> لم تكن دورة هذا العام من مهرجان فينيسيا زاخرة بالوجوه كالمعتاد.
بالطبع العديد من السينمائيين الذين أمّوا المهرجان جاؤوا بمعيّة أفلامهم، لكن هناك العديد ممن لم يحضر. المصوّرون التأموا مجدداً، في كل مساء، لالتقاط وصول الممثلين والمخرجين، لكن تم استبعاد الجمهور بسبب الكورونا. العديد من الضيوف الذين ساروا فوق ذلك البساط الأحمر ارتدوا الكمّامات. تيلدا سوينتون ارتدتها وسخرت منها في الوقت ذاته. وعندما غادرت الليدو قبل يومين لم تحفل بارتدائها إلا حين وصولها إلى المطار عائدة إلى هيثرو، لندن.
قبل ذلك، احتفى بها المهرجان بعرض فيلم حققه بدرو ألمودوفار بعنوان The Human Voice من بطولتها وحدها. صحيح لم يكن فيلماً طويلاً، بل امتد لنحو نصف ساعة فقط، لكنها كانت شبه وحيدة فيه وظهرت في 99 في المائة من لقطاته. مستوحى من مسرحية قصيرة للفرنسي جان كوكتو ويدور حول امرأة تعد نفسها لاتصال هاتفي من الرجل الذي أحبّته لأربع سنوات بعدما غادر المنزل فجأة راغباً في قطع العلاقة بينهما.
ثم احتفى بها المهرجان مرّة ثانية بمنحها جائزة شرف خاصة عن كل أدوارها. جائزة تستحقها بالفعل كونها واحدة من أفضل المواهب العالمية.
لكن ما عدا ذلك لازمت سوينتون فندقها (آكسالسيور) وأجرت مقابلات قليلة واحدة منها كانت هذه المقابلة التي كان عليها أن تبدأ وتنتهي في عشر دقائق. في بال هذا الناقد أن عشر دقائق أفضل من لا شيء. وفيما يلي نص الحوار:
> «الصوت الإنساني» يبدو، ولو جزئياً، كما لو كان مناسباً لحالة العزلة التي تمر بنا بسبب الكورونا.
- هذا صحيح إلى حد. يتوقف في اعتقادي على كيف يُمكن النظر إليه في مثل هذه الظروف، لكن من نواحٍ أخرى هو ليس كذلك. المسرحية في أساسها كُتبت على أن تكون من بطولة شخصية واحدة تعيش وحدها الآن في منزل منفرد تفصح حوارياً عن أزمتها العاطفية بعدما اكتشفت أن حبيبها قرر تركها.
> متى تم تصوير هذا الفيلم؟
- في يوليو (تموز) هذا العام. كان ذلك أول ما تم رفع الحظر عن السفر إلى مدريد حيث يعيش (المخرج) بدرو (المودوڤار).
> هل هو من المخرجين المفضّلين لديك؟ وهل كنت مثلاً تنتظرين مثل هذه الفرصة للعمل معه؟
- نعم وإلى حد صعب وصفه. كنت فعلياً أتطلع إلى مثل هذه الفرصة. هو مخرج لديه الكثير من التميّز في أعماله وفي حياته. يستمد من الحياة معظم ما يقوم به من أفلام ودائماً بصدق. إذا ما شاهدت له أفلامه تدرك ما أقوله. ليس من المخرجين المستعدين لخيانة ذاته وتحقيق أي فيلم لا ينتمي إليه.
> هل تعلمين إنه رفض دعوة هوليوود للعمل فيها؟
- هذا لا يفاجئني. إنه ذلك النوع من المخرجين.
> هناك توتر متدرج في «الصوت الإنساني» له مصدران: الحكاية ذاتها حول المرأة التي تستعد لمناجاة حبيبها على أمل أن يغيّر رأيه، ولو أنها تدّعي غير ذلك، والمصدر الثاني هو تمثيلك لهذه الشخصية التي تبقينا مشغولين بانفعالاتها. كيف عمدت إلى هذا المنوال من الأداء؟
- قرأت السيناريو أكثر من مرّة وتحدثت مع بدرو الذي كان صاغياً مُثالياً. كونت فكرتي حول هذه الشخصية التي تعيش على الحافة. كان على هذا الفيلم أن يقدّم شخصية امرأة لديها مشاكل مزاجية وعاطفية ربما كانت سبباً فاعلاً في قرار عشيقها الخروج من حياتها. والحال ازداد بعد أن فعل ذلك. أعتقد ليس من الممكن تقديم أي امرأة أخرى في هذا الموضوع. كان عليها أن تكون هكذا. أقصد متوترة وتعيش على الحافة كما ذكرت.
> هل كان عليك استعادة تجربة خاصّة مررت بها أو إن اعتمادك كان على خلق هذه التجربة؟
- لم أمر بهذه التجربة في حياتي الخاصة. أقصد حياتي استمرت على النحو نفسه قبل وبعد دخول الآخرين فيها. ما تراه على الشاشة هو شغل الممثل على نفسه (تضحك).
> هل ارتديت وفريق العمل الكمّامات خلال التصوير؟
- عموماً نعم، لكننا حاولنا أن نمارس التصوير بالشكل والجهد العاديين. لم يكن من السهل المحافظة على توصيات جديدة طوال الوقت. لكن كنا جميعاً مرتاحين وواثقين. هذا مهم خلال التصوير لأن كل واحد يعتمد على الآخر وراحته.
> ماذا فعلت خلال العزلة التي تم فرضها قبل عدّة أشهر؟
- جلست في منزلي وعمدت إلى تفكير طويل في وضع العالم. ليس إنه من الممكن لي ولك أن نغيّر شيئاً بهذا الحجم من التأثير على الحياة التي عهدناها. لكني فكّرت في أننا كثيراً ما نقبل أوجه الحياة كبديهيات. لا نفكّر كثيراً بها إلا عندما تقع الأزمة. كذلك شاهدت الأفلام في البيت وكم شعرت بالأسف لأنني مضطرة وباقي العالم فعل ذلك.
> هل ارتياد صالات السينما هو أكثر ما افتقدتيه؟
- بالتأكيد. افتقدت الشاشة الأكبر حجماً والشعور بهيمنة الفيلم على المشاهدين المنتمين إلى أحوال وقطاعات عديدة، لكنهم في خلال حضورهم الفيلم هم تحت سقف واحد يشتركون في استقبال المعروض. لا بد من العودة إلى صالات السينما. السينما هي هويتنا في صور ومواضيع وحتى عندما لا تكون نستمتع بها أكثر كلما كانت الشاشة أعرض وأكبر.
تيلدا سوينتون لـ«الشرق الأوسط»: خلال عزلة {كورونا} فكرت في وضع العالم
تيلدا سوينتون لـ«الشرق الأوسط»: خلال عزلة {كورونا} فكرت في وضع العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة