نكبة جديدة لحقت بقطاع الكهرباء المأزوم أصلاً في لبنان، مع الدمار الكبير الذي لحق بالمبنى الرئيسي لـ«مؤسسة كهرباء لبنان» في منطقة مار مخايل - الأشرفية نتيجة، انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) الماضي. فالمبنى المؤلف من 15 طابقاً والمواجه لموقع الانفجار، في حال يرثى لها؛ إذ لم تقتصر الأضرار على انهيار كل واجهاته، بل تخطت إلى دماره بشكل كلي من الداخل مع تداعي الجدران والأسقف. وقد فقد فريق عمل المؤسسة الذي يبلغ نحو 600 موظف كان معظمهم لا يوجدون في المبنى خلال الانفجار، 3 من أفراده، فيما أصيب العشرات؛ بينهم مدير عام المؤسسة كمال حايك الذي ظل لساعات تحت الأنقاض قبل تمكن موظفي المؤسسة من الوصول إليه وإغاثته.
من يقرر زيارة محيط المبنى المنكوب، يستغرب كمية الأوراق والمستندات المتطايرة وتلك التي لا تزال تحت الردم. فرغم إزالة الركام من وسط الطريق إلى جوانبه، فإن آلاف الأوراق والمستندات الرسمية لا تزال عالقة تحته وهي تتطاير بين أرجل المارة. وينكب فريق من «مؤسسة كهرباء لبنان» على محاولة جمع هذه الأوراق سواء من الطرقات أو من داخل المبنى في محاولة لترتيبها وتنظيمها في وقت لاحق، لكن حجم الدمار والكمية الكبيرة من هذه الأوراق تجعل المهمة صعبة جداً، ما يهدد جدياً أرشيف المؤسسة الذي يعود لعام 1964. ويشير رئيس المصلحة الفنية في مديرية التوزيع بالمناطق في «مؤسسة كهرباء لبنان» المهندس محمد علايا إلى أنه يتم حالياً تقييم أولي للأضرار من قبل المديرين في المؤسسة، «فيحدد كل مدير الأضرار التي أصابت القسم المسؤول عنه ليتم تجميع المعطيات ورفعها للمدير العام والوزير»، لافتاً إلى أنه «يتم في الوقت عينه إزالة الركام ورفع الأنقاض من الطوابق تباعاً، وقد وصلنا حالياً للطابق الثالث، بحيث يتم الطلب من الموظفين العاملين في كل طابق مواكبة الأعمال لتجميع الأوراق والمستندات وأجهزة الكومبيوتر». ويضيف علايا لـ«الشرق الأوسط»: «الدمار كبير، وهناك طوابق لن نتمكن من الوصول إليها بسهولة، خصوصاً الطوابق 8 و9، و13 حيث حوصر المدير العام لساعات في يوم الانفجار».
ويمكن تقسيم الأضرار التي منيت بها المؤسسة إلى قسمين، أضرار لوجيستية متمثلة بالمكاتب والأجهزة، وأضرار معنوية متمثلة بالمستندات والأوراق. ويوضح علايا أن المشكلة الأساسية قد تكون بمعاملات المواطنين التي كانت قيد الإنجاز، لافتاً إلى أن «المكننة أصبحت أمراً واقعاً في المؤسسة منذ نحو عامين، وهي تطال بشكل أساسي الفواتير والرواتب، لكنها لم تصل إلى حد المكننة الشاملة». ويقول علايا: «لدى شركات مقدمي الخدمات التي تتعامل معها المؤسسة كثير من (الداتا) التي يمكن الاعتماد عليها».
وأعلنت وزارة الطاقة والمياه في وقت سابق أن انفجار المرفأ أدى إلى دمار كلي في المبنى المركزي لـ«مؤسسة كهرباء لبنان» حيث يقع «مركز التحكم الوطني» الذي خرج كلياً من الخدمة. وأشارت في بيان إلى أنه وبعد جهود جبارة، تم التحكم بشبكة النقل الوطنية يدوياً انطلاقاً من محطة بصاليم للمحافظة على المستوى الأقصى من التغذية لمواكبة أعمال الإنقاذ.
ورغم الدمار الهائل الذي لحق بالمؤسسة، فإن علايا يؤكد أنهم تمكنوا من تأمين الكهرباء بشكل متواصل في العاصمة بعيد الانفجار، متحدثاً عن أضرار كبيرة لحقت بمحطات التحويل المحيطة بالمبنى الرئيسي، «خصوصاً بمحطة التحويل الرئيسية بالغاز، والتي انتهى العمل بها منذ عامين بتكلفة نحو 30 مليون دولار»، موضحاً أن «العمل لم يتوقف على الإطلاق رغم تضرر المكاتب، فقد تم نصب عدد من الخيام والكونتاينر في الموقف الخاص بالمبنى؛ حيث سيرت كل مديرية أعمالها». وعمّا إذا كان سيتم ترميم المبنى وإعادة تأهيله أو الانتقال إلى مبنى جديد، يقول علايا: «يتم حالياً الكشف عن الأساسات للتأكد من أنها لم تتضرر، خصوصاً أنه حين تم تشييد المبنى صمم كي يتصدى للهزات... وبالتالي إذا ثبت أنها صالحة فستتم تباعاً إعادة التأهيل». وحتى الساعة؛ لم يتم تحديد التكلفة الإجمالية للأضرار، وإن كان هناك إجماع على أنها بملايين الدولارات، لتضاعف بذلك هذه الكارثة الوضع الكارثي للقطاع؛ إذ تقدر التكلفة المباشرة التي تكبدتها خزينة الدولة بسبب قطاع الكهرباء منذ عام 1992 بـ23 مليار دولار.
آلاف المستندات والأوراق الرسمية بين ركام «كهرباء لبنان»
نكبة جديدة تلحق بالقطاع المأزوم
آلاف المستندات والأوراق الرسمية بين ركام «كهرباء لبنان»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة