«الحرس الثوري» يختطف مهندساً في «فيسبوك» لإجباره على التجسس

مهندس البرمجيات الكندي الإيراني بهداد إسفاهبود (نيويورك تايمز)
مهندس البرمجيات الكندي الإيراني بهداد إسفاهبود (نيويورك تايمز)
TT

«الحرس الثوري» يختطف مهندساً في «فيسبوك» لإجباره على التجسس

مهندس البرمجيات الكندي الإيراني بهداد إسفاهبود (نيويورك تايمز)
مهندس البرمجيات الكندي الإيراني بهداد إسفاهبود (نيويورك تايمز)

سافر مهندس البرمجيات الكندي الإيراني في «فيسبوك» بهداد إسفاهبود، وهو من نجوم طلاب التكنولوجيا في إيران، إلى طهران في يناير (كانون الثاني) لزيارة عائلته، ولم يكن يعرف أن هذه الرحلة من شأنها أن تقلب حياته رأساً على عقب.
فبعد أسابيع قليلة، غادر إسفاهبود إيران بموجب ما يصفه هو شخصياً الآن بـ«صفقة قسرية للعمل كمخبر للحرس الثوري» الإيراني، حسب ما نقلته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.
وقال بهداد إسفاهبود، المهندس البالغ 38 عاماً إن عناصر من مخابرات «الحرس الثوري» اعتقلوه في أحد شوارع طهران، واحتجز في الحبس الانفرادي لمدة سبعة أيام، وتعرض للتعذيب النفسي لإجباره على التعاون معهم، وهو ما لم يفعله قط، مضيفاً أنه أخذ يكافح منذ ذلك الحين حيث انهار زواجه وصحته العقلية وحياته المهنية، حتى أنه قال إنه فكر في الانتحار.
ومنذ ذلك الحين خسر إسفاهبود، الذي يعيش الآن في مقاطعة ألبرتا الكندية وظيفته في «فيسبوك»، حيث كان يحصل على 1.5 مليون دولار سنوياً. وكسر المهندس الكندي الإيراني صمته هذا الأسبوع في مقال نُشر على موقع «ميديم».
وينظر الكثيرون إلى قصة إسفاهبود على أنها جزء من «توعك أعمق يعاني منه البلد»، حيث ترى العقول الإيرانية الشابة الواعدة مستقبلها في مكان آخر، في حين يُنظر إليها بريبة في الداخل، وفقاً صحيفة «نيويورك تايمز».
وبعد تخرجه من الجامعة، فاز إسفاهبود بميدالية فضية وذهبية في الأولمبياد الدولي للمعلوماتية. وكان عمله الرائد على مدى العقدين الماضيين مفيداً في إتاحة نصوص الكتابة غير الإنجليزية لمستخدمي الويب ونظام الأندرويد في جميع أنحاء العالم.
وحسب إسفاهبود، فقد اختطفه عملاء يرتدون ملابس مدنية من جناح الاستخبارات في «الحرس الثوري» بينما كان ينتظر سيارة أجرة واقتادوه إلى سجن بطهران وصادروا حاسوبه المحمول وهاتفه وجوازات سفره وبطاقات ائتمانه الإيرانية والكندية، وأجبروه على تسليم كلمات المرور لجميع حساباته، وقاموا بتحميل 15 عاماً من الذاكرة الرقمية لحياته الشخصية والمهنية.
وأضاف أنه تم تعصيب عينيه واستجوابه لساعات طويلة مرتين في اليوم، وتم تهديده بإيذاء شقيقه وشقيقته وإبقائه في السجن لمدة 10 سنوات بتهمة التجسس إذا لم يتعاون. وعندما طلب محامياً، ضحك مستجوبوه وذكروه بأنه محتجز لدى «الحرس الثوري» حيث لا تحمل كلمات مثل «محامٍ» أي وزن، وأخبروه أنه مرحب به فقط «طالما كنت مخبراً لهم».
وتزامن وصول إسفاهبود واحتجازه في إيران مع الاضطراب الذي تبع عملية اغتيال قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الجنرال قاسم سليماني في بغداد بضربة أميركية وإسقاط إيران للطائرة الأوكرانية، وهو ما عزز ربما قيمته لدى عملاء المخابرات في البلاد.
وقال مهندس البرمجيات «قالوا لي إن لديك أخا في أميركا ولديك أخت هنا. تذكر الطائرة التي أسقطناها؟ تذكر قلنا إنه خطأ بشري؟ يمكن أن يحدث نفس الشيء لك ولعائلتك».
وأضاف أن آسريه كانوا مهتمين في الغالب بالحصول على معلومات حول مجتمع التكنولوجيا الإيراني في الخارج، وخاصة نشطاء الإنترنت والمهندسين العاملين في البرامج التي تساعد الإيرانيين على التحايل على طرق المراقبة والترصد وتحقق لهم الوصول إلى اتصالات آمنة بالإنترنت.
وحسب إسفاهبود، فقد طلبوا منه الخروج لتناول العشاء والمشروبات مع معارفه في أميركا ثم العودة. وعندما وافق، أطلقوا سراحه.
وبعد ذلك بأشهر، عانى إسفاهبود من القلق والبارانويا (جنون الارتياب)، بعد أن كان يعاني من أحد أشكال الاكتئاب، وتدهورت صحته العقلية. وفي يونيو (حزيران)، اتصل به عملاء إيرانيون على «إنستغرام» عدة مرات، وعندما لم يرد، اتصلوا بأخته لإبلاغه بالاتصال بهم.
وحسب صحيفة «نيويورك تايمز» فإن قضية إسفاهبود تشير إلى أن طهران تحاول من خلال استهداف خبراء التكنولوجيا، السيطرة على العقول الذكية وتوظيفها في مأموريات استخباراتية.



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».