ملابس السباحة المحتشمة للرجال تبحث عن حصة في أسواق الموضة

ملابس السباحة المحتشمة للرجال
ملابس السباحة المحتشمة للرجال
TT

ملابس السباحة المحتشمة للرجال تبحث عن حصة في أسواق الموضة

ملابس السباحة المحتشمة للرجال
ملابس السباحة المحتشمة للرجال

خلال العامين الماضيين، صعدت الأزياء المحافظة إلى واجهة الموضة بصورة لا يمكن تجاهلها، بل وخرجت التصاميم المحتشِمة من عباءة التصنيف الفئوي الذي يمثل ديناً أو مجتمعاً، لتعكس مفهوماً عصرياً متجرداً من التمييز يرمز للعملية و الراحة. حتى ملابس السباحة التي تغطي الجسم بالكامل، المعروفة بالـ«بوركيني»، صدرت في البداية لتلبي حاجة المرأة المسلمة أو المنتمية إلى مجتمع محافظ يرفض الشكل التقليدي لـ«المايوه»، لكنها شهدت رواجاً بدافع الحرية وحماية الجسم من أشعة الشمس.
لكن يبدو أن سوق الأزياء المحافظة تواصل الازدهار، إذ يشير تقرير صدر عن «State of the Global Islamic Economy»، نُشر في صحيفة «إندبيندنت»، في شهر أبريل (نيسان) الماضي، إلى أن قيمة هذه السوق من المتوقع أن تُقدّر بأكثر من 226 مليار جنيه إسترليني في نهاية 2020، ما أفسح الطريق أمام المستثمرين في مجال الأزياء لطرق أبواب مستجدَّة لا تقتصر على المرأة.
وفي مايو (أيار) 2020 انطلقت العلامة البريطانية «Zusaura» لتقدم ملابس سباحة محتشمة، لكن هذه المرة للرجل. ويقول مؤسس العلامة، البريطاني عامر لطيفي، لـ«الشرق الأوسط» إن فكرة توفير ملابس سباحة تراعي المعايير التي وضعها الدين الإسلام لملابس الرجال جاءت بسبب الاحتياج الشخصي للرجل إلى ملابس تخفي عورته (من السرّة إلى أسفل الركبة)، ويضيف: «كرجل مسلم، لم أجد من قبل ملابس سباحة تلبي احتياجات ديننا وذوقنا، من هنا بدأت فكرة تقديم ملابس سباحة فاخرة بمعايير دينية تراعي الحشمة، تحديداً، انطلقتُ في العمل عليها أنا وزوجتي ياسمين منذ 2015».
ورغم أن علامة «زوسورا» انطلقت من بريطانيا وتُصنع في البرتغال، فإن عيون مؤسسيها تركز على زبائن الشرق الأوسط. يقول لطيفي: «من الطبيعي أن نتوقع أن يُسهم الشرق الأوسط وأوروبا بالجزء الأكبر من إيراداتنا في البداية».
ويكشف مؤسس العلامة عن أنه في انتظار زبون يبحث عن الراحة والجودة، بغضّ النظر عن دينه، ويردف: «نقدم ملابس تراعي معايير الجودة العالمية، لتناشد المسلمين وغير المسلمين؛ فالقيم الإسلامية تعزز خدمة البشرية جمعاء، بغضّ النظر عن الاختلافات الفردية أو الجماعية».
وعن سبب تفضيل غير المسلمين لهذا النوع من ملابس السباحة، يقول لطيفي: «قد تجذب ملابس السباحة المحافِظة البعض لأنها توفر حماية أفضل بكثير من أشعة الشمس، بفضل تصميمها الذي يغطي الجزء الأكبر من الجسم، فضلاً عن الخامات المعالجة لتحقيق الغرض نفسه»، مشيراً إلى أن «بعض صُنّاع الموضة خلقوا صورة غير واقعية لجسم الرجل أو المرأة، وهو أمر قاسٍ؛ فنحن جميعاً لدينا عيوب بالقوام، لذلك ينبغي النظر إلى الأزياء المحافظة على أنها تطور إيجابي يحترم جميع الخصائص الديموغرافية».
وعن مسايرة اتجاه الموضة المحافظة واستغلال رواجه، يقول لطيفي: «لا يمكن إنكار نمو صناعة الأزياء المحافظة، ونحن بالفعل جزء من هذا الاتجاه، لكننا نميز أنفسنا عنها على أساس مواقفنا الأخلاقية».
ويرى منسق الموضة مصطفى وحيد، أن الأزياء المحافظة أصبحت فكرة عالمية، لكن نجاحها يتوقف على التجرُّد من الفئوية، حتى وإن كانت بالأساس تُقدَّم لفئة محددة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «تسويق الأزياء المحافظة على أساس ديني، لن يضمن لها النجاح، بينما الجميع قد يهضم هذا النوع إذا قُدّم لهم بمفهوم وظيفي يحقق الراحة بلا تمييز». ويعلق وحيد على ظهور ملابس سباحة محافظة للرجال بقوله: «لا مانع من إرضاء الرجل أيضاً إذا كان البعض بحاجة لهذا النوع من الملابس، لكن الرهان أمام أي علامة تطرق باباً جديداً ينحصر في الجودة ومسايرة الموضة العصرية من حيث التصاميم والألوان والنقوش، كذلك أن يحقق المنتج وظيفة عملية واضحة يتشارك في احتياجها كثيرون، لكن تسويق ملابس السباحة على أساس ديني فقط لن يضمن لها النجاح»، مضيفاً: «لا توجد مشكلة في وجود أهداف ربحية من وراء هذا التوجه، فالموضة صناعة تُقدّر بالمليارات، لكنّ هناك وجهاً آخر لهذه الصناعة؛ فهي قوة ناعمة تُقرب الأفكار والثقافات، وربما تمرر مفاهيم إنسانية فشلت السياسة في احتوائها، مثل مناهضة العنصرية ضد لون أو دين».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».