اختبار للدم يمكنه التنبؤ بمدة استمرار مناعة اللقاح

تحفيز خلايا الصفائح الدموية يلعب دوراً مهماً في تقوية الحصانة

اختبار للدم يمكنه التنبؤ بمدة استمرار مناعة اللقاح
TT
20

اختبار للدم يمكنه التنبؤ بمدة استمرار مناعة اللقاح

اختبار للدم يمكنه التنبؤ بمدة استمرار مناعة اللقاح

أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون في كلية الطب بجامعة ستانفورد بالولايات المتحدة أن التباين في متانة الاستجابة المناعية لبعض اللقاحات قد يكون مرتبطاً بخلايا الدم المعروفة باسم الخلايا الصفائحية التي تلعب دوراً أساسياً في تخثر الدم. وكشفت الدراسة عن دور تلك الخلايا غير المتوقع في تعزيز استمرارية الاستجابة المناعية.

لقاحات لمناعة دائمة وأخرى مؤقتة

عندما يتلقى الأطفال لقاحهم الثاني ضد الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية في الوقت الذي يبدأون فيه روضة الأطفال فإنهم يكتسبون الحماية ضد الفيروسات الثلاثة طوال حياتهم أو معظمها. ومقابل ذلك مثلاً تبدأ فاعلية لقاح الإنفلونزا، الذي يتم إعطاؤه في الخريف وتحديداً في شهر أكتوبر (تشرين الأول) كل عام، في التضاؤل ​​بحلول الربيع التالي، ولطالما حير ذلك العلماء، فلماذا يمكن لبعض اللقاحات أن تحفز الجسم على إنتاج الأجسام المضادة لعقود من الزمن بينما تستمر لقاحات أخرى لأشهر قليلة فقط.

وقال بالي بوليندران أستاذ علم الأحياء الدقيقة والمناعة كلية الطب بجامعة ستانفورد كاليفورنيا الولايات المتحدة الأميركية والمؤلف الرئيس للدراسة، إن السؤال حول سبب تحفيز بعض اللقاحات للمناعة الدائمة بينما لا تفعل اللقاحات الأخرى كان أحد الألغاز العظيمة في علم.

علامة بيولوجية تتحكم في قوة التطعيم

وحددت الدراسة الجديدة العلامة البيولوجية biomarker في الدم والتي يتم تحفيزها في غضون أيام قليلة من التطعيم والتي تتنبأ بمتانة استجابات اللقاح وتوفر رؤى حول الآليات الأساسية التي تكمن وراء متانة اللقاح.

والعلامة الحيوية أو العلامة البيولوجية هي مؤشر قابل للقياس لبعض الحالات أو الحالات البيولوجية. وغالباً ما يتم قياس وتقييم العلامات الحيوية باستخدام الدم أو البول أو الأنسجة الرخوة لفحص العمليات البيولوجية الطبيعية أو العمليات المسببة للأمراض أو الاستجابات الدوائية للتدخل العلاجي حيث تُستخدم العلامات الحيوية في العديد من المجالات العلمية.

وقد نُشرت الدراسة الجديدة في 2 يناير (كانون الثاني) 2025 في مجلة «Nature Immunology» برئاسة بالي بوليندران والباحثين ماريو كورتيز من معهد المناعة والزراعة والعدوى من كلية الطب جامعة ستانفورد كاليفورنيا وتوماس هاجان من قسم الأمراض المعدية المركز الطبي لمستشفى الأطفال في سينسيناتي أوهايو، وهما المؤلفان الأولان المشتركان ونادين روفائيل أستاذة علم اللقاحات والأمراض المعدية في جامعة إيموري هي أحد المساهمين الرئيسين وجميعهم من الولايات المتحدة.

خلايا الصفائح الدموية وقوة المناعة

ودرس فريق بوليندران في البداية لقاحاً تجريبياً لإنفلونزا الطيور H5N1 تم إعطاؤه مع مادة مساعدة وهي خليط كيميائي يعزز الاستجابة المناعية لمستضد ولكنه لا يحفز استجابة مناعية بمفرده.

وتابع الباحثون 50 متطوعاً سليماً تلقوا إما جرعتين من لقاح إنفلونزا الطيور مع المادة المساعدة أو جرعتين من دون المادة المساعدة. وجمعوا عينات دم من كل متطوع مرات عديدة على مدار أول 100 يوم بعد التطعيم وأجروا تحليلات متعمقة للجينات والبروتينات والأجسام المضادة في كل عينة ثم استخدموا برنامجاً للتعلم الآلي للتقييم والعثور على أنماط داخل مجموعة البيانات الناتجة.

وقد حدد البرنامج العلامة الحيوية في الدم في الأيام التي أعقبت التطعيم والتي ارتبطت بقوة استجابة الجسم المضاد للشخص بعد أشهر. وانعكست العلامة الحيوية في الغالب في أجزاء صغيرة من الحمض النووي الريبي داخل الصفائح الدموية platelets وهي أحد مكونات الدم التي تتمثل وظيفتها (إلى جانب عوامل التخثر) في الاستجابة للنزيف الناتج عن إصابة الأوعية الدموية عن طريق تكتلها وبالتالي بدء تجلط الدم.

وتشتق الصفائح الدموية من الخلايا الصفيحية megakaryocytes وهي خلايا موجودة في نخاع العظم فعندما تنفصل الصفائح الدموية عن الخلايا الصفيحية وتدخل مجرى الدم فإنها غالباً ما تأخذ قطعاً صغيرة من الحمض النووي الريبي من الخلايا الصفيحية معها. وبينما لا يستطيع الباحثون تتبع نشاط الخلايا الصفيحية بسهولة فإن الصفائح الدموية التي تحمل الحمض النووي الريبي من الخلايا الصفيحية كانت البديل.

رؤى تجريبية

وللتأكد مما إذا كانت الخلايا الصفيحية تؤثر على متانة اللقاح أعطيت مجموعة البحث في وقت واحد لقاح إنفلونزا الطيور والثرومبوبويتين thrombopoietin وهو عقار منشط للصفيحات الدموية في نخاع العظم. والواقع أن الثرومبوبويتين أدى إلى زيادة ستة أضعاف في مستويات الأجسام المضادة لإنفلونزا الطيور بعد شهرين.

ثم اختبر العلماء ما إذا كان هذا الاتجاه صحيحاً بالنسبة لأنواع أخرى من اللقاحات حيث نظر الباحثون إلى بيانات تم جمعها مسبقاً حول استجابات 244 شخصاً لسبعة لقاحات مختلفة بما في ذلك اللقاحات ضد الإنفلونزا الموسمية والحمى الصفراء والملاريا وكوفيد - 19.

وقد ارتبطت جزيئات الحمض النووي الريبي للصفائح الدموية نفسها بإنتاج أجسام مضادة أطول أمداً للقاحات المختلفة؛ إذ يمكن للعلامة الحيوية أن تتنبأ باللقاحات التي استمرت لفترة أطول، وكذلك متلقي اللقاح الذين ستكون لديهم استجابة أطول أمداً.

توجهات مستقبلية

ويخطط بوليندران وزملاؤه لإجراء دراسات تستكشف سبب تحفيز بعض اللقاحات لمستويات أعلى من تنشيط الصفيحات الدموية في المقام الأول إذ يمكن أن تساعد هذه النتائج الباحثين في تطوير لقاحات تعمل على تنشيط الصفيحات الدموية بشكل أكثر فاعلية وتؤدي إلى استجابات أجسام مضادة أكثر ديمومة.

وفي الوقت نفسه يريد العلماء تطوير اختبارات لتحديد المدة التي من المرجح أن يستمر فيها اللقاح حيث يمكن أن يساعد ذلك في تسريع التجارب السريرية للقاح إذ يتعين على الباحثين غالباً متابعة الأشخاص لشهور أو سنوات لتحديد المتانة ولكن يمكن أن يؤدي أيضاً إلى خطط لقاح شخصية.

وأوضح بوليندران إمكانية تطوير اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل البسيط Polymerase Chain Reaction (PCR) (وهي طريقةٌ تعمل على إنتاجٍ سريعٍ لمليارات النُسخ من عينةٍ خاصةٍ للحمض النووي دي إن إيه DNA مما يُمكن العلماء من أخذ عينةٍ صغيرةٍ جداً من الحمض وتضخيمها إلى كميةٍ كبيرةٍ تكفي لدراستها بالتفصيل) لقياس مستويات التعبير الجيني في الدم بعد أيام قليلة من تطعيم الشخص ما قد يساعد في تحديد من قد يحتاج إلى جرعة معززة ومتى.

ويرى الباحث أن طول مدة استجابة اللقاح يتأثر على الأرجح بعدد من العوامل المعقدة، ويشتبه في أن الخلايا الصفيحية ليست سوى جزء واحد من مجموعة عوامل كثيرة.



علماء يرصدون أول دليل قوي على وجود حياة خارج الأرض

رسم فني يظهر كوكب «K2-18b» العملاق (أ.ف.ب)
رسم فني يظهر كوكب «K2-18b» العملاق (أ.ف.ب)
TT
20

علماء يرصدون أول دليل قوي على وجود حياة خارج الأرض

رسم فني يظهر كوكب «K2-18b» العملاق (أ.ف.ب)
رسم فني يظهر كوكب «K2-18b» العملاق (أ.ف.ب)

كشفت دراسة أجرتها جامعة كامبريدج البريطانية أنه قد يوجد عالم محيطي يعج بالكائنات الفضائية على بُعد 124 سنة ضوئية من الأرض.

ووفق تقرير نشرته صحيفة «تلغراف»، يبدو أن الكوكب الخارجي «K2 - 18b»، الموجود في كوكبة «ليو»، لديه غلاف جوي يحتوي على كميات هائلة من ثنائي ميثيل الكبريتيد، وهي مادة كيميائية تنتجها فقط الكائنات الحية مثل العوالق النباتية البحرية.

كميات هذه المواد الكيميائية كبيرة جداً لدرجة أنها تمثل 20 ضعف النشاط البيولوجي للأرض. يختفي الجزيء بسرعة كبيرة، مما يشير إلى أن هناك شيئاً ما يستمر في إنتاجه.

ووصف علماء الفيزياء الفلكية بالجامعة هذه النتائج بأنها «لحظة تحولية هائلة» وأقوى تلميح حتى الآن إلى وجود حياة في مكان آخر من الكون.

وقال البروفسور نيكو مادوسودان، من معهد كامبريدج لعلم الفلك: «لا توجد آلية يمكنها تفسير ما نراه من دون وجود حياة»، مضيفاً: «بالنظر إلى كل ما نعرفه عن هذا الكوكب، فإن العالم الذي يحتوي على محيط يعج بالحياة هو السيناريو الذي يتناسب بشكل أفضل مع البيانات المتوفرة لدينا».

وتابع: «ما نراه الآن هو الإشارات الأولى لعالم غريب ربما يكون مأهولاً، وهذه لحظة ثورية».

ويبلغ حجم كوكب «K2 - 18b» نحو 2.6 مرة حجم الأرض ويوجد فيما يسمى المنطقة الذهبية لنجمه؛ حيث الظروف ليست شديدة الحرارة ولا شديدة البرودة للحياة.

ويعتقد أن هذا العالم هو عالم هيسياني، مع محيط ضخم من المياه السائلة تحت غلاف جوي غني بالهيدروجين، ودرجة حرارته أعلى قليلاً من درجة حرارة الأرض.

كانت الملاحظات السابقة قد حددت وجود غاز الميثان وثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لكوكب «K2 - 18b»، الذي يمكن أن يكون أيضاً علامة على وجود حياة، ولكن يتم إنتاج كلتا المادتين الكيميائيتين أيضاً من خلال عمليات طبيعية، مثل النشاط البركاني.

وطلب العلماء تدريب تلسكوب جيمس ويب الفضائي على الكوكب، للبحث بشكل خاص عن المؤشرات الحيوية.

وقالوا إنهم شعروا «بالصدمة» عندما ظهرت الإشارة الكيميائية، وإنهم قضوا العام الماضي في محاولة دحض هذا الاكتشاف و«إخفاء الإشارة». يمكن أن تكون المادة الكيميائية أيضاً عبارة عن ثنائي ميثيل ثنائي الكبريتيد، وهو أيضاً علامة على الحياة، التي تبدو مشابهة.

وأضاف البروفسور مادوسودان: «لقد أمضينا قدراً هائلاً من الوقت... في محاولة القيام بكل أنواع الأشياء لقتل الإشارة».

وتابع: «بصراحة، كان الأمر مذهلاً. إنها صدمة للنظام. لا أريد أن أكون متفائلاً للغاية، لكنني أعتقد بصراحة أن هذا أقرب ما وصلنا إليه من سمة يمكن أن ننسبها إلى الحياة».