لاعبو الشطرنج يعودون إلى الطاولات مجدداً في مصر

بعد جولات افتراضية بسبب «كورونا»

عودة اللاعبين للتدرب في أكاديمية شطرنج القاهرة بعد أشهر من العزلة المنزلية (الشرق الأوسط)
عودة اللاعبين للتدرب في أكاديمية شطرنج القاهرة بعد أشهر من العزلة المنزلية (الشرق الأوسط)
TT

لاعبو الشطرنج يعودون إلى الطاولات مجدداً في مصر

عودة اللاعبين للتدرب في أكاديمية شطرنج القاهرة بعد أشهر من العزلة المنزلية (الشرق الأوسط)
عودة اللاعبين للتدرب في أكاديمية شطرنج القاهرة بعد أشهر من العزلة المنزلية (الشرق الأوسط)

بعد أشهر من العزلة والجولات الافتراضية، عاد لاعبو الشطرنج المصريين إلى طاولاتهم مجدداً بعد تخفيف إجراءات «تباعد كورونا»، للمنافسة في البطولات المسجلة في الاتحاد المصري للشطرنج.
محمود همام، مؤسس أكاديمية شطرنج القاهرة، يؤكد عودة النشاط إلى أكاديميته وأكاديميات أخرى، استعداداً لخوض المنافسات المقبلة، من بينها بطولة «الشطرنج السريع» التي يقوم حالياً عدد من طلابه بالتدريب المكثف استعداداً لها، وذلك بعد أشهر من الركود الذي تزامن مع شهور العزلة المنزلية.
وعلى مدار عشرين عاماً، هي المدة التي قضاها همام في تدريب رياضة الشطرنج، شهدت تلك اللعبة تغيرات استثنائية خلال الأشهر الماضية، لعل أبرزها الاعتماد الكبير على التدريب واللعب الإلكتروني لتلك اللعبة التقليدية، ويقول محمود همام في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن التوقف المُفاجئ الذي داهم العالم بسبب فيروس (كورونا) جعل القائمين على لعبة الشطرنج في العالم يلجأون لفكرة البطولات الإلكترونية، ويضيف: «هذا الأمر كان له بعد إيجابي وهو أنه جعل اللعبة التي تعتمد في الأساس على حضور اللاعبين في مربع واحد وطاولة واحدة يمكن أن يقوموا بمواجهاتهم عن بعد، ذلك بالنسبة للمحترفين، كما أنها أيضاً مكنت المدربين من مواصلة الدروس الخاصة بتعليم الشطرنج عن طريق تطبيقات إلكترونية مثل زووم وأخرى أكثر تخصصاً للشطرنج».
وقد سبق أن أعلن الاتحاد المصري للشطرنج في أبريل (نيسان) الماضي عن تنظيم عدة بطولات «أون لاين» في سابقة تواكب انتشار وباء كورونا العالمي، منها بطولة «مصر أونلاين للشطرنج الخاطف»، بالإضافة للمشاركة في عدة فعاليات خارج النطاق المحلي لعل أبرزها «بطولة العرب الفردية للشطرنج» عبر الإنترنت التي نظمها «الاتحاد العربي للشطرنج» في يونيو (حزيران) الماضي، وشارك بها نحو 1300 لاعب ولاعبة من عدد من البلاد العربية، وانتهت بفوز المصري باسم أمين بالميدالية الذهبية، وحصل على الميدالية الفضية الإماراتي سالم عبد الرحمن والبرونزية للمصري أحمد عدلي، الذي يعد اللاعب العربي والأفريقي الوحيد الذي استطاع أن يحرز بطولة العالم للشباب للشطرنج عام 2007.
ويعود تاريخ لعبة الشطرنج إلى أكثر من 1500 عام، وتعتمد تقاليد هذه اللعبة على مواجهة خصمين يجتمعان حول لوح اللعبة المكون من مربعات بيضاء وأخرى سوداء، ويقوم كل منهما بتحريك قطع الشطرنج الخاصة به التي تُمثل جيشاً له ملك ووزير وفيل وجنود وغيرها من القطع، وذلك بشكل استراتيجي ومحسوب إلى أن يستطيع أحد اللاعبين الإيقاع بقطعة «الملك» الخاصة بالمتنافس الآخر ليُطلق تعبيراً شهيراً وهو «كش ملك».
وعلى الرغم من أن لتلك اللعبة أصولا ملكية إلا أنها استطاعت تحقيق شعبية واسعة حتى أن محبيها لا يزالون يصطحبون لوح الشطرنج معهم للعب في النوادي والمقاهي، ويُفرق المدرب محمود همام بين لعبة الشطرنج بين كونها هواية أو كاحتراف قائلاً: «بمجرد أن يبدأ المتدرب في الانتقال من مجال الهواية للاحتراف فإنه يمضي من ساعة إلى ساعتين يومياً في التدرب على الشطرنج، وقد يصل التدريب إلى ست ساعات يوميا إذا سبق بطولة تماما كاحتراف أية رياضة».
عودة استئناف لعبة الشطرنج مجدداً في مصر تأتي ضمن عودة معظم الأنشطة إلى طبيعتها في مصر ضمن خطة التعايش التي اعتمدتها الحكومة المصرية للتخفيف من الآثار الناجمة عن قرار الإغلاق ومن بينها إعادة فتح دور السينما والمسرح واستئناف الحفلات الموسيقية والغنائية، وفتح المقاهي والمراكز التجارية بإجراءات احترازية.
ويعتمد الشطرنج كرياضة «ذهنية»، إلى جانب النواحي التكتيكية، على خصائص شخصية يعتبر المدرب محمود همام أنها تنمو بالتواصل المباشر بين اللاعبين «رغم أن اللعب الإلكتروني استطاع تقريب المسافات بين لاعبي العالم خلال أزمة «كورونا»، إلا أن لعبة الشطرنج تفقد الكثير من خصائصها ومتعتها عندما تتم عن بعد، فالتلاقي بين اللاعبين مهم جداً خصوصاً بين مجتمع هذه اللعبة التي تعتمد على التركيز والتخطيط الشديدين».
ويأمل همام أن تحمل الفترة المقبلة بصيص أمل لدعم لعبة الشطرنج سواء على مستوى دعم التدريب والبطولات، ودعم اللاعبين مادياً ومعنويا، والنظر له كمنهج من شأنه دعم التعليم «هناك بعض الدول الأوروبية التي أدخلت الشطرنج ضمن مناهجها التعليمية بالمدارس وعيا بأهميته كعلم ورياضة مفيدة في تنشئة الأطفال وتنمية مهاراتهم الذهنية» على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

بطلة شطرنج روسية تحاول تسميم منافستها باستخدام الزئبق (فيديو)

يوميات الشرق بطلة شطرنج روسية تحاول تسميم منافستها باستخدام الزئبق (فيديو)

بطلة شطرنج روسية تحاول تسميم منافستها باستخدام الزئبق (فيديو)

اعترفت بطلة الشطرنج الروسية، أمينة أباكاروفا، بمحاولة تسميم منافستها خلال بطولة شطرنج أقيمت في مدينة معج قلعة بجنوب روسيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بطل الشطرنج النيجيري توندي أوناكويا خلال المباراة (أ.ب)

لعب 58 ساعة دون توقف... نيجيري يحطم الرقم القياسي لأطول ماراثون شطرنج

حطم بطل شطرنج نيجيري الرقم القياسي لأطول ماراثون شطرنج بعد أن لعب مباراة دون توقف لمدة 58 ساعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
رياضة عالمية الشطرنج الصيني (غيتي)

فضيحة تهز عالم الشطرنج الصيني

يشهد عالم الشطرنج الصيني بلبلة بسبب إشاعات الغش وفضيحة سلوك سيئ أدت إلى تجريد البطل الوطني من لقبه بعدما انتهى احتفاله بالفوز بتبرزه في حوض استحمام فندق.

«الشرق الأوسط» (شنغهاي)
رياضة عربية شاهين (يمين) مع عمدة مدينة إدنبره (الشرق الأوسط)

جلال شاهين يضع الشطرنج الليبي على الخريطة العالمية

شاهين يؤكد أن شعبية الشطرنج تتسع عربياً وإدراجها ضمن البرامج الإلكترونية زاد من رقعتها.

«الشرق الأوسط» (ادنبرة)
رياضة عربية المصرية نور الشربيني من أبرز اللاعبات في العالم (الاتحاد الدولي للشطرنج)

نور الشربيني وفرج يتوجان بكأسي باريس للإسكواش

أحرز المصريان علي فرج ونور الشربيني لقبي بطولة باريس للإسكواش بعد الفوز على دييغو إلياس ونوران جوهر السبت.

«الشرق الأوسط» (باريس)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».