«الفساد والإحباط» يرغم شبان ليبيا على ركوب «قوارب الموت» نحو أوروبا

أجواء عدم الاستقرار والاشتباكات المتواصلة ترغمهم على الخروج من البلاد بأي ثمن

عمال الإنقاذ ينتشلون جثث مهاجرين على شاطئ تاجوراء بطرابلس (رويترز)
عمال الإنقاذ ينتشلون جثث مهاجرين على شاطئ تاجوراء بطرابلس (رويترز)
TT

«الفساد والإحباط» يرغم شبان ليبيا على ركوب «قوارب الموت» نحو أوروبا

عمال الإنقاذ ينتشلون جثث مهاجرين على شاطئ تاجوراء بطرابلس (رويترز)
عمال الإنقاذ ينتشلون جثث مهاجرين على شاطئ تاجوراء بطرابلس (رويترز)

سادت حالة من الغضب أنحاء ليبيا مع انتشار خبر قيام مجموعة من الشبان بهجرة غير مشروعة إلى أوروبا مؤخراً، مدفوعين بحالة من «الإحباط» و«انتشار موجات غير مسبوقة من الفساد».
وغالباً ما تعثر سفن الإنقاذ ودوريات خفر السواحل في البحر المتوسط على ليبيين داخل مراكب متهالكة، فتعيدهم إلى البر مرة ثانية.
وتدفع أجواء عدم الاستقرار والاشتباكات المتواصلة منذ 9 سنوات عدداً من الشبان إلى التفكير في الخروج من البلاد بأي ثمن، بحيث أصبح الانتقال إلى أوروبا بالنسبة إليهم هو الحلم الأكبر، بحسب إيهاب محمد، الطالب في كلية الطب البشري بطرابلس، الذي قال: «إذا لم يستطع الشباب الحصول على تأشيرة دولة أوروبية فإنه يضطر إلى المغامرة بالهجرة عبر الهروب من البحر المتوسط».
وأضاف إيهاب (19 عاماً) موضحاً أن الصراع السياسي الذي يعصف بالوطن منذ سنوات، وتردي الأوضاع المعيشية، وارتفاع نسب البطالة وتفشي الفساد «تسبب في عزوف الشباب عن الاندماج في الحياة، وزاد من رغبتهم في الهجرة غير المشروعة إلى أي مكان في العالم، بعيداً عن ليبيا للبحث عن لقمة العيش».
وضرب محمد مثالاً على صعوبة أوضاع الأطباء حديثي التخرج في بلاده، بقوله: «إذا وجد أحد الأطباء الشباب عملاً بأحد المشافي الخاصة فقد يظل بلا عقد يحمي حقوقه لمدة 5 سنوات، ناهيك عن انعدام فرص حصوله على منحة لاستكمال دراسته، فكيف سيوفر تكاليف المعيشة، إذا فكر في الزواج؟» مستكملاً: «لقد اتخذت قرار الهجرة بعد انتهاء سنوات دراستي، ممن سبقوني للخارج، والذين أصبح وضعهم الآن جيداً، وإذا أغلقت الطرق الشرعية أمامي فلا مفر إلا البحر».
وتشهد السواحل الليبية، خصوصاً مناطق غرب ليبيا، عمليات هجرة غير مشروعة كثيرة، ومن وقت لآخر تعلن السلطات الأمنية والبحرية عن توقيف عشرات المهاجرين خلال محاولتهم الفرار بمراكب متهالكة إلى الشط الثاني. ومؤخراً أعلن 6 شبان ليبيين تمكنهم من الوصول إلى ساحل اليونان.
وأمام هذه الظاهرة الحديثة على المجتمع الليبي، دعت ريم البركي، الباحثة في شؤون الهجرة غير الشرعية، الشباب الليبي إلى «التفكير بعمق فيما يتعلق بجدوى قرار الهجرة لأوروبا بالتوقيت الراهن»، وطالبت المؤسسات والوزارات كافة المعنية بالشباب في عموم ليبيا بتوعيتهم من مخاطر الهجرة إلى أوروبا، وما ينتظرهم من مصاعب هناك، هذا حال وصولهم سالمين، منوهة إلى أن الإحصائيات الدولية سجلت أكثر من 19 ألف حالة ما بين غريق ومفقود في البحر المتوسط خلال محاولتهم الوصول لشواطئ أوروبا، خلال السنوات الست الماضية.
وكان الناطق باسم البحرية الليبية، التابعة لحكومة «الوفاق»، العميد أيوب قاسم، قد أعلن نهاية يونيو (حزيران) الماضي فقدان 116 مهاجراً على الأقل، وإنقاذ 132 آخرين على يد خفر السواحل الليبي وصيادين محليين، بعد غرق قارب خشبي قبالة ساحل مدينة الخمس، الواقعة شرق طرابلس.
بدوره، حذّر مدير إدارة التوعية والتثقيف والإعلام بوزارة الشؤون الاجتماعية بحكومة شرق ليبيا، حمدي النحيلي، من وجود ما أسماه «مخططات راهنة تعمل على استمرار دفع الشباب للهجرة من البلاد»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الكل يتخوف من قوة الشباب، ومن احتمال ثورتهم على الأوضاع المتردية، وتحديداً بالعاصمة؛ خصوصاً مع الأحاديث المتزايدة عن انتشار الفساد هناك»، لافتاً إلى أن عدداً من الشبان احتجوا على انقطاع التيار الكهربائي، وتدني أوضاع المعيشة والخدمات الحكومية بالعاصمة.
واستكمل النحيلي موضحاً: «من هنا، فالأحزاب والتنظيمات المؤدلجة، كتنظيم (الإخوان)، وباقي التيارات المحسوبة على الإسلام السياسي تعمل على التخلص من تلك القوة الكبيرة بدفعها للهجرة، بما تبثه عن إغراءات حول هذا الأمر»، ورأى أن «هناك مخططاً لتفريغ البلاد من شبابها وقوتها»، وأن عدداً غير قليل من العائلات والشباب الليبي «غادروا البلاد منذ عام 2011. فقد كان لدى هؤلاء توقع صحيح بما شهدته ليبيا، خاصة بين أعوام 2012 و2013، على يد الميليشيات المسلحة من عمليات اغتيالات وأعمال عنف، وتهجير لبعض القبائل، وما تبع ذلك من انهيار للنسيج الاجتماعي».
وحول تبعات ما يجري في ليبيا على الشباب، قال النحيلي: «الأحداث المتوترة زادت من حالة الإحباط، ورفعت وتيرة السفر والهجرة بين الليبيين، سواء بطرق مشروعة، أو غير مشروعة، بحثاً عن الرزق بعيداً عن الاضطرار لحمل السلاح، أو على الأقل البحث عن مكان آمن يعيش فيه المواطن مع أسرته».
وانتهى النحيلي إلى أن نجاح «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، في تحرير المدن بالشرق، وإشعار الأهالي بالأمان «أدى إلى تراجع أعداد الراغبين بالهجرة بدرجة كبيرة، فضلاً عن أن الشواطئ التي يتركز بها عمل عصابات الهجرة غير الشرعية توجد بالغرب الليبي، وتحديداً بمدينة زوارة».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.