الفقر يُعيد لبنانيين إلى مزارعهم العائلية لتأمين قوتهم

لمواجهة الأزمة الاقتصادية وصعوبة العيش بعد انفجار مرفأ بيروت

المخرج ميشال زرازير حوّل سقف منزله في أنطلياس إلى حديقة لزراعة المحاصيل الغذائية
المخرج ميشال زرازير حوّل سقف منزله في أنطلياس إلى حديقة لزراعة المحاصيل الغذائية
TT

الفقر يُعيد لبنانيين إلى مزارعهم العائلية لتأمين قوتهم

المخرج ميشال زرازير حوّل سقف منزله في أنطلياس إلى حديقة لزراعة المحاصيل الغذائية
المخرج ميشال زرازير حوّل سقف منزله في أنطلياس إلى حديقة لزراعة المحاصيل الغذائية

مال صاحب متجر الفلافل بظهره إلى الوراء ليسرد أسرار المطبخ اللبناني التي أضفت هالة على فنون الطهي في هذا البلد، وشملت المقادير التي يعرفها ما يلى:
- بذور السمسم لعمل الطحينة الناعمة المدخنة، التي تضاف إلى الفلافل والأسماك المقلية، المستوردة من السودان.
- الفول المدمس لوجبة إفطار تقليدية والمعروف بقدرته على ملء المعدة وهو مستورد من بريطانيا وأستراليا.
- الحمص ذو النكهة اللبنانية الناعمة رغم أنّه مستورد من المكسيك، نظراً لأنّ الحمص اللبناني صغير جداً ولا يصلح لشيء سوى علف الحيوانات.
تعليقا على استيراد جميع مشتملات مطبخه، قال جاد أندريه لطفي، الذي يساعد في إدارة سلسلة مطاعم «فلافل أبو أندريه» العائلية، «لقد أفسدنا الأمر بعد أن استوردنا كل ما يخطر ببالك ومن جميع أنحاء العالم».
هكذا استمر الأمر لسنوات حتى انهار اقتصاد البلاد قبل أن تتسبب جائحة فيروس «كورونا» في شلل لما تبقى من مفاصل الاقتصاد إلى أن حدث انفجار في 4 أغسطس (آب) الذي دمر الشركات والمنازل في جميع أنحاء بيروت، ناهيك عن الميناء المتضرر الذي يمر من خلاله معظم واردات لبنان.
بدأت الدولة التي تفتخر بتقديم أشهى الأطعمة في العالم العربي في المعاناة من الجوع، وحتى طبقتها المتوسطة، التي كانت قادرة على قضاء إجازة في أوروبا والخروج لتناول أطباق «سوشي» اليابانية لم تعد تجد شيئا على أرفف السوبر ماركت.
ومن هنا جاءت صرخة الساسة اللبنانيين التي دعوا من خلالها في وقت سابق من العام الجاري اللبنانيين إلى زراعة طعامهم. ومع التفكير في العلاج، قد يبدو ما أطلق عليه «حدائق النصر» أو «حدائق الحرب» التي تزرع الغذاء في الحدائق الخاصة، وكذلك في المتنزهات العامة، بديلا ضعيفاً للإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي طالب بها المقرضون الدوليون واللبنانيون على حد سواء لوقف انهيار البلاد، لكن هذا البديل يبدو قاتما.
قال لطفي: «حتى صنع الحمص في المنزل بات رفاهية الآن»، مشيراً إلى أنّ سعر الكيلوغرام الواحد من الحمص المكسيكي قد تضاعف ثلاث مرات. فالضرورات الآن باتت رفاهية.
فقدت الليرة اللبنانية نحو 80 في المائة من قيمتها منذ الخريف الماضي، مما أدّى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وأجبر العديد من الأسر على قبول المساعدات الغذائية مع ارتفاع نسبة اللبنانيين الذين يعيشون في فقر إلى أكثر من نصف السكان.
تفاقم الجوع بعد الانفجار الأخير الذي أدّى إلى نزوح حوالي 300 ألف شخص من منازلهم، وجرّد عدداً كبيرا من الناس من مداخيلهم وجعل العديد منهم يعتمدون على الوجبات التي يجود بها المتبرعون.
قبل أن يبدأ الساسة في حث المواطنين على الزراعة، كان عدد متزايد من السكان قد أقدم على تلك التجربة بالفعل. ففي أواخر العام الماضي، نظّفت لين حبيقة قطعة أرض مهملة منذ فترة طويلة في القرية، حيث نشأت في الجبال شمال شرقي بيروت.
اقترضت لين (42 سنة) من صديقة لها، وزرعت ما يكفي من الطماطم، والفاصوليا، والخيار، والكوسا، والفراولة، والباذنجان، والخضرة، والأعشاب لإطعام عائلتها الكبيرة خلال الشتاء وما بعده، وبدأت أيضاً في صنع الجبن من حليب الماعز الطازج للحصول على دخل إضافي. وفي تعليق، قالت: «هذا ما يجعلني أشعر بالبركة. قالت وهي تتفحص المنظر من حديقتها، حيث أشجار الزيتون، والتين، والتوت، والجوز تتحدر إلى وادٍ أخضر»، مضيفة في رضا «لا بأس، لن نتضور جوعاً».
رغم أنّ والدها الذي كان يمتلك أسطولاً من الحافلات المدرسية كان يحتفظ بالدجاج وحديقة في الفناء الخلفي عندما كانت صغيرة، فقد نشأت لين وجيلها وهم يتوقعون الاستمتاع بحياة مريحة في المدينة. بعد ذلك تخرجت من جامعة النخبة وكان دخلها هي وزوجها يكفي لإرسال ابنهما إلى مدرسة خاصة.
لكن حدث بعد ذلك أن تراجعت ثرواتهما مع تدهور الاقتصاد اللبناني وتراجع دخلها كطاهية خاصة بعد أن قلّصت العائلات التي تعمل لديها دخلها وتراجع عمل زوجها في مجال استيراد السيارات المستعملة من أوروبا وإعادة بيعها في الشرق الأوسط جراء الوباء، ولذلك نقلوا ابنهم إلى مدرسة مجانية، وباعت لين مجوهراتها لتوفر ثمن الطعام.
أصبحت الحديقة في قرية «بسكنتا» شبكة أمان لعائلتها. وكان والدها وعمها على وشك بيع الأرض التي امتلكتها الأسرة لأجيال. قالت لين إن البنوك اللبنانية منعت أصحاب الحسابات من سحب أكثر من بضع مئات من الدولارات أسبوعيا، مما يجعل أي شيك مصرفي «لا قيمة له مثل ورق التواليت».
قالت لين لعمها: «سنفقد الأرض مقابل ورق التواليت، أو نحتفظ بها لنأكل من خيرها لشهور. أنت لا تجني المال، لكنك تدخره. أنت هنا تأكل شيئا طازجا بدلاً من الذهاب إلى السوبر ماركت».
كما اتجه ابن عمها منصور أبي شاكر (34 سنة) إلى أرض الأسرة البور في أماكن أخرى، ليزرع الخضار ويربي الدجاج والأغنام في حظيرة خلفية مظللة بأشجار التوت.
كان منصور مدرباً للتزلج ومديراً لمصنع ومشغلاً للمولدات التي يعتمد عليها الكثير من اللبنانيين لسد العجز في الكهرباء التي توفرها الحكومة قبل أن يفقد وظائفه الثلاث.
حسب منصور الذي يعيش في قرية عجلتون، فقد «استيقظت فجأة لأجد أنني خسرت كل شيء، شأن كل اللبنانيين، كنت عاطلاً عن العمل. لم أفكر مطلقاً في أنني سأفعل هذا في حياتي، لكن لا بدّ لي من البقاء على قيد الحياة. هذا هو العمل الوحيد الذي يمكنني أن أقتات منه في المستقبل».
بالعودة إلى الأرض التي كان أجدادهم آخر من زرعها، أصبح منصور ولين ومزارعون آخرون المزارعين الجدد، بعد أن تحوّل لبنان منذ عقود بعيدا عن الزراعة صوب الأعمال المصرفية والسياحة والخدمات.
فلعقود من الزمان لم يكن تدهور الزراعة أمرا مهماً للمستهلكين، فقد كان بإمكان الدولة استيراد 80 في المائة من غذائها. لكن هذا الاعتماد الخارجي لم يعد مستداماً بعد أن أدّى التّضخم المفرط إلى إفراغ الرواتب من قيمتها.
ورغم أنّ لبنان يزرع الكثير من الفاكهة والخضراوات، فإنه يفتقر إلى الأرض والتكنولوجيا لإنتاج ما يكفي من القمح والمحاصيل الأساسية الأخرى للاستهلاك المحلي. ومع ذلك، حسب الخبراء، يمكن للبنان أن يستورد كميات أقل ويصدر المزيد من السلع المتخصصة.
لكن مابيل شديد، الخبيرة في الزراعة المستدامة ورئيسة مؤسسة التراث الغذائي، أكدت قائلة: «لن نحقق الاكتفاء الذاتي أبداً فيما ننتجه. لكن في ظل العولمة، بدأنا في التّحول إلى مكونات أخرى ومواد غذائية أخرى، وأعتقد أنّ الوقت قد حان لإعادة النظر في نظامنا الغذائي التقليدي ومعرفة قيمته الحقيقة».
- خدمة «نيويورك تايمز»



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».