المخطوطات والخرائط النادرة تجتذب زوار متحف جامعة الإسكندرية

اُفتتح قبل أيام ويضم مقتنيات تعود للقرن السادس عشر

TT

المخطوطات والخرائط النادرة تجتذب زوار متحف جامعة الإسكندرية

اجتذبت المخطوطات التاريخية والخرائط النادرة، زوار متحف «مقتنيات جامعة الإسكندرية» الذي افتُتح قبل أيام قليلة بالمدينة الساحلية التي تضم عدداً من المتاحف الأثرية المتنوعة والمميزة.
مبنى المتحف الذي يقع في الدور الخامس بمبنى الإدارة العامة لشؤون المكتبات، في الجامعة، يضمّ مجموعة كبيرة ومتنوعة من المقتنيات الأثرية والتاريخية والمخطوطات والكتب والصور التراثية، وفق الدكتور عصام الكردي، رئيس الجامعة، الذي يؤكد أنّ المتحف يقدم مجموعة من الكنوز والمقتنيات المهمة والوثائق النادرة التي تم الحفاظ عليها خلال العقود الماضية وتقديمها للجمهور بشكل جذاب وبسيناريو عرض مشوق وحديث.
وتخضع مقتنيات المتحف إلى عملية ترميم دورية، تهدف إلى توفير الجو المناسب وقياس درجة الحرارة والرطوبة، لتفادي تلف المخطوطات النادرة، حسب الكردي الذي يضيف في بيان صحافي أصدرته الجامعة أخيراً: «أتوقع أن يصبح المتحف مقصداً ومزاراً ثقافياً وسياحياً مهماً، وإضافة غير مسبوقة لجامعة الإسكندرية، كما سيدعم الباحثين والأثريين بالإضافة إلى مجال البحث العلمي في مختلف المجالات المعرفية من كافة الدول للاطلاع على مقتنياته النادرة».
ويتكون المتحف من ثلاث قاعات كبرى، تضم القاعة الأولى مجموعة من التراث النادر لجامعة الإسكندرية، من بينها أوائل الرسائل الجامعية، وشهادات تخرج أشهر الخريجين، وخرائط بناء الجامعة، وأهم المخطوطات في المجالات العلمية، والكتب النادرة مثل «وصف مصر» و«الفرمانات العثمانية»، فيما تضم القاعة الثانية كتب الديانات و1095 مخطوطاً باللغة العربية، و139 مخطوطاً شرقياً، منهم 24 مخطوطاً بالفارسية، و115 مخطوطاً بالتركية، أمّا القاعة الثالثة بالمتحف تضم الكتب التراثية وعددها 1327 مجلداً، ومجموعات نادرة وقيمة يرجع بعضها للقرن السادس عشر والسابع عشر الميلادي، وفق الدكتورة غادة موسى، عميد كلية الآداب ومستشار رئيس الجامعة لشؤون المكتبات.
وتضمّ مدينة الإسكندرية التي أسسها الإسكندر الأكبر على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، وتعج بالمواقع والقطع الأثرية عدداً من المتاحف المتنوعة من بينها، متحف المجوهرات الذي يحتوي على 1064 قطعة ثمينة من الذهب والأحجار الكريمة، ويقع في منطقة جليم، بالإضافة إلى مجموعة متاحف مكتبة الإسكندرية، (متحف الآثار، متحف المخطوطات، متحف السادات)، التي تعد من المقاصد المهمة للسائحين الأجانب والزوار المحليين للمدينة، وخصوصاً خلال شهور الصيف.
هذا بالإضافة إلى «المتحف القومي» الذي يبرز مقتنيات تعود إلى خمسة عصور قديمة وبهو فرعوني يشبه المقبرة. ويعدّ هذا المتحف الذي يقع بشارع فؤاد (وسط المدينة) من أكبر وأهم المتاحف في المحافظة، إذ يضم نحو 1330 قطعة أثرية.
كما تضم المدينة أيضاً متحف «متحف الأحياء المائية» بجوار قلعة قايتباي الشهيرة، بجانب متحف «كفافيس» الذي يروي قصة الشاعر اليوناني «عاشق الإسكندرية»، بالإضافة إلى متحف محمود سعيد.
وجامعة الإسكندرية (جامعة فاروق سابقاً) هي إحدى أكبر الجامعات في مصر، وأقدمها، وتضمّ أكثر من 23 كلية ومعهداً حالياً، وعدداً من الفروع خارج المدينة.
ويرجع تاريخ إنشاء الجامعة إلى عام 1938 وذلك في عهد الملك فاروق، وكانت الجامعة تضم وقت إنشائها كلية الآداب وكلية الحقوق فقط، من ثمّ تلى ذلك إنشاء كلية الهندسة عام 1941.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».