اكتسبت «أفلام الأبيض والأسود» الكلاسيكية المصرية شهرة كبيرة في أنحاء العالم العربي بسبب معالجاتها الفنية المميزة، وأداء ممثليها وصناعها المتقن، بجانب اقتباس بعضها من روايات كبار الأدباء في القرن الماضي؛ ما جعلها صالحة للعرض في الألفية الجديدة على شاشات القنوات الفضائية ومشاهدتها بشغف لافت، فضلاً عن استدعائها خلال السنوات الأخيرة لتحويلها إلى مسلسلات تلفزيونية؛ وهو ما أثار انتقادات حادة ضد صناعها الذين تم اتهامهم من قبل بعض النقاد بـ«الإفلاس الفكري».
وجدد الإعلان عن إنتاج مسلسل مقتبس من فيلم «بين السماء والأرض» الانتقادات؛ إذ يرى بعض المؤلفين المصريين، ومن بينهم محمود أبو العلا، أن تكرار تحويل هذه الأفلام الشهيرة إلى مسلسلات يعد بمثابة «فقر في الورق»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «بعض المنتجين يسعون إلى إعادة القديم رغبة منهم في ضمان النجاح والمتابعة الجماهيرية من باب الفضول، لكن إعادة تقديم فيلم (بين السماء والأرض) بالتحديد لا يصلح حالياً».
فيلم «بين السماء والأرض» تم عرضه في عام 1959 من تأليف «أديب نوبل» نجيب محفوظ، سيناريو وحوار السيد بدير، وإخراج صلاح أبو سيف، وبطولة هند رستم، محمود المليجي، عبد المنعم إبراهيم، عبد السلام النابلسي، وتدور قصته عن مصعد به مجموعة من الأشخاص لا يعرفون بعضهم بعضاً، بينهم ممثلة سينمائية وشخص مجنون، وغيرهما من الأشخاص الذين يشعرون بتعاسة في الحياة، ويتسبب هذا الموقف العصيب في إعادة رؤيتهم للحياة بشكل إيجابي».
وتقول الناقدة الفنية دعاء حلمي لـ«الشرق الأوسط»، «طريقة معالجة الفيلم واختزاله للأحداث خلال ساعة ونصف الساعة كانت من أهم أسباب نجاحه، لكن تقديمه في ثلاثين حلقة سيكون أمراً مختلفاً»، متسائلة «هل سيكون هناك عرض لحياة الأبطال قبل دخول المصعد أم سيكون عبر طريقة (فلاش باك)»، مشيرة إلى أنه «بإمكان المؤلف توظيف أحداث المسلسل بشكل مختلف عن أحداث الفيلم».
ويؤكد ماندو العدل، مخرج المسلسل، أن «هذا العمل سيكون أصعب اختبار مر به في حياته العملية»، مؤكداً أن «صناع المسلسل يرغبون في بلورة قصته بشكل معاصر قبل البدء في التصوير».
مسلسل «بين السماء والأرض» سيكون العمل الرابع لإسلام حافظ ككاتب بعد «علامة استفهام»، و«قمر هادي»، والجزء الخامس من «حكايات بنات»، بالإضافة إلى مشاركته التمثيلية في عدد من الأعمال على غرار «الاختيار»، و«الوجه الآخر».
ويعول السيناريست المصري على نجاح هذا العمل بعد تأجيل تصوير مسلسله «خالد بن الوليد» والذي اعتذر عن تقديمه كل من الفنان عمرو يوسف، وياسر جلال أخيراً. ويقول حافظ لـ«الشرق الأوسط»، «تحويل فيلم (بين السماء والأرض) إلى عمل تلفزيوني ليس أمراً سهلاً؛ إذ أضع في حساباتي ارتباط مختلف الأعمار بالفيلم وأحداثه؛ لذلك فإن أي ثغرة بالكتابة ستكون الشرارة الأولى للنقد السلبي للمسلسل عند مقارنته بالفيلم»، مؤكداً أن «المعالجة ستكون مختلفة وبشكل معاصر لخلق أحداث وشخصيات درامية شيقة».
ورغم أن الممثلين المرشحين لبطولة العمل سيكونون مفاجأة للجمهور، فإن حافظ مقتنع بأن «المقارنة بينهم وبين أبطال الفيلم سيظلم ممثلي المسلسل، ومع ذلك فإنهم متحمسون جداً للتجربة».
إعادة تقديم الأفلام القديمة ليس أمراً جديداً في مصر، وينطوي دائماً على مجازفات وانتقادات كبيرة، على غرار فيلم «الباطنية» للفنانة نادية الجندي والذي قدمته تلفزيونياً الفنانة غادة عبد الرازق، ومسلسل «نحن لا نزرع الشوك» للفنانة آثار الحكيم، والمأخوذ عن فيلم يحمل الاسم نفسه للفنانة الكبيرة الراحلة شادية، وفيلم «العار» الذي جمع نور الشريف، وحسين فهمي، ومحمود عبد العزيز، وقدمه تلفزيونياً مصطفي شعبان، أحمد رزق، وعلا غانم، وأفلام أخرى مثل «الكيف»، و«لا تطفئ الشمس»، و«الطوفان»، و«الزوجة الثانية» الذي جاءت معالجته الدرامية مغايرة بشكل كبير لأحداث الفيلم، حيث طغت الكوميديا على الدراما، ووفق نقاد، فإن هذه المسلسلات لم تكرر نفس نجاح الأفلام السينمائية.
مسلسل «بين السماء والأرض» هو العمل الثاني المقتبس من أعمال «أديب نوبل» نجيب محفوظ والذي سوف يتم عرضه خلال موسم رمضان المقبل في 2021، بعد مسلسل «الملك أحمس» وفق شركة «سينرجي» المنتجة للمسلسلين.
تحويل الأفلام الكلاسيكية المصرية إلى مسلسلات يثير انتقادات
«بين السماء والأرض» أحدثها
تحويل الأفلام الكلاسيكية المصرية إلى مسلسلات يثير انتقادات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة