مطالبة ماكرون بتشكيل حكومة وحدة تحظى بتكليف دولي تتزعمه واشنطن

TT

مطالبة ماكرون بتشكيل حكومة وحدة تحظى بتكليف دولي تتزعمه واشنطن

قالت أوساط سياسية إن الزيارة التضامنية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبيروت فتحت الباب أمام تزخيم حركة الاتصالات الإقليمية والدولية لتقديم المساعدات الطبية والغذائية للعاصمة اللبنانية المنكوبة، التي تنجلي في الاستجابة للدعوة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي في باريس اليوم يراد منه رفع منسوب هذه المساعدات التي تبقى في إطار تقديم كل أشكال الإغاثة لأبناء بيروت، من دون أن تتطور باتجاه المبادرة إلى تأمين الدعم المالي لإعادة إعمار الأحياء المنكوبة التي يبدو أنها مرتبطة بتشكيل حكومة وحدة وطنية على أنقاض الحكومة الحالية التي أثبتت فشلها، ولا يتعامل معها المجتمع الدولي على أنها الإدارة المؤهلة للقيام بمثل هذه المهمة.
وتوقفت الأوساط السياسية أمام الاتصال الذي جرى بين ماكرون وترمب، والذي أعقبه مبادرة الأخير، بتدخل من ماكرون -كما ذكرت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»- للاتصال برئيس الجمهورية ميشال عون، وسألت ما إذا كان الرئيس الفرنسي قد تلقى الضوء الأخضر من نظيره الأميركي، وكان وراء توجهه إلى بيروت على وجه السرعة، خصوصاً أن الأخير سيشارك في المؤتمر الدولي الذي تستضيفه باريس اليوم.
ورأت أن المبادرة التي حملها ماكرون إلى بيروت، وفيها الدعوة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، تحظى بتكليف دولي تتزعمه واشنطن، في ضوء أن باريس هي الأقدر على التواصل مع الأطراف المعنية بتشكيلها، ومن بينهم «حزب الله»، وعزت السبب إلى أن عامل الوقت بعد النكبة التي حلت ببيروت لم يعد يسمح بتمديد الانتظار من دون الولوج إلى حل لوقف الانهيار الذي يتدحرج حالياً بسرعة.
وقالت الأوساط نفسها إن الزلزال الذي أصاب بيروت ترتب عليه توجيه إنذار دولي حمله ماكرون، وفيه أن انهيار لبنان سيؤدي حتماً إلى انهيار القوى السياسية، ولن يكون هناك رابح، وأن الجميع سيدفعون فاتورة التقاعس عن إنقاذ بلدهم.
وعدت أن ماكرون لم يحضر إلى بيروت للوقوف في وجه الحراك الشعبي الذي أخذ يتصاعد بوتيرة غير محسوبة، وبلغ ذروته في رد فعله على الهزة التي دمرت بيروت، وقالت إن اجتماعه بممثلين عن هيئات المجتمع المدني تميز بتأييده لتطلعات اللبنانيين نحو التغيير، وبدعوته الحكومة إلى الاستجابة لمطالبهم، لكنه رأى أن التغيير يجب أن يتم حسب الأصول الديمقراطية؛ أي من خلال إجراء انتخابات نيابية.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن ماكرون ليس ضد إجراء انتخابات نيابية مبكرة، لكن تحقيقه يجب أن يتم من خلال آلية دستورية، وإن كان يعتقد أن الوقت لا يسمح الآن بإتمامها لأن الأولوية تبقى لإنقاذ البلد، ولو مرحلياً، وإلا فالانهيار حاصل لا محالة، ولن ينجو منه أحد.
وفي هذا السياق، دعا ماكرون من التقاهم في قصر الصنوبر إلى عدم إقحام لبنان على الأقل في المدى المنظور في الصراع الإيراني - الإسرائيلي، ونقلت عنه الأوساط السياسية تحذيره من عدم الإفادة من عامل الوقت، وهذا يتطلب من الجميع الالتفات إلى الداخل لوقف الانهيار.
ومع أن الأوساط هذه لا تملك أي معلومة عما إذا كان ماكرون على تواصل مع طهران قبل زيارته لبيروت، وإن كانت لا تستبعد استمرار التفاوض المتقطع بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.
وأضافت أن انفتاح الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، بطريقة غير مباشرة، على التحرك الفرنسي، بقوله إنه مع أي جهد يؤدي إلى لم الشمل والحوار، يعود إلى حرصه على مراقبة حركة الاندفاع الدولي والإقليمي نحو لبنان لمعرفة إلى أين ستصل، لأنه ليس في وارد الوقوف في وجه تصاعد الانتفاضة الشعبية ضد الحكم والحكومة، في ضوء ما ألحقه الدمار من أضرار كبيرة في الأرواح والممتلكات، دفعت فيها الأحياء ذات الغالبية المسيحية الكلفة الأكبر، إضافة إلى أن «العهد القوي» بات في موقع لا يستطيع الوقوف في وجه أي مبادرة خارجية، أو أن يغطي من يحاول الالتفاف عليها.
لذلك، فإن الدعم الدولي والإقليمي يبقى تحت عنوان تقديم المساعدات الإنسانية، على أن يكلف المجتمع الدولي، في حال توافر الدعم المالي، بمهمة الإشراف مباشرة على إعادة إعمار الأحياء المنكوبة.
وعليه، فإن التواصل الدولي مع لبنان لا يعني أن الحكم والحكومة قد تحررا من الحصار السياسي الذي سيبقى قائماً إلى حين تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإن كان الاتصال الذي أجراه ترمب بعون قد خرج عن المألوف، بطلب الأخير منه التوسُّط بين لبنان وإسرائيل لتسوية النزاع الذي يحول دون ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وهذا ما يخدم رئيس «التيار الوطني الحر»، جبران باسيل، الذي يقاتل طلباً لوساطة أميركية في هذا الخصوص.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.