الحكومة السودانية توقع اتفاقاً لدمج فصيل مسلح في الجيش

TT

الحكومة السودانية توقع اتفاقاً لدمج فصيل مسلح في الجيش

يمهد اتفاق الترتيبات الأمنية الموقع بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية شمال، بقيادة مالك عقار، لدمج مقاتلي «الشعبية» في القوات المسلحة السودانية، وسيبدأ تنفيذه بعد التوقيع النهائي لاتفاقية السلام، المحدد له 28 من أغسطس (آب) الحالي. وانطلقت المفاوضات بين الأفرقاء السودانيين في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، بوساطة من جنوب السودان، وشاركت فيها فصائل مسلحة، أبرزها «الشعبية - جناح عقار»، و«حركة جيش تحرير السودان» بزعامة مني أركو مناوي، و«حركة العدل والمساواة» بقيادة جبريل إبراهيم.
ووضع الاتفاق سقفاً زمنياً يمتد على 3 مراحل، تبدأ بتجميع قوات الحركة خلال عام من توقيع اتفاق السلام النهائي، فيما المرحلة الثانية تستغرق 14 شهراً، والثالثة تستمر لمدة 13 شهراً.
وتقضي الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية في السودان بإعادة هيكلة القوات النظامية، بدمج كل المسلحين خارج الجيش وقوات الدعم السريع في جيش مهني بعقيدة جديدة.
وتوصلت الحكومة والحركات المسلحة، في مطلع يوليو (تموز) الماضي، إلى اتفاق لتقاسم السلطة والثروة، يقضي بإشراك حاملي السلاح في أجهزة السلطة الانتقالية، أي مجلسي السيادة والوزراء، إلى جانب المجلس التشريعي الذي لم يتشكل بعد.
وعانت الحركات المسلحة التي كانت تقاتل نظام الرئيس المعزول عمر البشير في مناطق النزاعات بدارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق من انقسامات أفقية ورأسية، أدت إلى ظهور عشرات الفصائل الصغيرة، بعضها لا يملك أي قوات على الأرض.
وأكد طرفا الاتفاق (الحكومة والشعبية) الالتزام بتنفيذ خطة هيكلة وتطوير وتحديث العقيدة العسكرية الجديدة للمؤسسات العسكرية والأمنية بمهنية، بعيداً عن التسيس. ونص الاتفاق على إطلاع الطرفين عبر الخرائط والمعلومات على مواقع وجود القوات، على أن يلتزما بعدم الكشف عنها لأي طرف آخر.
ويشكل الطرفان بمقتضى الاتفاق لجاناً عسكرية مشتركة لملف الترتيبات الأمنية، تقوم بمراقبة وقف إطلاق النار الدائم، والتخطيط والتنفيذ لعملية نزع السلاح والتسريح، وإعادة دمج القوات على المدى الزمني المتفق عليه، ومعالجة أوضاع غير المناسبين للخدمة العسكرية، على أن يتم ذلك بتنسيق مع المفوضية القومية لنزع السلاح وإعادة الدمج والتسريح. ووفقاً للاتفاق أيضاً، تقوم «الحركة الشعبية» بتسليم كشوفات بأسماء مقاتليها بعد تجميعهم في مناطق الإيواء، وتسليم السلاح والذخائر، تحت إشراف طرف ثالث. ووضعت السلطة الانتقالية آليات لتطوير وتحديث القوات المسلحة في مجلسي الدفاع والأمن، سيشارك فيها كل قادة حركات الكفاح المسلح لمتابعة تنفيذ الاتفاق.
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، قد شدد على ضرورة هيكلة القوات النظامية، وإعادة ترتيبها وتنظيمها، بما يتوافق مع متطلبات الفترة الانتقالية، لتؤدي مهامها الوطنية في حماية البلاد.
ومن جانبه، أكد نائب رئيس الحركة الشعبية، ياسر عرمان، خلال مخاطبته جلسة إبرام الاتفاق، أن الحركات المسلحة (الجبهة الثورية) ستشارك في تطوير وإصلاح وبناء قوات مسلحة قوية، والقوات النظامية الأخرى كافة، بعقيدة عسكرية جديدة بعيدة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.