عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> الدكتورة بهية جواد الجشي، سفيرة مملكة البحرين في بروكسل، استقبلت أول من أمس، بمقر السفارة، بيتر هيغيبيرت، مدير إدارة شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة خارجية مملكة بلجيكا. واستعرضت السفيرة جهود المملكة في تمكين وتقدم المرأة البحرينية. كما بحث الجانبان سبل تعزيز التعاون في عدد من المجالات الحيوية كالمجال الاقتصادي، وتبادل الخبرات في مجال التعليم العالي، وفي المجال الصحي وغيرها من المجالات، كما تم استعراض عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
> ياسر علوي، سفير مصر في لبنان، زار أول من أمس، مستشفى الزهراء الجامعي ببيروت، حيث تفقد مركز الرعاية الصحية التابع لجامعة بيروت العربية، الذي يستضيف طاقم الأطباء المصريين الذين يساهمون في تقديم كافة أوجه العلاج للجرحى والمصابين جراء الانفجار المدمر الذي تعرضت له العاصمة. واستمع إلى عرض لجهود إسعاف مصابي انفجار مرفأ بيروت. وقدم السفير طنين من المساعدات الدوائية إلى المستشفى بعضها مخصص لعلاج الحالات الطارئة والجراحية والأخرى لفيروس «كورونا».
> عدنان درجال، وزير الشباب والرياضة العراقي، اختتم أول من أمس، زيارة إلى مدينة بعقوبة بمحافظة ديالى، والتي استمرت يومين، قام خلالها بجولات تفقدية للمنشآت الرياضية والمنتديات الشبابية. ووعد بحل جميع المعرقلات التي تعوق عمل الأندية الشبابية والرياضية. وتعهد بإكمال المشاريع الرياضية المتوقفة ومنها المدينة الرياضية التي توقف العمل بها لأسباب فنية وإدارية. كما أوعز بتخصيص قطع أراض سكنية للرياضيين ممن قدموا خدمات وأسهموا في تحقيق إنجازات رياضية على المستوى المحلي والعالمي.
> ثائر أبو بكر، سفير دولة فلسطين لدى غينيا، التقى أول من أمس، بوزيرة الطاقة الغينية بونتورابي ياتارا، لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك في مجال الطاقة، حيث جرى بحث تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين الطرفين، وكذلك بين الشركات الفلسطينية ووزارة الطاقة الغينية، إضافة إلى التعاون في مجالات الطاقة الشمسية وكافة أنواع الطاقة البديلة، كذلك تم الاتفاق خلال اللقاء على تبادل الخبرات في هذا المجال، وسبل استفادة الطرفين من التعاون المشترك، ووعدت الوزيرة ببذل ما يمكن للدفع بالتعاون التقني بين البلدين.
> محمد كريم الخفاجي، وزير الزراعة العراقي، التقى أول من أمس، نائب نقيب المهندسين الزراعيين في العراق صادق جعفر المحمداوي. وأكد الوزير سعي الوزارة لإيجاد فرص عمل مناسبة للخريجين من خلال التعيين أو العمل كمتفرغين زراعيين، وكذلك تعمل على تعديل القوانين الخاصة بالمتفرغ الزراعي من خلال منحه مشروعا استثماريا يفضي إلى تمليك الأرض وإنشاء صناعات تحويلية هادفة. كما شدد الوزير على أهمية التكامل المؤسساتي بين الوزارة والنقابة لتطوير التنمية الزراعية بشكل عام.
> إيفان فائق جابرو، وزيرة الهجرة والمهجرين العراقية، التقت أول من أمس، مساعد مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية «USAID» لمكتب الشرق الأوسط مايكل هارفي، بحضور عدد من المسؤولين في الوكالة وأعضاء السفارة العراقية بواشنطن. وأكدت الوزيرة عودة الكثير من النازحين من مخيمات النزوح إلى مناطق سكناهم ضمن برامج العودة الطوعية الآمنة التي تنظمها الوزارة. من جانبه، أكد هارفي على المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الوزارة، معرباً عن استعداد الوكالة لتقديم الدعم والمساعدة اللازمة للنازحين.
> محمود خليفة، سفير دولة فلسطين لدى بولندا، التقى أول من أمس، بنائب رئيس الوزراء وزير الزراعة والتنمية الريفية البولندي، يان كشيشتوف اردانوفسكي، لبحث آفاق تعزيز العلاقات الثنائية الفلسطينية البولندية في المجال الزراعي، والتبادل التجاري الزراعي. وأطلع السفير خلال اللقاء الوزير البولندي على واقع القطاع الزراعي في فلسطين. وأكد على اهتمام دولة فلسطين بتعزيز العلاقات الثنائية في شتى المجالات بين البلدين، ومنها القطاع الزراعي، وتمثل ذلك في الزيارات المشتركة بين الجانبين.
> عمر عامر، سفير مصر لدى النمسا، كرم أول من أمس، الشاب ميسرة مقلد رئيس لجنة الجيل الجديد للاتحاد العالمي للمواطن المصري في الخارج. ووجه السفير كلمات الثناء لرئيس اللجنة لما قام ويقوم به من عمل إنساني في العاصمة النمساوية فيينا، حيث قدم خدمات إنسانية لفتت وسائل الإعلام النمساوية والأجنبية، وذلك حينما قام بقيادة فريق لمساعدة كبار السن وغير القادرين من أبناء الشعب النمساوي، وأبناء الجاليات المقيمة، خلال أزمة «كورونا» التي اجتاحت العالم.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)