مستشفى إلياس الهراوي» الحكومي في زحلة في البقاع، أمس (الأحد)، إثر وفاتها خلال رحلة عبورها مسلكاً غير شرعي من جبال الصويري بين لبنان وسوريا في البقاع (شرق لبنان).
وقالت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» في المستشفى إن الفتاة تعاني من سمنة زائدة، ولم تحتمل رحلة العبور سيراً على الأقدام ما أدى إلى مضاعفات صحية، ولم يستطع مرافقوها من عائلتها إنقاذها ما أدى إلى وفاتها. وحسب رواية الدفاع المدني الذي نقل الجثة إلى المستشفى، لم تتبين آثار تعذيب أو كدمات.
وسلكت الإبراهيم طريق التهريب بسبب انتهاء إقامتها في لبنان وعدم قدرتها على التجديد وهرباً من فحص pcr وتصريف المائة دولار بالسعر الرسمي على الحدود اللبنانية السورية.
وتفرض السلطات السورية على العائدين من الخارج تصريف مبلغ 100 دولار في المصرف التجاري السوري على الحدود بالسعر الرسمي السوري كشرط للدخول إلى بلادهم، وهو أحد الأسباب التي أدت إلى تنشيط خط التهريب بين لبنان وسوريا. ويُضاف هذا السبب إلى أسباب أخرى متعلقة بالقانون اللبناني الذي يفرض على السوريين الذين دخلوا بطريقة غير شرعية إلى لبنان قبل سنوات، منعاً من الدخول إلى الأراضي اللبنانية لمدة خمس سنوات بعد إجراء التسوية والخروج إلى سوريا.
وبات الدخول والخروج من لبنان إلى سوريا وبالعكس، مادة مربحة للمهربين بعد تطبيق قانون سوري قضى بإلزام كل شخص سوري يرغب في الخروج من لبنان والعودة إلى سوريا بأن يصرف في المصرف التجاري السوري على الحدود اللبنانية السورية مائة دولار أميركي بالسعر الرسمي مقابل قسيمة تخوّل له الدخول إلى الأراضي السورية.
وقالت مصادر لبنانية إن السوريين يهربون من إجراء فحص «بي سي آر» ومن تصريف المائة دولار، ما أسهم في رواج حركة التهريب على المعابر غير الشرعية في البقاعين الشمالي والغربي وهما الأكثر نشاطاً في حركة التهريب شبه اليومية مع حركة خجولة تحصل بشكل شبه يومي للدخول والخروج من معبر فليطا عرسال. ويتقاضى المهربون مقابل كل عملية دخول أو خروج عن كل شخص ما يقارب المائة دولار غير مشروطة الدفع بعملة محددة سواء لبنانية أو سورية.
ويشهد معبر جبال «الصويري - بركة الرصاص» غير الشرعي المحاذي لمعبر المصنع في البقاع الغربي، نشاطاً متزايداً في حركة التهريب، ويعد السماسرة قيمين عليه، حيث ينقلون النازحين السوريين من منطقة المصنع اللبناني لتهريبهم على المعابر غير الشرعية المحاذية لمنطقة المصنع، تلافياً لقرار منع العودة الدائمة أو لمدة خمس سنوات للموجودين بطريقة غير شرعية على الأراضي اللبنانية. وبذلك يكون النازح قد نجا من دفع مائة دولار مرتفعة الثمن وغير متوفرة في جيبه، ومن فحص pcr، ومن قرار منع العودة الدائمة أو لخمس سنوات إلى الداخل اللبناني. ويعود النازحون بالطريقة نفسها عبر المسالك غير الشرعية ويدفعون مائة دولار أيضاً لخط العودة.
وفي الأسبوع الأول من شهر سبتمبر (أيلول) الحالي، أوقف الجيش اللبناني عصابة سرقة سيارات في بلدة القصر عند الحدود اللبنانية السورية تعمل على تهريب السيارات المسروقة من لبنان إلى الداخل السوري. وأوقف الجيش أربعة أشخاص سوريين ولبنانيين يعملون على نقل وبيع السيارات المسروقة إلى الأراضي السورية.
وفي الأسبوع الأخير من أغسطس (آب) الماضي، وإثر مراقبة أحد مخيمات النزوح السوري في البقاع، أوقفت دورية من مخابرات الجيش اللبناني سوريين اثنين من مخيم الطيبة على طريق رياق بعلبك الدولي، كانا قد دخلا الأراضي اللبنانية خلسة عن طريق التهريب في البقاع الغربي وهما يخضعان للتحقيق في أحد المراكز العسكرية.
فتحت وفاة فتاة سورية خلال رحلة عبورها من لبنان إلى الداخل السوري ليل السبت – الأحد، ملف مسالك التهريب غير الشرعية التي يمر عبرها السوريون، والتي تَضاعف نشاطها خلال الأسابيع الماضية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».