«نجونا بأعجوبة»... رؤية مسرحية متفائلة لنهاية العالم

العرض المصري يدور في أجواء خيالية ضمن مهرجان «القاهرة التجريبي»

لقطات للعرض المسرحي «نجونا بأعجوبة» (مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)
لقطات للعرض المسرحي «نجونا بأعجوبة» (مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)
TT

«نجونا بأعجوبة»... رؤية مسرحية متفائلة لنهاية العالم

لقطات للعرض المسرحي «نجونا بأعجوبة» (مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)
لقطات للعرض المسرحي «نجونا بأعجوبة» (مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي)

بينما تميل معظم الأعمال التي تتناول «ثيمة نهاية العالم» إلى التشاؤم في رؤيتها لمصير الإنسانية، يجنح العرض المسرحي المصري «نجونا بأعجوبة» الذي يشارك في «مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي» حالياً إلى التفاؤل بإمكانية نجاة البشرية من جميع العقبات التي تهددها بالفناء سواء كانت كوارث طبيعية كالفيضانات والزلازل والبراكين، أم كوارث نفسية مثل العنف والحقد والأنانية، تجلى هذا التفاؤل في عدد من الملامح أبرزها الموسيقى الراقصة والمشاهد الكوميدية وتصميم الملابس والديكور الذي جاء باعثاً على البهجة من خلال اللون الأبيض للجليد واختيار أزياء تمزج بين الأزرق والأخضر بدرجاتهما المتفاوتة جعلت الممثلين أشبه ما يكون بمدعوين في حفلة تنكرية وليس عينة من جنس بشري يواجه خطر الانقراض.
العمل مأخوذ عن نص للكاتب ثورنتون وايلدر (1897 - 1975) والذي يشكل مع تنيسي ويلياميز ويوجين أونيل وأرثر ميللر الأربعة الكبار في المسرح الأميركي الحديث، لكن ما يميز وايلدر هو إيمانه العميق بإمكانية التواصل والانسجام بين جميع مكونات البشر والعيش في سلام وتعاون، وهو ما يبدو متأثراً فيه بعمله الأصلي كمعلم ومرب للنشء.
ومن الملاحظ أن هناك تفاوتاً لافتاً في الترجمة العربية للنص الأصلي للمسرحية والذي يحمل عنوان the Skin of our Teeth للكاتب الأميركي ثورنتون وايلدر (1897 - 1975) حيث قدمته الإذاعة المصرية بعنوان «بشق الأنفس»، بينما نشرت مكتبة الأنجلو العمل كاملاً بعنوان «هربنا بجلدنا»، مشيرة إلى أنها كلها تنويعات على الفكرة الأساسية للمؤلف، الذي يبدو مشغولاً بمصير الجنس البشري بعيداً عن اختلاف الأعراق والثقافات والمعتقدات.
أجادت مخرجة وبطلة العرض أسماء إمام في الحفاظ على روح النص الأصلي من حيث اختفاء ملامح الزمان والمكان فنحن بإزاء حالة من الفانتازيا لعائلة أميركية يحتفل فيها الزوجان، السيد والسيدة أنتروبوس، بعيد زواجهما الأول بعد الخمسة آلاف سنة... الزوج جورج (إبراهيم كمال) مشغول باختراعاته التي لا تنتهي فهو يمثل شغف التقدم لدى البشر، بينما الزوجة ماجي (أسماء إمام) تجسد قيمة التفاني، فتفني حياتها في أعمال المنزل أما سابينا (بيرهان أنور)، فهي رمز الجمال والطموح فتتحول من مجرد خادمة لدى العائلة إلى ملكة جمال الكون، فيما يجسد الابن هنري (أحمد عباس) الشر والعنف والطمع، وتجسد الابنة جلاديس (قمر السباعي) قيم السعي نحو الكمال والمثالية.
تسير الأحداث في خطين متوازيين هما الاهتمامات اليومية لإنسان العصر الحديث مع تطور حياة البشر عبر التاريخ، ثم تتدهور حالة المناخ وتنقرض الديناصورات وتضطر العائلة للهرب من الفيضان الذي يتحول إلى طوفان وتنجو في النهاية بوصولها سالمة إلى أرض جزيرة مجهولة، لكن مفاجأة أخرى بانتظارهم فالابن هنري يسعى لقتل أبيه حتى تصبح له الهيمنة وينفرد بقيادة المجتمع الجديد، لكن الأسرة بالغناء والحب والموسيقى تحتوي الابن المارق عاطفياً فيتراجع ولو مؤقتاً عن رغبته الدموية.
وعن اللمحات الكوميدي في العمل، تقول مخرجة العرض أسماء إمام، لـ«الشرق الأوسط» إنها «تعمدت ترك مساحة من الارتجال لكل ممثل لكي ينفعل ويبدع فيها كما وضعت بعض العبارات الساخرة المستوحاة من الروح الشعبية المصرية لكي تصنع المفارقة في سياق الحوار المحكوم بالعربية الفصحى كنص مترجم».
وتشير أسماء إمام إلى أن جرعة الموسيقى جاءت مكثفة في العرض لأنها تؤمن بسحرها وتأثيرها على خشبة المسرح، فهي قادرة على كسر الحاجز بين الممثلين والجمهور سريعاً، كما أن الموسيقى والغناء والرقص تنقل المتفرج سريعاً بين انفعالات قوية ومتناقضة وتعبر من حالة شعورية إلى أخرى.
وتؤكد مخرجة العرض أن طبيعة النص التي تميل للعبث والفانتازيا ساعدتها على كسر الإيهام أو ما يسمى «الحاجز الرابع» للمسرح، بمعنى أن يتمرد الممثلون على الدور الذي يقدمونه أمام الجمهور ويتكلموا عن أنهم ممثلون ولديهم مهمة محددة ويصارحوا المتفرجين بمخاوفهم إزاء تلك المهمة!
وتوضح المخرجة أنها تحمست لهذا النص تحديداً حيث وجدت فيها «خلطة» من عناصر متباينة، فهناك الكوميديا والغناء بموازاة الطمع والخيانة والغدر عبر جو عام من اللامنطق واللامعقول. مشيرة إلى أنها وجدت فيه التعبير الصادق عن مسيرة الجنس البشري عبر آلاف السنين!


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.