حكايات «علي بابا» التراثية تحشد المصريين رغم «كورونا»

لقطات من عرض عرائس «علي بابا والأربعين حرامي»
لقطات من عرض عرائس «علي بابا والأربعين حرامي»
TT

حكايات «علي بابا» التراثية تحشد المصريين رغم «كورونا»

لقطات من عرض عرائس «علي بابا والأربعين حرامي»
لقطات من عرض عرائس «علي بابا والأربعين حرامي»

رغم معالجة النصوص التراثية العربية درامياً وكوميدياً في السينما والتلفزيون والمسرح على مدار العقود الماضية بأكثر من شكل، فإنها ما تزال جاذبة للمشاهدين المصريين. فقد استطاع عرض عرائس «علي بابا والأربعين حرامي» الذي تقدمه فرقة «تحت 18»، التابعة للبيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية، في قاعة صلاح جاهين بمسرح البالون، في مدينة الجيزة (غرب القاهرة)، اجتذاب الجمهور المصري لمتابعته.
المخرج عبد المنعم محمد، مدير «فرقة تحت 18»، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «بعد قرار استئناف الأنشطة الفنية التابعة لوزارة الثقافة المصرية، عقب أشهر من الإغلاق بسبب (كورونا)، فكرنا في تقديم عمل فني استعراضي جديد موجه للأطفال من أجل التخفيف عنهم، إثر أشهر الحظر المنزلي الصعبة، وقبل عودة المدارس، ووقع اختيارنا على حكاية (علي بابا والأربعين حرامي)، إحدى أشهر حكايات (ألف ليلة وليلة)».
ويعتمد عرض العرائس الذي بدأ تقديمه الأسبوع الماضي، وتبلغ مدته ساعة و4 دقائق، على الإبهار البصري والغنائي، ويحث الأطفال على الأمانة وعدم الطمع في أموال الآخرين، وفق مدير الفرقة الذي يضيف: «رغم أن علي بابا يسرق الكنز في الحكاية الأصلية مع الأربعين حرامي، فإنه لا يقوم بعمل ذلك في عرضنا الجديد، إذ يحاول الشيطان (على هيئة حماره) إقناعه بسرقة الكنز، لكنه يفيق في النهاية. ويحوي العرض فقرات راقصة مميزة، إذ يرقص علي بابا مع حماره، وترقص زوجته مع ثيابها المرقعة».
ولمواجهة تزاحم الجمهور على العرض، والالتزام بالإجراءات الاحترازية الخاصة بـ(كورونا) التي تقضي بحضور 25 في المائة فقط من الطاقة الاستيعابية للمسرح، قرر المخرج عادل عبده، رئيس البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية، إقامة حفلين يومياً، أيام الخميس والجمعة والسبت من كل أسبوع، لعرض «علي بابا والأربعين حرامي»، تلبية لرغبة الجمهور: الأولى «ماتنيه» في تمام الساعة السادسة والنصف، والثانية «سورايه» في تمام الثامنة مساءً، بقاعة صلاح جاهين بمسرح البالون.
ورفع عرض «علي بابا والأربعين حرامي» شعار «كامل العدد» بعد أيام قليلة من تدشينه. وحسب مدير «فرقة تحت 18»، فإن العدد المقرر لحضور الجمهور يكتمل قبل بدء العرض بنحو 4 ساعات، مشيراً إلى أن «هذا الإقبال يسعد فريق العمل، ويعطي لهم دفعة قوية لتقديم أفضل ما لديهم في العرض».
عرض «علي بابا والأربعين حرامي» من إنتاج «فرقة تحت 18»، وأشعار محمد الزناتي، وألحان محمد رؤوف، وتوزيع كرم صفوت، وديكور هند مصطفى، وتصميم عرائس محمد فوزي بكار، وإعداد عبد المنعم محمد، وإخراج حسن الشريف.
ويعرب مدير فرقة «تحت 18» عن سعادته الكبيرة لنجاح عرض «أليس في بلاد العجائب»، أحد العروض التي تنتجها فرقته، الذي يقدم حالياً على مسرح محمد عبد الوهاب بالإسكندرية (شمال مصر)، مشيراً إلى أنه حقق إيرادات تزيد على 3 ملايين جنيه، خلال 75 ليلة عرض. ويروي العرض القصة العالمية الشهيرة للفتاة «أليس» التي تنتقل إلى عالم خيالي تسكنه مخلوقات غريبة، حيث ينتظرها كثير من المغامرات والمواقف الشيقة.
ويهدف البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية الذي أنشئ عام 1981 إلى الحفاظ على الموروث الشعبي والتراثي والهوية الفنية المصرية، ويضم عدداً من الفرق المميزة، من بينها فرقة رضا للفنون الشعبية، والفرقة القومية للفنون الشعبية، والفرقة الغنائية الاستعراضية، وفرقة مسرح تحت 18، وفرقة أنغام الشباب، والفرقة القومية للموسيقى الشعبية، وفرقة الإنشاد الديني، بالإضافة إلى السيرك القومي في العجوزة. وتولى رئاسة البيت الفني للفنون الشعبية عدد من الأسماء البارزة، من بينهم الفنان الراحل محمود رضا، والمخرج أحمد زكي، والمخرج خالد جلال، والمخرج شريف عبد اللطيف، وغيرهم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».