ألمانيا: خفض ساعات العمل بدل التسريح لا يخلو من الجدل

انهيار مبيعات قطاع الضيافة في النصف الأول

رغم ترحيب أغلب الأوساط الصناعية الألمانية بتخفيض عدد أيام العمل الأسبوعية بديلاً عن التسريح... فإن الأمر لم يخلُ من جدل حاد (رويترز)
رغم ترحيب أغلب الأوساط الصناعية الألمانية بتخفيض عدد أيام العمل الأسبوعية بديلاً عن التسريح... فإن الأمر لم يخلُ من جدل حاد (رويترز)
TT

ألمانيا: خفض ساعات العمل بدل التسريح لا يخلو من الجدل

رغم ترحيب أغلب الأوساط الصناعية الألمانية بتخفيض عدد أيام العمل الأسبوعية بديلاً عن التسريح... فإن الأمر لم يخلُ من جدل حاد (رويترز)
رغم ترحيب أغلب الأوساط الصناعية الألمانية بتخفيض عدد أيام العمل الأسبوعية بديلاً عن التسريح... فإن الأمر لم يخلُ من جدل حاد (رويترز)

وصف وزير العمل الألماني، هوبرتوس هايل، تخفيض ساعات الدوام بأنه وسيلة مناسبة محتملة لتدعيم سوق العمل، وذلك خلال النقاش حول خفض أيام العمل في ألمانيا إلى أربعة أيام فقط في الأسبوع. وقال هايل في تصريحات لصحف مجموعة «فونكه» الألمانية الإعلامية الصادرة الأربعاء «ساعات العمل المخفضة مع تعويضات جزئية للأجور قد تكون إجراءً مناسباً، إذا اتفق عليها الشركاء الاجتماعيون (أرباب العمل والاتحادات العمالية)... الأفكار الجيدة والعملية مطلوبة لتجاوز الأزمة سوياً».
وكانت نقابة «آي جي ميتال» العمالية اقترحت مؤخراً تقليص أيام العمل الأسبوعية إلى 4 بدلاً من 5 أيام لإنقاذ الوظائف في قطاع المعادن والكهرباء.
وفي تصريحات لصحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» الألمانية الصادرة السبت الماضي، قال يورغ هوفمان، الرئيس التنفيذي الأول للنقابة «اقتراح أربعة أيام في الأسبوع سيكون الرد على التغيير الهيكلي في قطاعات مثل صناعة السيارات، وهكذا سيتم الحفاظ على الوظائف الصناعية بدلاً من شطبها». وتحدث هوفمان عن «تعويض معين في الأجر بالنسبة للعاملين يمكنهم تحمله».
ويعتبر هذا المقترح مثيراً للجدل، حيث قال رئيس المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية (دي آي دابليو)، مارسيل فراتسشر، إنه يرى أنه بالإمكان تطبيق تقليص أيام العمل الأسبوعية إلى أربعة، لكن فقط في حال التخلي عن تعويض تام في الأجر.
ورفض مجلس الشؤون الاقتصادية في الحزب المسيحي الديمقراطي، المنتمية إليه المستشارة أنجيلا ميركل، تقليص أيام العمل الأسبوعية مع تعويض محدود للأجر.
وقال الأمين العام للمجلس، فولفغانغ شتايغر، في تصريحات لصحيفة «باساور نويه بريسه» الألمانية «تقليص دوام العمل مع تعويض جزئي في الأجر سيؤدي إلى استمرار زيادة تكاليف الأجور».
لكن في المقابل، كشف استطلاع للرأي، عن أن 61 في المائة من الألمان يؤيدون خفض أيام العمل الأسبوعية إلى 4 أيام لحماية الوظائف من الشطب جراء أزمة «كورونا». وأظهر الاستطلاع، الذي نُشرت نتائجه أمس، أن مقترح الخفض يؤيده تماماً 21 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع، كما يدعمه إلى حد ما نحو 40 في المائة آخرين. وبلغت نسبة التأييد بين النساء 65 في المائة، مقابل 58 في المائة للرجال.
وكان أنصار الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك في الائتلاف الحاكم، الأكثر تأييداً للمقترح (47 في المائة)، يليهم أنصار التحالف المسيحي، المنتمية إليه المستشارة أنجيلا ميركل، (44 في المائة)، ثم أنصار حزب الخضر (43 في المائة)، والحزب الديمقراطي الحر (37 في المائة)، واليسار (33 في المائة)، وآخرهم أنصار حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني الشعبوي (29 في المائة).
وأجرى الاستطلاع معهد «يوجوف» لقياس مؤشرات الرأي في 17 أغسطس (آب) الحالي، وشمل 1640 ألمانياً.
من جهة أخرى، أدى تخفيف القيود المفروضة على الحياة العامة في إطار مكافحة جائحة كورونا بشكل كبير إلى تحفيز الأعمال في قطاع الضيافة في ألمانيا خلال يونيو (حزيران) الماضي، إلا أن القفزة الهائلة في المبيعات التي تجاوزت 60 في المائة لم تكن كافية لتعويض الانخفاضات الحادة نتيجة الأزمة.
فقد أعلن مكتب الإحصاء الاتحادي في مقره بمدينة فيسبادن غربي ألمانيا، الأربعاء، أن مبيعات القطاع انهارت في النصف الأول من هذا العام بعد احتساب تغيرات الأسعار بنسبة 39.7 في المائة، وبنسبة 38.4 في المائة بالقيمة الاسمية. وفي يونيو الماضي، ارتفعت المبيعات بنسبة 64 في المائة تقريباً بالقيمة الحقيقية والاسمية مقارنة بالشهر السابق. ومقارنة بشهر فبراير (شباط) 2020، أي الشهر الذي سبق تفشي وباء كورونا في ألمانيا، تراجعت المبيعات بنسبة 42 في المائة في كل حالة. وفي إطار مكافحة انتشار الفيروس، منعت الحكومة الألمانية السائحين من المبيت في الفنادق وغيرها من نُزل الإقامة السياحية اعتباراً من منتصف مارس (آذار). ومن 22 مارس، تم إغلاق المطاعم باستثناء خدمات التوصيل والتوريد. ومنذ منتصف مايو (أيار) الماضي، تم تخفيف القيود تدريجياً. وانتعشت الأعمال بالفعل إلى حد ما في ذلك التوقيت.


مقالات ذات صلة

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

آسيا شيغمي فوكاهوري أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945 (أ.ب)

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

توفي شيغمي فوكاهوري، أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945، والذي كرَّس حياته للدفاع عن السلام، عن عمر يناهز 93 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم جنود يشاركون في عرض عسكري لإحياء الذكرى السبعين لهدنة الحرب الكورية في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية 27 يوليو 2023 (رويترز)

قوات كورية شمالية قد تشارك باحتفالات روسيا في الانتصار بالحرب العالمية الثانية

قال مسؤول روسي كبير إنه يعتقد بإمكانية مشاركة جنود كوريين شماليين في العرض العسكري في الساحة الحمراء العام المقبل، في ذكرى الانتصار بالحرب العالمية الثانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.