أوامر حوثية تمنع الاختلاط في جامعة صنعاء وتحدد شروط «الحشمة»

TT

أوامر حوثية تمنع الاختلاط في جامعة صنعاء وتحدد شروط «الحشمة»

تواصل الجماعة الحوثية في اليمن المضي على خطى تنظيم داعش الإرهابي. فبعد أن أغلقت المقاهي لمنع الاختلاط، أصدرت أوامر بمنع الاختلاط في مرحلة التعليم الجامعي، ووجهت عمداء الكليات بفصل طالبات جامعة صنعاء عن الطلبة، وتحديد بوابات لدخول الذكور وأخرى للإناث، وحددت مواصفات خاصة للملابس المحتشمة.
وفي هذا السياق، ذكرت مصادر طلابية في كليات جامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن القيادي الحوثي القاسم محمد عباس، المعين رئيساً للجامعة، أصدر قراراً يلزم عمداء الكليات ورؤساء الأقسام والأساتذة بالفصل بين الجنسين عند توزيع الطلبة على مجموعات لإعداد بحوث التخرج، بحيث يكون الذكور في مجموعات منفصلة، والإناث في مجموعات أخرى، من أجل تحقيق ما زعم أنه «هدف الجامعات اليمنية لإعداد شخصية إيمانية».
ويضاف التعميم الذي اطلعت «الشرق الأوسط» عليه إلى توجيهات سابقة أصدرها الحوثيون بحق طلبة الجامعات، خصوصاً في جامعة صنعاء التي تعد أهم معقل للحركة الشبابية الرافضة للمشاريع الطائفية لميليشيات الحوثي، وهي التوجهات التي قضت بمنع الاختلاط في القاعات الدراسية، وتخصيص مداخل خاصة للذكور، وأخرى للإناث، في مختلف الكليات، وحتى في بعض القاعات الدراسية. كما حدد توجيه آخر مواصفات الزي الذي على طالبات الجامعة ارتداؤه لتحقيق شروط الحشمة، وفق مقاييس هذه الجماعة.
وذكر طلبة في جامعات خاصة في صنعاء، وأسر طلبة في المدارس الأهلية الأساسية والثانوية، أن ميليشيات الحوثي ألزمت الجامعات الخاصة أيضاً بفصل الطلبة عن الطالبات، وفرض زي محدد على الطالبات، تمنع الطالبة بموجبه من دخول الجامعة إذا كانت ترتدي عباءة قصيرة، أو إذا لم تقم بتغطية أي خصلة من شعرها بالحجاب، والأمر ذاته في المدارس، حيث ألزمت المدارس الأهلية بفصل الطالبات عن الطلبة من الصف الخامس الابتدائي وما فوق.
وقالت إحدى الطالبات لـ«الشرق الأوسط» إن مندوبين عن مكاتب التربية في العاصمة ينفذون حملات تفتيش دورية على المدارس للتأكد من التزامها بفصل الذكور عن الإناث، وتدريس مناهج التربية الإسلامية المعدلة التي تكرس الفكر الطائفي، وكذا للتأكد من التزام المعلمات والمعلمين بعمل حصص توعية سياسية وفكرية للطلاب للترويج لفكر الميليشيات والتحريض على القتال. وأكدت الطالبة أن التلاميذ مع معلميهم يسخرون من التعليمات الحوثية، حيث يظهرون التزاماً شكلياً عند وصول المفتشين، لكنهم يعودون لذم هذه الأفكار والتوجيهات عند مغادرة المفتشين.


مقالات ذات صلة

«تقييم الحوادث» في اليمن يؤكد عدم استهداف التحالف مستشفى صرواح الريفي في 2015

الخليج المستشار منصور المنصور خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء في الرياض (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يؤكد عدم استهداف التحالف مستشفى صرواح الريفي في 2015

أكد الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن أن مهمته إيضاح الحقائق بحيادية تامة ودون تحيز.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
تحليل إخباري موالون للجماعة الحوثية يرفعون صوراً لزعيمهم خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

تحليل إخباري خوفاً على مشروعهم من الانهيار... دعوات حوثية للبحث عن حلول عاجلة للأزمة اليمنية

برزت أصوات من داخل جماعة الحوثيين تدعو إلى التحرك العاجل والبحث عن مخرج للأزمة اليمنية، تحسباً لتفاقم الأوضاع الإقليمية وتداعياتها المحتملة على الداخل اليمني.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي شاشة عملاقة نصبتها الجماعة في إحدى الساحات بصنعاء لمتابعة التصعيد بين إسرائيل وإيران (إكس)

الحوثيون يحشدون لـ«يوم الغدير» وتأييد إيران

حشد الحوثيون أنصارهم وأجبروا الأهالي على حضور احتفالات «يوم الولاية» واستغلوا الاحتفالات لتأييد إيران في مواجهة إسرائيل، في ظل أوضاع معيشية صعبة يعيشها السكان.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي السعدي مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة (إعلام حكومي)

غروندبرغ: توافق إقليمي واسع للحلّ التفاوضي في اليمن

أمام مجلس الأمن الدولي، أعلن المبعوث الأممي إلي اليمن عن وجود توافق إقليمي واسع للحلّ التفاوضي في اليمن، في حين اتهم مندوب اليمن الحوثيين بعرقلة جهود السلام.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا أدان عدم امتثال إيران لالتزاماتها (رويترز)

اليمن يطالب إيران بالكف عن زعزعة أمنه واستقراره

بالتزامن مع إدانتها لعدم الامتثال لالتزاماتها، طالب اليمن إيران بالكف عن زعزعة استقراره، في حين تشهد مناطق سيطرة الحوثيين تحركات موازية للتوترات في المنطقة

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون... أكثر حليف يخشى هزيمة النظام الإيراني

زعيم الحوثيين يدعو للتظاهر أسبوعياً في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لجماعته في سياق استعراض التأييد (أ.ب)
زعيم الحوثيين يدعو للتظاهر أسبوعياً في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لجماعته في سياق استعراض التأييد (أ.ب)
TT

الحوثيون... أكثر حليف يخشى هزيمة النظام الإيراني

زعيم الحوثيين يدعو للتظاهر أسبوعياً في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لجماعته في سياق استعراض التأييد (أ.ب)
زعيم الحوثيين يدعو للتظاهر أسبوعياً في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لجماعته في سياق استعراض التأييد (أ.ب)

قبل أن تدخل إيران و«حزب الله» اللبناني على خط الدعم السياسي والعسكري للحوثيين في مواجهة الحكومة اليمنية قبل عام 2004 وبعده، لم تكن الجماعة تُشكّل رقماً في المعادلة السياسية في البلاد، وكانت كل محاولة منها للعودة إلى واجهة الحكم تفشل عقب الإطاحة بأسلافها الإماميين في عام 1962.

ووفق مصادر سياسية واستخبارية يمنية تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن الجماعة ترى في بقاء نظام المرشد الإيراني علي خامنئي مسألة وجودية لها؛ لأنها ومن دونه لن تستطيع البقاء، إذ باتت تخشى ردة فعل انتقامية من قطاع عريض من الشعب اليمني والقوى السياسية التي استقوت عليهم بالدعم والأسلحة الإيرانية.

ومع تسبب الجماعة في تشريد 4.5 مليون يمني، واعتقال الآلاف من المدنيين، ترى المصادر أن الخشية لدى الحوثيين من تغيير النظام الحاكم في طهران أو هزيمته تتجاوز مخاوف بقية حلفاء إيران في المنطقة؛ لأنهم، وبعد الضربات التي وُجّهت لـ«حزب الله» اللبناني، باتوا يدركون أنهم قاعدة الارتكاز الأساسية لذلك النظام في المنطقة العربية، وأن انهياره يعني نهاية مأساوية لهم.

وعلى الرغم من أن قياديين سابقين في الجماعة يجزمون بأن التدخل الإيراني المباشر في دعم الحوثيين تم في الجولة السادسة من المواجهة مع القوات الحكومية في محافظة صعدة، فإن مصادر مخابراتية أكدت أن الجماعة بدأت اتصالاتها مع طهران منذ منتصف الثمانينات، حيث زارها بدر الدين الحوثي والد مؤسس الجماعة.

الحوثيون انخرطوا فيما يسمى «محور المقاومة» بقيادة إيران (إ.ب.أ)

وكان مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي، قُتل في المواجهة مع القوات الحكومية، قبل أن يخلفه أخوه عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي يقود الجماعة حالياً.

وذكرت المصادر أنه طوال الفترة التي أعقبت عام 1998، عندما فضّ حزب «المؤتمر الشعبي» برئاسة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح التحالف مع حزب «التجمع اليمني للإصلاح» ذي التوجه السني، عاد التيار الحوثي للعمل والتخطيط لاستعادة حكم الأئمة.

بداية التغلغل

وفق المصادر السياسية والأمنية اليمنية، فإنه منذ تعيين أحمد الشامي رئيس حزب «الحق» (الشيعي) وزيراً للأوقاف في الحكومة اليمنية استأنف هذا التيار، الذي كان ينضوي في إطار حزب «الحق» تحديداً ويتوزع في بقية المنظومة السياسية، نشاطه.

وفي حين اتخذ التيار- بحسب المصادر- من شعار إحياء المذهب الزيدي غطاءً لتحركاته، تدفق خلال هذه الفترة وما بعدها، العشرات من عناصره على العاصمة السورية دمشق، التي كانت تشكّل محطة انتقال رئيسة إلى لبنان للتدريب لدى «حزب الله»، أو الذهاب مباشرة إلى إيران.

الحكومة اليمنية تتهم إيران بتسليح الحوثيين بالصواريخ والمسيرات ودعمهم بالخبراء (إ.ب.أ)

وطبقاً لما ذكرته لـ«الشرق الأوسط» المصادر المخابراتية اليمنية التي كانت تعمل إبان حكم الرئيس صالح، فإن تغلغل التيار السلالي للحوثيين في مفاصل الدولة ومواقع القرار، كان كفيلاً بالتشكيك في كثير من التقارير الأمنية عن أداء ما عُرف باسم «تنظيم الشباب المؤمن»، الذي استقطب الآلاف من مراهقي ذات السلالة إلى محافظة صعدة تحت شعار المخيمات الصيفية.

وأكد أحد المصادر أن حجم الاختراق امتد إلى المكتب الرئاسي، وأن التقارير التي كانت تُرفع عن رحلات أفراد من التيار إلى سوريا ولبنان وطهران، كانت تُحجب عن الرئيس صالح أو تُقدَّم له بصيغة تبريرية تقلل من أهمية هذا النشاط.

المواجهة الأولى

في حين كانت الساحة اليمنية تشهد جموداً غير عادي بعد الفوز الأخير الذي حققه الرئيس الراحل علي عبد الله صالح في انتخابات 2001 وفي المجالس المحلية، وتراجع دور وتأثير المعارضة السياسية، أفاق اليمنيون في منتصف يونيو (حزيران) على نبأ تسيير حملة عسكرية للقبض على حسين الحوثي مؤسس الجماعة.

وكان الحوثي الذي أطل من خلال مؤسسي منتدى «الشباب المؤمن» بدأ العمل على تأسيس تنظيم مسلح يقترب في رؤيته مع التوجه الإيراني، خلافاً لما كان عليه المذهب الزيدي، الذي تأسس المنتدى بحجة إعادة إحيائه.

الحوثيون استغلوا صراع القوى والأحزاب اليمنية للانقلاب على التوافق الوطني في 2014 (إ.ب.أ)

ويؤكد مسؤولون يمنيون سابقون أنه، وإلى ما قبل تعيين اللواء يحيى العمري محافظاً لمحافظة صعدة، كان أغلب المسؤولين يغضّون الطرف عن النشاط المتزايد لحسين الحوثي وأتباعه.

وقد أكد على ذلك الرئيس صالح بنفسه، والذي أمر بإطلاق حملة عسكرية للقبض على حسين الحوثي وإحضاره إلى صنعاء، لكنه رفض وأعلن المقاومة المسلحة حتى لقي مصرعه قبل نهاية العام ذاته، وهو ما يوضح- بحسب المصادر- حجم النفوذ والاختراق الذي كان هذا التيار قد وصل إليه في مختلف مفاصل الدولة اليمنية.

اختراق الأحزاب

بينما استفادت السلالة التي ينتمي إليها الحوثيون من الكراهية التي تكونت ضد جماعة «الإخوان المسلمين»، التي كان حزب «الإصلاح» آنذاك واجهتها في اليمن، تمكن المنتمون لها من التوزع في إطار المكونات السياسية الأخرى القومية واليسارية وحزب «المؤتمر الشعبي»، الذي أسسه وتزعمه الرئيس صالح.

وهذا الأمر، وفق سياسيين يمنيين، سهّل لهذا التيار التحكم في معظم التوجهات السياسية، ومكّنه من العمل، بل وتقديم المنتمين له بصفتهم البديل (الديني) الموضوعي المعتدل والمنفتح لفكر «الإخوان».

زعيم الحوثيين اكتفى في أحدث خطبه بالدفاع عن سلامة نوايا إيران والحديث عن قوتها (إ.ب.أ)

واستدلت المصادر بمواقف تكتل أحزاب «اللقاء المشترك»، الذي كان يضم حزب «الإصلاح» والتيارين القومي واليساري، من الحملة العسكرية ضد الحوثيين في بداية التمرد، حيث رفض التكتل إدانة رفع السلاح في وجه الدولة، بل وأدان العملية العسكرية من خلال وصفها بالحروب الداخلية.

ورأت المصادر، أن ذلك وفّر الغطاء السياسي للتمرد الحوثي، الذي تُوِّج في عام 2011 عبر ما عُرف باسم «الربيع العربي»، حين تم إدخالهم إلى ساحة الاعتصامات في جامعة صنعاء، ومن ثم تبنّي الحكومة التي ترأسها «المشترك» بقيادة حزب «الإصلاح»، إدانة الحرب على التمرد الحوثي، وإصدار رئيسها محمد باسندوة اعتذاراً رسمياً عنها.

مساندة باهتة

خلافاً لمواقف زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وخطاباته تجاه الأحداث في المنطقة، تجنب في خطبته الأخيرة (الخميس) إعلان موقف واضح داعم للنظام الإيراني في المواجهة مع تل أبيب، أو الكشف عن خطوات يمكن أن تُتخذ لدعمه، بخاصة وأن سلطان السامعي، عضو المجلس الانقلابي الذي يحكم مناطق سيطرة الجماعة، كان قد استبقه وهدد بإغلاق مضيق باب المندب دعماً لطهران في هذه المواجهة.

ورأى المراقبون في خطبة الحوثي اعتدالاً غير متوقع من الحوثي، حيث كرّس خطابه فقط للدفاع عن سلامة النوايا الإيرانية بخصوص برنامجها النووي، مع محاولة طمأنة أتباعه بقوتها وعدم استسلامها؛ وهو ما يعكس حجم مخاوفه من تطور المواجهة بين تل أبيب وطهران.

وعلى الرغم من اشتداد المواجهة بين إيران وإسرائيل، فإن المشاركة الحوثية فيها بقيت محدودة حتى الآن، على عكس ما أظهرته الجماعة في السابق في إطار ما قالت إنه إسناد للفلسطينيين في قطاع غزة.

صواريخ إيرانية أُطلقت باتجاه إسرائيل رداً على ضربات الأخيرة (إ.ب.أ)

ولم يسُجّل سوى إطلاق عدد محدود من الصواريخ نحو إسرائيل، في خطوة لا تعكس مستوى العلاقة التي تربط الحوثيين بالقيادة الإيرانية، ولا الدعم العسكري الذي حصلت عليه ومكّنها من الصمود في مواجهة القوات الحكومية حتى الآن.

ويقول الباحث اليمني محمد حسين القاضي إن الدور الإيراني في اليمن أثار الجدل حول طبيعته وحجمه وأهدافه، فعلى مدى سنوات طويلة قبل عام 2011، كان هناك كثير من المؤشرات على أن إيران تتدخل في الشأن اليمني الداخلي، سواء عبر دعم الحوثيين في صراعهم مع الحكومة المركزية في صنعاء، أو عبر دعم بعض الأجنحة السياسية.

وفي حين كان من غير الممكن إنكار الدعم السياسي والإعلامي الإيراني للحوثيين أو لبعض الأطراف السياسية، فإن الدعم العسكري والمالي الإيراني لهم كان موضع تشكيك من قِبل البعض، ولم يكن سهل الإثبات دائماً. وفق ما يقوله الباحث اليمني.

لكن هذا الوضع– بحسب القاضي- شهد تغيراً واضحاً منذ عام 2011؛ إذ بدأ هذا الدعم يتخذ طابعاً سافراً مع تزايد التدخلات الإيرانية في اليمن، في ظل الأوضاع الفوضوية التي رافقت أو أعقبت أحداث الإطاحة بنظام الرئيس صالح.

وشكلت هذه الأوضاع- وفق قوله- مشهداً سياسياً معقّداً ومضطرباً، أتاح لإيران مجالاً رحباً لتعزيز دورها، وتوسيع نفوذها على الساحة اليمنية (...) وإمداد حلفائها -وخصوصاً الحوثيين المتقاربين معها مذهبياً وآيديولوجياً- بمختلف أشكال الدعم.