فادي حداد: فيلم «عنبر 12» يوثق انفجار بيروت بممثلين غير معروفين

أكد أن الكارثة تتطلب أكثر من عمل سينمائي

المخرج فادي حداد يبدأ بالتحضير لفيلمه الجديد «عنبر 12»
المخرج فادي حداد يبدأ بالتحضير لفيلمه الجديد «عنبر 12»
TT

فادي حداد: فيلم «عنبر 12» يوثق انفجار بيروت بممثلين غير معروفين

المخرج فادي حداد يبدأ بالتحضير لفيلمه الجديد «عنبر 12»
المخرج فادي حداد يبدأ بالتحضير لفيلمه الجديد «عنبر 12»

من دون ممثلين معروفين يبدأ المخرج فادي حداد التحضيرات لفيلمه الجديد «عنبر 12» الذي يوثق سينمائياً لانفجار بيروت. هذا العمل يعتبر الأول من نوعه منذ تعرض العاصمة اللبنانية إلى هذه الكارثة، وكان حداد قد أطلق فكرته بعد أيام قليلة من حدوثها. ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أول من أعلن عن الفكرة وقررت البدء في التحضيرات للفيلم بعد أن وثقت وفريق العمل معي لقطات مصورة مأخوذة من أرض الواقع». ويتابع فادي حداد في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هدف العمل هو توثيق الانفجار في عمل ينقل قصصا إنسانية شغلت الرأي العام اللبناني والعالمي. كما سيكون بمثابة رسالة للكشف عن حالات إنسانية مؤلمة وقاسية شهدتها منطقتا مار مخايل والجميزة الأكثر تضررا من الانفجار وقلة من الناس على علم بها. فهناك مئات القصص والحكايات التي رصدناها من خلال عملنا المباشر على الأرض وكمية دمار هائلة لا يمكن استيعابها. صحيح أن هذه الموضوعات سأتناولها في فيلم «عنبر 12» ولكني على يقين أن حادثة الانفجار لن يكفي توثيقها في عمل سينمائي واحد. فنحن بحاجة إلى أجزاء من عدة أفلام سينمائية متتالية لنستطيع التحدث بموضوعية عما شهدته مدينتنا».
والمخرج فادي حداد هو واحد من اللبنانيين الذين تضررت منازلهم وأتى الانفجار على حيطان ومحتويات بيته في منطقة الصيفي. «الحمد لله أن الأضرار اقتصرت على الحجر والماديات لأن عائلتي كانت في الجبل. ولحظة الانفجار كنت في المنطقة إذ كنا وفريقي التصويري ننفذ فيديو كليب غنائيا لفنانة جزائرية. فكنت أول الواصلين إلى مكان الانفجار».
وبتأثر كبير يروي فادي حداد مشاهداته في تلك اللحظة: «المشهد كان دمويا بامتياز والأشلاء والضحايا والجرحى والبيوت المدمرة كانت موزعة في كل زاوية وحي وطريق. الدمار كان شاملا ونتائج الانفجار وما أحدثه من كوارث على الأرض لا يمكن وصفه. حتى أني لم أفكر بتصوير مشاهداتي ككثيرين غيري من المصورين إذ أن هول المشهد دعانا تلقائيا إلى تقديم المساعدة فقط».
ويشير فادي حداد أن كل هذه المشاهدات سيدرجها في فيلمه المنتظر ويقول: «كتاب الفيلم هم من طلاب وأهالٍ تطوعوا للمساعدة والمساندة وإزالة الأنقاض. فما سيدونونه ينبع من مشاهداتهم الحقيقية على الأرض. أما أبطال العمل فلن يكونوا ممثلين معروفين، بل مجرد بيروتيين عانوا الأمرين من جراء الانفجار وخسروا منازلهم وأبناءهم وأحبابهم. فهم سيروون ما جرى معهم بالتفصيل منذ لحظة حصول الكارثة، وسيكونون على انتظار أن تجف دماء الشهداء كي يستطيع أهاليهم إخبارنا عن تجربتهم المؤلمة هذه».
وعن الناحية الفنية التي سيحتويها العمل يرد فادي حداد: «الإنسان في هذا العمل يتقدم على أي عنصر آخر نراه في فيلم سينمائي. وكل ما أرغب في إيصاله من غضب ووجع وحكايات حزينة وأخرى سعيدة، سأنقلها بكاميرا حقيقية».
هذا يعني أن الفيلم سيحمل مشاهد قاسية مما يمنع مشاهدته من قبل جميع الأعمار؟ يوضح حداد لـ«الشرق الأوسط»: «نعم ستكون مشاهدته مقتصره على البالغين فقط، فهناك أم ثكلى وحبيب مصدوم ووالد مفجوع وطفلة مشوهة، وغيرها من الحالات التي يوثقها العمل. وسيكون من الأفضل أن لا يشاهدها الصغار كي لا يصابوا بالخوف».
يضع فادي حداد حاليا خطة عمل لفيلمه السينمائي الجديد الذي يأخذ فيه بعين الاعتبار الحالات النفسية والصحية والبيئية والإنسانية التي خلفها الانفجار. ويقول: «نسبة كبيرة من اللبنانيين لا تزال حتى اليوم وبعد مرور شهر على الانفجار لم تتخط الموضوع. وهو ما ولد لديها أزمة نفسية صعبة حتى أني شخصيا لم أستطع بعد نسيان صوت دوي الانفجار الذي حصل. فهو لا يزال عالقا في ذاكرتي وكأنه حصل معي البارحة».
ومن الأسباب التي تسهم في تأخير نزول المخرج وفريقه على الأرض لبدء التصوير وباء «كورونا». ويعلق: «الجائحة تؤخر تحركنا على الأرض، ولكن بحوزتي اليوم عشرات اللقطات المصورة التي توثق ما جرى بدءا من لحظة الانفجار وتداعياته على الأرض».
يذكر أن شركة «صباح إخوان» للإنتاج الفني قد أعلنت عن نيتها تصوير مسلسل درامي بعنوان «عنبر 12» يتحدث أيضا عن الكارثة ضمن 5 حلقات تلفزيونية درامية متتالية. ويعلق حداد: «شركة «صباح إخوان» رائدة في لبنان والعالم العربي ولا بد من خروج أصوات كثيرة غيرها تطلق أعمالاً من هذا النوع. فصحيح أني كنت السباق في الإعلان عن فكرة فيلم سينمائي يحمل عنوان «عنبر 12»، إلا أن ذلك لا يمنع من تقديم أعمال فنية كثيرة تتناول موضوع الانفجار الذي يعتبر ثالث أقوى انفجار حصل في العالم».


مقالات ذات صلة

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

حقق فيلم «الدشاش» للفنان المصري محمد سعد الإيرادات اليومية لشباك التذاكر المصري منذ طرحه بدور العرض.

داليا ماهر (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».