ما بعد {كورونا}... هل نتصافح ثانية؟

ما بعد {كورونا}... هل نتصافح ثانية؟
TT

ما بعد {كورونا}... هل نتصافح ثانية؟

ما بعد {كورونا}... هل نتصافح ثانية؟

لقد مرت طرق وأساليب المصافحة بالعديد من المراحل خلال العصور الماضية. فالكثيرون منّا لا يزالون يذكرون إشارة رفع راحة اليد والإشارة بالإصبعين السبابة والوسطى في حقبة الستينات.
بعد ذلك ظهرت إشارة «هاي فايف» في التسعينات التي كنا نرفع فيها راحة اليد بالأصابع الخمس مفتوحة لنلمس يد صديق مرفوعة بنفس الشكل. وفي العقد الأخير كنا نتبادل التحية بحضن أخوي بسيط، وهو ما كان شائعا بدءا من ملاعب الرياضة بعد إحراز نصر أو هدف في مباراة وانتهاء بأوباما في البيت الأبيض.
لكن هل ستستمر تلك التحية في زمن كورونا؟ الإجابة أن الآفاق على المدى القصير لا تبدو مبشرة. فبحسب الدكتور أنتوني فاوسي، كبير اختصاصي الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، الذي تحدث عن طريقة إلقاء التحية في أبريل (نيسان) الماضي، فإنّه «يتعين علينا كسر هذه العادة لأنّها إحدى الطرق الرئيسية التي يمكن من خلالها انتقال الأمراض عن طريق الجهاز التنفسي».
بدأ الانتباه لخطر التحية في وقت مبكر فور تفشي الوباء، حيث تنبأت صحيفتا «تايمز» و«وايرد» وشبكة «بي بي سي» باحتمالية الموت الذي لا مفر منه جراء تبادل التحية الحارة. فما كان بادرة حسن نية حتى وقت قريب بات الآن تصرفا بالغ الخطورة.
في هذا الصدد، قالت ميكا ماير، مؤسسة شركة «بيمونت أتيكيت» المعنية باستشارات الآداب العامة والإتيكيت ومقرها نيويورك، «كانت المصافحة تقليدياً تهدف إلى إظهار الاحترام في مجال الأعمال. لكن الآن فإنّ مد اليد يعني العكس».
بعد مرور نصف عام على عصر الإغلاق فإنّه من العدل أن نسأل: هل المصافحة باليد ماتت إلى الأبد أم أنّها تمرّ بفترة سبات؟ غالباً ما تبين أن التنبؤات العامة التي نلجأ إليها في ذروة أي أزمة دائما ما تكون غير موثوقة (مثلما حدث عند بداية تقدير أعداد ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر مباشرة التي كانت بعيدة عن الواقع). فالتنبؤات الشاملة التي نلجأ إليها في خضم أزمة عالمية مستمرة من دون أن تلوح في الأفق نهاية واضحة هي مثال على التكهن والتخمين.
الجدير بالذكر أنّ المصافحة باليد بدأت على الأقل منذ أيام «الإلياذة»، حسب العلماء، كدليل على السلام بين المحاربين وعلى أنّهم لا يحملون خنجراً في يدهم الممدودة.
لكن التوقعات في الوقت الحالي غامضة، لا سيما في مرحلة من التاريخ حيث يعمل الملايين من المنزل، ويبدو أنّ المكاتب الفارغة باتت تنافس مناطق تصوير أفلام «زومبي» القادمة من هوليوود.
في هذا السياق، كتب توماس فارلي، خبير آداب السلوك وكاتب عمود «اسأل عن آداب السلوك» ومقدم برنامج إذاعي جديد عبر الإنترنت عن «الأعراف الاجتماعية في حقبة الوباء» بعنوان «السلوكيات والأخلاقيات»، يقول: «دعونا نواجه الأمر. إذا كان الأفراد الوحيدون الذين تقابلهم في مسار يومك هم أعضاء أسرتك، أو الشخص الذي يوصل الطعام إليك من حين لآخر، فليس هناك أي داع للقلق من تبادل التحية التقليدية التي تعود إلى آلاف السنين».
ومع ذلك، سيتعين على الغرباء في مرحلة ما مقابلة غرباء آخرين في مكان العمل وفي الحياة اليومية، وسوف تحتاج إلى تبادل التحية. هل سنعود إلى المصافحة أم سيجعلنا الوباء نلجأ إلى تحية مختلفة تماماً؟
على سبيل المثال، هناك التلامس بالكوع الذي انتشر لفترة وجيزة والتي كانت دليلا على أقصى قدر من الوعي في سياق العمل، لكنّها لم تكن بالتحية الصحيحة تماما نظرا لأنها كانت رسمية وبشكل صارم وعدوانية في نفس الوقت. فقد كان ذلك التقليد المستحدث أشبه بطقوس الدفاع عن النفس وتفادي الخصم في مباراة في فن الدفاع عن النفس، ناهيك عن احتمال نقل الوباء بعد أن نصحنا بعض الخبراء بالسعال والعطس في مرفقينا.
في مرحلة مبكرة من الوباء، انتشرت التحية «بهز القدم»، وذلك بتبادل نقر قدم الطرف الآخر برفق مثلما يحدث عند إعادة مخالفة بالتصوير البطيء في مباراة لكرة القدم، وهو ما انتشر لبعض الوقت في الدوائر الدبلوماسية الدولية. ولكن كان من الصعب تحديد ما إذا كانت هذه التحية السخيفة في الواقع أقل أو أكثر سخافة من تحية ارتطام الركبة بركبة الآخر التي شاهدناها لفترة وجيزة في مارس (آذار) الماضي. لكن يبدو أن كل تلك الخيارات قد استنفذت، وجار البحث عن أساليب تحية أخرى مقبولة اجتماعياً للمصافحة التي لا تبدو مثل مزاح الأفلام الصامتة القديمة.
يمكننا النظر إلى مبنى «كابيتول هيل»، كونغرس الولايات المتحدة، حيث أيد النائب أوكاسيو كورتيز، على سبيل المثال، حركة السلام بوضع اليد على القلب في هدوء. فقد أظهرت الدراسات أن مثل هذه البادرة، المألوفة في الثقافات الإسلامية، يمكن أن تنقل إحساس الصدق، وبحسب توماس فارلي، فإن «لغة الجسد هذه دافئة ومتواضعة في نفس الوقت».
طلبت ميك ماير من عملائها تجربة البدائل التي نسميها «تحية إمساك اليد» (الأيدي المشبوكة على مستوى الصدر المصحوبة بإيماءة مهذبة) أو تحية «التوقف والإيماءة» و«التوقف والإيماء بالرأس» مع وضع اليدين خلف أسفل الظهر.
بإمكاننا أيضاً التطلع إلى مستوى أعلى من الوعي. ففي فعالية عبر الإنترنت لرواد الأعمال جرت مؤخرا في «كارلسباد» بكاليفورنيا، لاحظت إيلين سوان، مؤسسة «مدرسة سوان للبروتوكول»، وهي شركة استشارية في آداب السلوك ذات فروع ومكاتب في جميع أنحاء البلاد، أن العديد من الحاضرين يرتدون الأقنعة ويلتزمون ببروتوكولات التباعد الاجتماعي وتبادل التحية عن بعد. وقالت سوان: «يمكن أن يكون غياب المصافحة أبعد ما يكون عن التفاعل مع بعضنا البعض. يمكن أن تنقل إيماءة اليد فوق القلب إحساس التواصل والدفء تجاه الآخر».
كذلك أفاد متخصصون في الإتيكيت جرت مقابلتهم بأنهم يعتقدون أنّ المصافحة باليد ستعود في وقت ما، لكن حال فشلت هذه التحية التقليدية في النجاة من فيروس «كورونا»، فقد يضيع شيء مهم من حياتنا.
وحسب فرنسيس ماكجلون، أستاذ علم الأعصاب في جامعة جون مورس بليفربول في إنجلترا الذي أجرى أبحاثاً عن آثار التواصل الاجتماعي، فإنه حتى في أكثر الأماكن الرسمية فإن المصافحة التي تتضمن اللمس وحتى اللحظات العابرة من الاتصال الجسدي (عند الترحيب) تمنح فوائد نفسية خفية.
استطرد ماكجلون مؤكدا أنّ «فوائد المصافحة كبيرة. فالألياف العصبية للجلد التي يجري تنشيطها عن طريق اللمس لها جميعاً سلسلة من التأثيرات، حيث يخفض اللمس معدل ضربات القلب، وينطلق الأوكسيتوسين - أو ما يعرف بهرمون الحب - الذي يتمتع بتأثير غير مباشر مع الدوبامين، الناقل العصبي اللطيف، على المشاعر. من شأن ذلك أن يؤدي إلى المزيد من السلوكيات الاجتماعية الحميدة ويقلل من علامات الإجهاد التي تسمى الكورتيزول التي تساعد على إيجاد الترابط والثقة».
فكل تلك الأساليب وطرق التحية أفضل من إشارة باليد عن بعد.
* خدمة {نيويورك تايمز»



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.