اقتصاد بريطانيا يعوّض نصف «انهيار كوفيد ـ 19»

وزير الخارجية الياباني موتيغي توشيميتسو خلال اتصال عبر الفيديو مع وزيرة التجارة الدولية البريطانية ليز تروس قبل إعلان التوصل لاتفاق للتجارة الحرة بين البلدين أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الياباني موتيغي توشيميتسو خلال اتصال عبر الفيديو مع وزيرة التجارة الدولية البريطانية ليز تروس قبل إعلان التوصل لاتفاق للتجارة الحرة بين البلدين أمس (إ.ب.أ)
TT

اقتصاد بريطانيا يعوّض نصف «انهيار كوفيد ـ 19»

وزير الخارجية الياباني موتيغي توشيميتسو خلال اتصال عبر الفيديو مع وزيرة التجارة الدولية البريطانية ليز تروس قبل إعلان التوصل لاتفاق للتجارة الحرة بين البلدين أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الياباني موتيغي توشيميتسو خلال اتصال عبر الفيديو مع وزيرة التجارة الدولية البريطانية ليز تروس قبل إعلان التوصل لاتفاق للتجارة الحرة بين البلدين أمس (إ.ب.أ)

فيما أعلنت بريطانيا الجمعة أنها توصلت إلى اتفاق للتجارة الحرة مع اليابان، في أول اتفاقية رئيسية تبرمها لندن لمرحلة ما بعد بريكست، عوض اقتصاد بريطانيا نصف انهياره بفعل أزمة كوفيد-19 بحلول نهاية يوليو (تموز)، بدعم من إعادة فتح الحانات والمطاعم بعد إجراءات العزل العام، لكن من المتوقع أن يتباطأ الانتعاش مع تنامي فقدان الوظائف والتوتر بشأن الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
وبعد أن انكمش بوتيرة قياسية بلغت عشرين بالمائة في الربع الثاني، قال مكتب الإحصاءات الوطنية الجمعة إن الناتج نما 6.6 بالمائة في يوليو، بمعدل أبطأ من الوتيرة الشهرية المسجلة في يونيو (حزيران).
كان خبراء اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم توقعوا نموا 6.7 بالمائة. وأبدى وزير المالية ريشي سوناك ترحيبا بالأرقام لكنه أضاف أن القلق ينتاب الناس بحق حيال الأشهر المقبلة.
وما زال الاقتصاد يقل 12 بالمائة عن مستواه في فبراير (شباط) قبل أن تضرب الجائحة بريطانيا. وقال توماس بوغ الخبير الاقتصادي لدى كابيتال إيكونوميكس: «يوليو كان على الأرجح الأخير في الزيادات الكبيرة للنشاط ولن يتم تحقيق التعافي الكامل على الأرجح حتى أوائل 2022».
وأضاف بوغ لرويترز أنه في المقابل، من المرجح أن يعزز بنك إنجلترا المركزي برنامجه التحفيزي لشراء السندات بواقع الثلث أو ما يعادل 250 مليار جنيه إسترليني (320 مليار دولار). وعانى اقتصاد بريطانيا من أشد انخفاض في الربع الثاني أكثر من أي دولة بين مجموعة الدول السبع في الفترة بين أبريل (نيسان) ويونيو.
وتبددت الآمال في تعاف سريع، إذ تواجه الشركات صعوبات للتكيف مع قواعد التباعد الاجتماعي وما زال العديدون مترددين في السفر باستخدام المواصلات العامة أو الذهاب إلى الأماكن المزدحمة. كما يزيد التوتر بين لندن وبروكسل بشأن اتفاق تجاري لما بعد انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي.
وفي غضون ذلك، أعلنت بريطانيا الجمعة أنها توصلت إلى اتفاق للتجارة الحرة مع اليابان، في أول اتفاقية رئيسية تبرمها لندن لمرحلة ما بعد بريكست. وأفادت وزارة التجارة الدولية في بيان أن «المملكة المتحدة أبرمت اتفاقا للتجارة الحرة مع اليابان، هو أول اتفاق تجاري رئيسي لبريطانيا كدولة تجارية مستقلة»، موضحة أنه يفترض أن «يسمح بزيادة حجم التجارة مع اليابان» بما قيمته 15.2 مليار جنيه إسترليني (19.5 مليار دولار).
وتم التوصل إلى اتفاق مبدئي على «اتفاق الشراكة الاقتصادية الشاملة بين بريطانيا واليابان» خلال اتصال جرى عبر الفيديو الجمعة بين وزيرة التجارة الدولية البريطانية ليز تروس ووزير الخارجية الياباني موتيغي توشيميتسو. ويعد اتفاق أوسع بين الاتحاد الأوروبي واليابان دخل حيز التنفيذ العام الماضي، ولم يعد ينطبق على بريطانيا منذ 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أساس الاتفاق الحالي بين لندن وطوكيو. وغادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي في يناير (كانون الثاني)، وتحاول حاليا إبرام اتفاقيات تجارية قبل نهاية العام.
وقالت تروس: «هذه لحظة تاريخية بالنسبة لبريطانيا واليابان بصفته أول اتفاق تجاري رئيسي لنا لمرحلة ما بعد بريكست»، مشيرة إلى أن الاتفاق «خطوة مهمة» باتجاه الانضمام إلى الشراكة عبر المحيط الهادئ.
وقالت بريطانيا إن الاتفاق، الذي جرت الموافقة عليه من حيث المبدأ، يعني أن 99 بالمائة من صادراتها إلى اليابان ستكون معفاة من الرسوم، وأن البنود الخاصة بالمسائل الرقمية والبيانات في الاتفاق تجاوزت بكثير تلك الواردة في الاتفاق التجاري للاتحاد الأوروبي مع اليابان، مما سيساعد شركات التكنولوجيا المالية البريطانية العاملة في البلد الآسيوي.
وستستفيد شركات الخدمات المالية ومنتجو الأغذية وصانعو المعاطف وغيرهم من الاتفاق الذي يمثل «خطوة هامة» صوب انضمام بريطانيا إلى الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادي في منطقة آسيا والمحيط الهادي.
وقال بيان صادر عن إدارة التجارة البريطانية إن مستثمرين يابانيين كبارا في المملكة المتحدة مثل نيسان وهيتاشي سيستفيدون من الرسوم المخفضة على المكونات القادمة من اليابان وتبسيط الإجراءات التنظيمية.
وكان الطرفان قد توصلا إلى اتفاق جوهري بشأن معظم المجالات في السابع من أغسطس (آب) الماضي عقب محادثات في لندن، لكن لم يتسن لهما تحقيق هدفهما الأولي المتمثل في الاتفاق من حيث المبدأ بحلول نهاية أغسطس بسبب الخلافات حول مقدار خفض اليابان للرسوم الجمركية المفروضة على الجبن والواردات الزراعية من بريطانيا، وفقا لمصادر التفاوض.
وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قال إن الانفصال عن الاتحاد الأوروبي يمنح بريطانيا حرية إبرام اتفاقات تجارية مع بقية الدول في أنحاء العالم. ويقول منتقدون إن مثل تلك الاتفاقات من المستبعد أن تعوض فاقد الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي إذا لم يتم إبرام اتفاق مع بروكسل.
وطلب الاتحاد الأوروبي من بريطانيا أن تلغي خطة لخرق اتفاقية الانسحاب، لكن حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون رفضت مما قد يضيع أربع سنوات من محادثات انسحاب بريطانيا من التكتل.


مقالات ذات صلة

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)
TT

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)

يدرس القادة والمسؤولون الصينيون السماح بانخفاض قيمة اليوان في عام 2025، في وقت يستعدون فيه لفرض الولايات المتحدة رسوماً تجارية أعلى، في ظل رئاسة دونالد ترمب الثانية.

وتعكس هذه الخطوة إدراك الصين أنها بحاجة إلى تحفيز اقتصادي أكبر، لمواجهة تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية مرتفعة، وفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات. وكان ترمب قد صرح سابقاً بأنه يخطط لفرض ضريبة استيراد عالمية بنسبة 10 في المائة، إضافة إلى رسوم بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وسيسهم السماح لليوان بالضعف في جعل الصادرات الصينية أكثر تنافسية، مما يساعد على تقليص تأثير الرسوم الجمركية ويساهم في خلق بيئة نقدية أكثر مرونة في الصين.

وقد تحدثت «رويترز» مع 3 مصادر على دراية بالمناقشات المتعلقة بخفض قيمة اليوان؛ لكنهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لعدم تفويضهم بالحديث علناً حول هذه المسألة. وأكدت المصادر أن السماح لليوان بالضعف في العام المقبل سيكون خطوة بعيدة عن السياسة المعتادة التي تعتمدها الصين في الحفاظ على استقرار سعر الصرف.

وبينما من غير المتوقع أن يعلن البنك المركزي الصيني عن توقفه عن دعم العملة، فإنه من المتوقع أن يركز على منح الأسواق مزيداً من السلطة في تحديد قيمة اليوان.

وفي اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة التي تتخذ القرارات بين مسؤولي الحزب الشيوعي، هذا الأسبوع، تعهدت الصين بتبني سياسة نقدية «ميسرة بشكل مناسب» في العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها الصين تخفيفاً في سياستها النقدية منذ نحو 14 عاماً. كما لم تتضمن تعليقات الاجتماع أي إشارة إلى ضرورة الحفاظ على «استقرار اليوان بشكل أساسي»، وهو ما تم ذكره آخر مرة في يوليو (تموز)؛ لكنه غاب عن البيان الصادر في سبتمبر (أيلول).

وكانت سياسة اليوان محوراً رئيسياً في ملاحظات المحللين الماليين ومناقشات مراكز الفكر هذا العام. وفي ورقة بحثية نشرتها مؤسسة «China Finance 40 Forum» الأسبوع الماضي، اقترح المحللون أن تتحول الصين مؤقتاً من ربط اليوان بالدولار الأميركي إلى ربطه بسلة من العملات غير الدولارية؛ خصوصاً اليورو، لضمان مرونة سعر الصرف في ظل التوترات التجارية المستمرة.

وقال مصدر ثالث مطلع على تفكير بنك الشعب الصيني لـ«رويترز»، إن البنك المركزي يدرس إمكانية خفض قيمة اليوان إلى 7.5 مقابل الدولار، لمواجهة أي صدمات تجارية محتملة، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 3.5 في المائة تقريباً عن المستويات الحالية البالغة 7.25.

وخلال ولاية ترمب الأولى، ضعُف اليوان بنسبة تزيد على 12 في المائة مقابل الدولار، خلال سلسلة من إعلانات الرسوم الجمركية المتبادلة بين مارس (آذار) 2018، ومايو (أيار) 2020.

اختيار صعب

قد يساعد ضعف اليوان ثاني أكبر اقتصاد في العالم على تحقيق هدف نمو اقتصادي صعب بنسبة 5 في المائة، وتخفيف الضغوط الانكماشية عبر تعزيز أرباح الصادرات، وجعل السلع المستوردة أكثر تكلفة. وفي حال تراجع الصادرات بشكل حاد، قد يكون لدى السلطات سبب إضافي لاستخدام العملة الضعيفة كأداة لحماية القطاع الوحيد في الاقتصاد الذي لا يزال يعمل بشكل جيد.

وقال فريد نيومان، كبير خبراء الاقتصاد في آسيا، في بنك «إتش إس بي سي»: «من الإنصاف القول إن هذا خيار سياسي. تعديلات العملة مطروحة على الطاولة كأداة يمكن استخدامها لتخفيف آثار الرسوم الجمركية». وأضاف أنه رغم ذلك، فإن هذا الخيار سيكون قصير النظر.

وأشار نيومان إلى أنه «إذا خفضت الصين قيمة عملتها بشكل عدواني، فإن هذا يزيد من خطر فرض سلسلة من الرسوم الجمركية، ويُحتمل أن تقول الدول الأخرى: إذا كانت العملة الصينية تضعف بشكل كبير، فقد لا يكون أمامنا خيار سوى فرض قيود على الواردات من الصين بأنفسنا». وبالتالي، هناك مخاطر واضحة من استخدام سياسة نقدية عدوانية للغاية؛ حيث قد يؤدي ذلك إلى رد فعل عنيف من الشركاء التجاريين الآخرين، وهو ما لا يصب في مصلحة الصين.

ويتوقع المحللون أن ينخفض اليوان إلى 7.37 مقابل الدولار بحلول نهاية العام المقبل. ومنذ نهاية سبتمبر، فقدت العملة نحو 4 في المائة من قيمتها مقابل الدولار.

وفي الماضي، تمكن البنك المركزي الصيني من احتواء التقلبات والتحركات غير المنظمة في اليوان، من خلال تحديد معدل التوجيه اليومي للأسواق، فضلاً عن تدخل البنوك الحكومية لشراء وبيع العملة في الأسواق.

وقد واجه اليوان -أو «الرنمينبي» كما يُسمَّى أحياناً- صعوبات منذ عام 2022؛ حيث تأثر بالاقتصاد الضعيف، وتراجع تدفقات رأس المال الأجنبي إلى الأسواق الصينية. كما أن أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة، إلى جانب انخفاض أسعار الفائدة الصينية قد ضاعفت من الضغوط على العملة.

وفي الأيام القادمة، ستناقش السلطات الصينية التوقعات الاقتصادية لعام 2025، بما في ذلك النمو الاقتصادي والعجز في الموازنة، فضلاً عن الأهداف المالية الأخرى، ولكن دون تقديم استشرافات كبيرة في هذا السياق.

وفي ملخصات مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي CEWC)) لأعوام 2020 و2022 و2023، تم تضمين التعهد بـ«الحفاظ على الاستقرار الأساسي لسعر صرف الرنمينبي عند مستوى معقول ومتوازن». إلا أنه لم يُدرج في ملخصات المؤتمر لعامي 2019 و2021.

ويوم الثلاثاء، انخفضت العملة الصينية بنحو 0.3 في المائة إلى 7.2803 مقابل الدولار. كما انخفض الوون الكوري، وكذلك الدولار الأسترالي والنيوزيلندي الحساسان للصين، في حين لامس الدولار الأسترالي أدنى مستوى له في عام عند 0.6341 دولار.