إسرائيل دمرت 270 «هدفاً إيرانياً» في سوريا خلال 32 شهراً

«المرصد» يشير إلى مقتل 500 من قوات طهران وميليشياتها

إسرائيل دمرت 270 «هدفاً إيرانياً» في سوريا خلال 32 شهراً
TT

إسرائيل دمرت 270 «هدفاً إيرانياً» في سوريا خلال 32 شهراً

إسرائيل دمرت 270 «هدفاً إيرانياً» في سوريا خلال 32 شهراً

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، بأن الغارات الإسرائيلية استمرت خلال 23 شهراً ضد «مواقع إيرانية» في سوريا؛ ما أدى إلى 80 استهدافاً أسفر عن تدمير 270 هدفاً ومقتل نحو 500 من القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها.
وأفاد «المرصد» في تقرير موسع أمس، بأنه بين بداية 2018 وبداية الشهر الحالي «شهدت 79 استهدافاً إسرائيلياً للأراضي السورية، أسفرت عن إصابة وتدمير نحو 250 هدفاً ما بين مبانٍ، ومستودعات، ومقرات، ومراكز، وسيارات. وأسفرت تلك الضربات عن مقتل واستشهاد 509 أشخاص، وتوزعت على النحو التالي: 12 مواطناً بينهم 3 مواطنات و3 أطفال، ومقتل 497 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها و(حزب الله) اللبناني والقوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها، وقد وزعوا كما يلي: 63 من عناصر قوات النظام، و35 من المسلحين الموالين لقوات النظام، و228 من (حزب الله) اللبناني والميليشيات الموالية لإيران، و171 من القوات الإيرانية والحرس الثوري الإيراني».
- منحي تصاعدي
والضربات الإسرائيلية على الأراضي السورية متواصلة منذ سنوات، لكنها أخذت منحى تصاعدياً منذ عام 2018، حيث سجل «المرصد السوري» ما لا يقل عن 26 استهدافاً لمواقع قوات النظام والقوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها من جنسيات سورية وغير سورية، توزعت على الشكل التالي: 12 استهدافاً لدمشق وريفها، و5 استهدافات على حمص و4 على القنيطرة واستهدافان على حلب واستهداف واحد لكل من دير الزور واللاذقية وطرطوس.
وشملت تلك الاستهدافات مواقع ومستودعات للأسلحة والذخائر، ومراكز ورادارات وبطاريات دفاع جوي، في كل من القطيفة، ومركز البحوث العلمية في جمرايا، والديماس، وطريق دمشق – بيروت، والكسوة، ومطار الضمير العسكري، ومعضمية الشام، وجرمانا، ومحيط مطار دمشق الدولي، ودير العشائر، ومطار المزة العسكري، وجبل المانع، ومناطق أخرى ضمن دمشق وريفها، ومطار التيفور وأطرافه، ومنطقة البيارات، ومطار الضبعة العسكري، ومنطقة الكوم، و«مدينة البعث»، وحضر، وخان أرنبة، وجبا في القنيطرة، و«اللواء 47» بريف حماة الجنوبي ومعامل الدفاع في مصياف، ومطار النيرب العسكري في حلب، ومنطقة الهري بدير الزور، وضواحي مدينة بانياس، والمؤسسة التقنية في ضواحي اللاذقية. ووثق «المرصد السوري» مقتل ما لا يقل عن 179 شخصاً في القصف الإسرائيلي على مدار عام 2018، غالبيتهم من القوات الإيرانية والميليشيات الموالية من جنسيات سورية وغير سورية.
- تثبيت التصعيد
استمرت إسرائيل خلال عام 2019 بتوجيه ضرباتها إلى مواقع قوات النظام والقوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها بالوتيرة ذاتها، وسجل «المرصد السوري» خلال ذلك العام ما لا يقل عن 23 استهدافاً، توزعت على الشكل التالي: 10 استهدافات لدمشق وريفها، و7 استهدافات على القنيطرة واستهدافان على دير الزور واستهداف واحد لكل من حمص، وحلب، وحماة، والسويداء، ودرعا.
وشملت تلك الاستهدافات مواقع ومستودعات للأسلحة والذخائر، ومراكز ورادارات وبطاريات دفاع جوي، في كل من مطار دمشق الدولي ومحيطه، والكسوة، وجمرايا، وجرود قارة، وفليطة، وصحنايا، والسيدة زينب، والمزة فيلات، وسعسع، ومطار المزة العسكري، وجديدة عرطوز، وقدسيا، وبيت سابر، وعقربا في دمشق وريفها، ومطار الثعلة العسكري في السويداء، وجباتا الخشب، والقنيطرة المهدمة، والكوم، وتل الشعار، ونبع الصخر، وتل بريقة في القنيطرة، المنطقة الواصلة بين المدينة الصناعية في الشيخ نجار بضواحي حلب، ومدرسة المحاسبة، وقرية الزاوي، ومعسكر الطلائع في مصياف، ومطار التيفور في حمص، وتل الحارة في درعا، ومنطقة الهري و«مركز الأمام علي» ومنطقة الحزام الأخضر والمنطقة الصناعية وفي قرية العباس بالقرب من مدينة البوكمال، والمعبر الحدودي مع العراق ومواقع أخرى في منطقة البوكمال بريف دير الزور الشرقي. ووثق «المرصد السوري» مقتل ما لا يقل عن 157 شخصاً في القصف على مدار عام 2019، غالبيتهم من القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها من جنسيات سورية وغير سورية.
- «تصاعد» التصعيد
أشار «المرصد» إلى أن الأشهر التسعة كانت «كفيلة لتؤكد إصرار إسرائيل على مجابهة النفوذ الإيراني على الأراضي السورية، وذلك عبر تصعيدها للقصف بشكل أكبر من عامي 2018 و2019، حيث سجل (المرصد السوري) خلال الأشهر التسعة من العام الحالي، ما لا يقل عن 30 استهدافاً»، توزعت على الشكل التالي: 11 استهدافاً على دير الزور، و7 استهدافات على حمص، و6 استهدافات على دمشق وريفها، و3 استهدافات على درعا، واستهدافان لكل من القنيطرة وحماة، واستهداف واحد على حلب.
وشملت تلك الاستهدافات مواقع ومستودعات للأسلحة والذخائر ومراكز ورادارات وبطاريات دفاع جوي، في كل من الكسوة و«اللواء 75» في محيط المقيلبية، ومطار دمشق الدولي ومحيطه، ومعبر جديد يابوس على الحدود السورية - اللبنانية وصحنايا، و«اللواء 91» في دمشق وريفها، والمطار الزراعي في ازرع، ومعربة، وتل أحمر، وكتيبة نامر، وكتيبة قرفا، وتل محجة في درعا، ومطار التيفور العسكري، ومطار الضبعة العسكري، ومطار الشعيرات، وبادية تدمر، ومعسكر «الحسن بن الهيثم» الواقع على طريق حمص - تدمر وطريق السخنة - دير الزور، وكودنا والقحطانية في القنيطرة، معامل الدفاع بمنطقة السفيرة في حلب، والقورية والصالحية والميادين وقاعدة معيزيلة وقلعة الرحبة والعباس وبادية السيال ومنطقة الثلاثات بريف البوكمال، بالإضافة إلى معامل الدفاع بريف مصياف ومعمل البصل والبطاطا.
ووثق «المرصد» مقتل ما لا يقل عن 161 شخصاً في القصف الإسرائيلي منذ بداية عام 2020، غالبيتهم الكاسحة من القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها من جنسيات سورية وغير سورية.
وقال «تأتي الغارات الإسرائيلية تحت ذريعة التهديد الاستراتيجي لإسرائيل الذي يمثله الوجود الإيراني في سوريا، إلى جانب توافق التوجه الإسرائيلي والروسي والأميركي فيما يخص إقصاء إيران عن المنطقة، حيث يأتي عدم اعتراض روسيا على الغارات الإسرائيلية نظراً لرغبتها في تغيير معادلة النفوذ في عموم سوريا، وفي محافظتي السويداء ودرعا على نحو خاص، من خلال (الفيلق الخامس) التابع لها، وكذلك سعيها لتطبيق سياسة (الهيمنة المرحلية) عن طريق السيطرة على معاقل النفوذ الإيراني في ريف حلب الجنوبي، وإعادة الانتشار في محيط منطقة إدلب»، لافتاً إلى أن «اتفاقيّة تعزيز التعاون العسكري والأمني بين طهران ودمشق في منتصف 2018 أثارت المزيد من التدخلات الإسرائيلية، حيث زودت إيران بموجب الاتفاقية سوريا بأحدث أسلحتها، وخصوصاً دفاعاتها الجوية، وفي مقدّمتها المنظومة الصاروخية «خرداد 3»



اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.


«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)
مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)
TT

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)
مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

أعاد الاتفاق اليمني لتبادل المحتجزين الذي أُبرم في العاصمة العُمانية مسقط، برعاية أممية، ملف الأسرى والمختطفين إلى صدارة المشهد، مثيراً موجة من التفاؤل الحذر بين اليمنيين، في ظل آمال واسعة بأن يضع حداً لمعاناة آلاف الأسر التي تنتظر منذ سنوات عودة ذويها من السجون ومراكز الاحتجاز.

ويشمل الاتفاق الإفراج عن نحو 2900 محتجز ومختطف لدى طرفي الصراع، في خطوة وُصفت بأنها الأكبر منذ سنوات، وتتقدمها قضية السياسي البارز محمد قحطان، المشمول بقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، ما منح الاتفاق بُعداً سياسياً وإنسانياً في آن واحد، ورفع سقف التوقعات بشأن إمكانية تحويله إلى مدخل لإجراءات بناء ثقة أوسع.

وفي هذا السياق، استقبل رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الخميس، رشاد العليمي، الوفد الحكومي المفاوض المعني بملف المحتجزين، برئاسة عضو مجلس الشورى هادي هيج، حيث استمع إلى إحاطة حول نتائج الجولة الأخيرة من المفاوضات مع الجماعة الحوثية، والمسار الذي قاد إلى توقيع الاتفاق في مسقط.

العليمي يستقبل في الرياض الوفد الحكومي المفاوض بخصوص الأسرى والمحتجزين (سبأ)

وأشاد العليمي بنتائج المفاوضات، عادّاً أن الاتفاق يمثل خطوة إنسانية مهمة، من شأنها التخفيف من معاناة آلاف الأسر اليمنية التي عاشت لسنوات على وقع الغياب والانتظار.

وأكد أن مجلس القيادة الرئاسي والحكومة يضعان ملف المحتجزين وحماية المدنيين ولمّ شمل الأسر ضمن أولويات ثابتة، بوصفها مسؤولية أخلاقية ووطنية لا تقبل المساومة.

كما ثمّن الجهود التي بذلها الفريق الحكومي المفاوض، والدور الذي لعبته السعودية وعمان، إلى جانب الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، مؤكداً أن هذه المساعي أسهمت في كسر جمود أحد أكثر الملفات تعقيداً في الأزمة اليمنية.

وشدّد رئيس مجلس القيادة اليمني على أن الحكومة لن تدخر جهداً في سبيل الإفراج عن جميع المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً في سجون الحوثيين، داعياً إلى الالتزام بقاعدة «الكل مقابل الكل» دون انتقائية أو شروط، ومطالباً المجتمع الدولي بممارسة أقصى الضغوط لضمان تنفيذ الاتفاق، وإنهاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة بالقوة.

بين الأمل والشك

أثار الإعلان عن الاتفاق حالة من التفاؤل الحذر في أوساط سكان العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى، الذين أنهكتهم سنوات الحرب والانقلاب، وما خلّفته من أزمات إنسانية متفاقمة، يتصدرها ملف المحتجزين.

ويرى سكان تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أن الاتفاق، في حال تنفيذه الكامل دون عراقيل أو تمييز، قد يخفف من معاناة آلاف الأسر، مؤكدين أن ملف الأسرى يُعد من أكثر الملفات إيلاماً في الصراع، حيث لا تكاد تخلو أسرة من قصة احتجاز أو اختفاء قسري.

أسرى يمنيون أفرج عنهم سابقاً على متن طائرة دولية في مطار مأرب (رويترز)

ويقول سامي (اسم مستعار)، وهو عامل بالأجر اليومي من حي مذبح بصنعاء، إن الاتفاق يُنظر إليه بعيداً عن الحسابات السياسية، بوصفه «فرصة حقيقية لعودة آباء وإخوة وأبناء غابوا عن أسرهم لسنوات». لكنه في الوقت ذاته يُبدي تشككه في مدى التزام الجماعة الحوثية، في ظل تجارب سابقة لم تُنفذ كما أُعلن عنها.

من جانبه، يؤكد «أبو عبد الله»، وهو مدرس حكومي في ريف صنعاء، أن أي خطوة تعيد إنساناً إلى عائلته «تستحق الترحيب والدعم»، معبّراً عن أمله في أن يكون الاتفاق بداية لمعالجة بقية الملفات الإنسانية العالقة، وفي مقدمتها رواتب الموظفين وفتح الطرقات.

أسر تنتظر

تعكس شهادات ذوي المحتجزين في صنعاء مشاعر مختلطة بين الأمل والخوف من تكرار خيبات سابقة. تقول أم خالد، والدة أحد المحتجزين منذ تسعة أعوام، إن الأسر «سمعت كثيراً عن اتفاقات لم ترَ النور»، مطالبة بضمانات أممية حقيقية تضمن تنفيذ ما تم التوافق عليه.

أما سامية، زوجة أحد المحتجزين، فتشير إلى أن المعاناة لا تقتصر على غياب المعيل، بل تمتد إلى ضغوط نفسية واقتصادية قاسية، مؤكدة أن الأطفال «كبروا وهم محرومون من آبائهم»، وأن الأسر لم تعد تحتمل مزيداً من الوعود.

اجتماع يمني سابق في عمان بشأن الأسرى والمعتقلين (الأمم المتحدة)

ويرى مراقبون أن اتفاق مسقط جاء في ظل ضغوط دولية كبيرة لدفع الأطراف اليمنية نحو خطوات بناء ثقة، في وقت لا يزال فيه المسار السياسي الشامل متعثراً.

ويجمع المراقبون الحقوقيون على أن نجاح الاتفاق قد يخفف من حدة التوتر، ويفتح نافذة أمل في جدار الأزمة اليمنية الممتدة منذ أكثر من أحد عشر عاماً، شرط أن يُترجم الاتفاق إلى أفعال لا بيانات.


الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «الخروج السلس والعاجل للانتقالي»

لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)
لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)
TT

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «الخروج السلس والعاجل للانتقالي»

لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)
لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

على وقع الإجراءات الأحادية لقوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» في المحافظات الشرقية لليمن، جاء البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية، الخميس، ليُشكل نقطة ارتكاز حاسمة في مسار احتواء التصعيد، وتثبيت مرجعية الدولة اليمنية، وحماية مركزها القانوني؛ حيث حدّد مسار التهدئة بانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة وتسليم المواقع لقوات «درع الوطن».

البيان السعودي، الذي حظي بترحيب من رئيس «مجلس القيادة الرئاسي» الدكتور رشاد العليمي والحكومة اليمنية، وضع إطاراً عملياً لمعالجة الأزمة، مستنداً إلى الشراكة مع الإمارات في «تحالف دعم الشرعية»، وإلى مرجعيات اتفاق الرياض، وإعلان نقل السلطة، مع تأكيده أن أي معالجة لـ«القضية الجنوبية» لا يمكن أن تتم خارج الحل السياسي الشامل، أو عبر فرض أمر واقع بالقوة.

أكدت السعودية في بيانها دعمها الكامل لرئيس «مجلس القيادة الرئاسي» وأعضاء المجلس والحكومة اليمنية، لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والسلام في اليمن، مشددة على أن التحركات العسكرية التي شهدتها محافظتا حضرموت والمهرة تمت بشكل أحادي ودون موافقة «مجلس القيادة الرئاسي» أو التنسيق مع قيادة التحالف، الأمر الذي أدّى إلى تصعيد غير مبرر أضر بمصالح الشعب اليمني، وبالقضية الجنوبية نفسها، وبجهود التحالف العربي.

موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» خلال حشد في مدينة عدن (رويترز)

وأوضحت وزارة الخارجية السعودية أن المملكة آثرت خلال الفترة الماضية التركيز على وحدة الصف، وبذل كل الجهود للتوصل إلى حلول سلمية لمعالجة الأوضاع في المحافظتين، في إطار حرصها على تجنيب اليمن مزيداً من التوترات التي قد تنعكس سلباً على مسار السلام الهش.

وفي هذا السياق، كشفت الرياض عن تحرك عملي لاحتواء الموقف، من خلال العمل المشترك مع الإمارات، ورئيس مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة اليمنية؛ حيث جرى إرسال فريق عسكري مشترك سعودي-إماراتي إلى عدن، لوضع الترتيبات اللازمة مع «المجلس الانتقالي الجنوبي»، بما يضمن عودة قواته إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق إجراءات منظمة وتحت إشراف قوات التحالف.

وشدّد البيان على أن الجهود متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، مع التعويل على تغليب المصلحة العامة، ومبادرة المجلس الانتقالي بإنهاء التصعيد والخروج السلس والعاجل من حضرموت والمهرة، بما يحفظ السلم المجتمعي، ويمنع الانزلاق نحو مسارات غير محسوبة.

ترحيب رئاسي وحكومي

وجدد العليمي في تدوينة على منصة «إكس» تقديره العالي للموقف الأخوي للسعودية، قيادةً وحكومةً وشعباً، إلى جانب الشعب اليمني وقيادته السياسية، مشيداً بجهودها الصادقة لخفض التصعيد في المحافظات الشرقية، وحماية المركز القانوني للدولة.

وأكّد العليمي التزام مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بالشراكة الوثيقة مع السعودية على مختلف المستويات، والعمل المشترك لتوحيد الصف الوطني، بما يُحقق تطلعات اليمنيين في استعادة مؤسسات الدولة، وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام.

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي» في اليمن يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

من جانبها، رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان السعودي، وعدّته موقفاً واضحاً ومسؤولاً إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة، مثمنة الدور القيادي الذي تضطلع به المملكة، بالتنسيق مع دولة الإمارات العربية المتحدة، لدعم مسار التهدئة ومعالجة الأوضاع بروح الشراكة والمسؤولية.

وأكدت الحكومة اليمنية أن استقرار حضرموت والمهرة، وسلامة نسيجهما الاجتماعي، يُمثلان أولوية وطنية قصوى، محذرة من أن أي تحركات أمنية أو عسكرية خارج الأطر الدستورية والمؤسسية، ودون تنسيق مع مجلس القيادة والحكومة والسلطات المحلية، تشكل عامل توتير مرفوضاً، وتحمّل البلاد أعباء إضافية في ظرف بالغ الحساسية.

إجماع حزبي

في موازاة المواقف الرسمية، أصدرت الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية بياناً مشتركاً استنكرت فيه الخطوات التصعيدية الخطيرة، سواء من قبل «المجلس الانتقالي الجنوبي» أو من بعض الوزراء والمحافظين الذين أعلنوا تأييدهم للإجراءات الأحادية، عادّة ذلك خروجاً صريحاً على الشرعية الدستورية، وإعلان نقل السلطة، ومرجعيات الحل السياسي المتوافق عليها وطنياً ودولياً.

وأكدت الأحزاب أن فرض مشروع سياسي بالقوة، وتقويض سلطة الدولة، يُمثل نكوصاً خطيراً عن الوفاق الوطني، وضرباً لأسس الشراكة، وإضعافاً مباشراً لوحدة القرار السيادي، ويمنح جماعة الحوثي فرصاً إضافية لإطالة أمد الحرب وتعقيد مسار السلام.

قوات تابعة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» في منطقة جبلية بمحافظة أبين (رويترز)

وأشادت الأحزاب بالموقف السعودي الداعم للشرعية الدستورية ووحدة اليمن أرضاً وإنساناً، وبجهود المملكة لمنع الفوضى في المحافظات الشرقية، كما رحّبت ببيان مجلس الأمن الدولي الذي دعا إلى خفض التصعيد، وبموقف الاتحاد الأوروبي الداعم لوحدة اليمن وسيادته.

على المستوى الحزبي الفردي، أكّد حزب «المؤتمر الشعبي العام» -جناح الخارج- أن المرحلة الراهنة شديدة الحساسية، وتتطلب اصطفافاً وطنياً حقيقياً، محذّراً من أن أي خطوات انفرادية لفرض أمر واقع لا تخدم قضية الجنوب ولا معركة استعادة الدولة، بل تصب في مصلحة الانقلاب الحوثي، وتُهدد الأمن القومي العربي.

ودعا جناح الحزب في الخارج جميع الأطراف إلى التراجع عن الإجراءات الأحادية، وتغليب الحوار، ولمّ الشمل، وتوحيد الجهود لمواجهة العدو المشترك، مع تأكيد أن القضايا الوطنية لا تُحل بالقوة أو الإكراه، بل بالحوار والتوافق.

الحوثيون المدعومون من إيران يتربصون بالحكومة الشرعية والمناطق المحررة (إ.ب.أ)

بدوره، شدد «الحزب الاشتراكي اليمني» على تمسكه بوحدة الحكومة واتفاق الرياض، ورفضه أي إجراءات تقوض التوافق الوطني، محذّراً من أن الزج بالحكومة في حالة الاستقطاب السياسي سيقود إلى العجز والشلل، وينعكس سلباً على حياة المواطنين ومعيشتهم.

وأكد الحزب أن حكومة الشراكة الوطنية تُمثل المنجز الأبرز لاتفاق الرياض، وأن الحفاظ على وحدتها شرط أساسي لمواجهة التمرد الحوثي ومشروعات التفكيك، داعياً إلى إنهاء الاحتقان داخل مؤسسات الدولة، واستعادة وحدة القرار السياسي والعسكري.

ويجمع سياسيون يمنيون على أن الرسالة السعودية حملت توازناً دقيقاً بين دعم الشرعية، واحترام خصوصية القضية الجنوبية، والتحذير من الانزلاق نحو مسارات قد تعصف بالسلم المجتمعي، وتبدد ما تبقى من فرص السلام، في وقت لا تزال فيه البلاد تخوض معركة وجودية ضد الجماعة الحوثية والتنظيمات المتخاصمة معها.