قوافل غذائية لمسلحي الحوثي وتجاهل لمنكوبي السيول والأمطار

سيارة تمر بطريق مغمورة بالمياه في صنعاء (أ.ف.ب)
سيارة تمر بطريق مغمورة بالمياه في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

قوافل غذائية لمسلحي الحوثي وتجاهل لمنكوبي السيول والأمطار

سيارة تمر بطريق مغمورة بالمياه في صنعاء (أ.ف.ب)
سيارة تمر بطريق مغمورة بالمياه في صنعاء (أ.ف.ب)

في الوقت الذي أدت فيه السيول والأمطار إلى تشريد آلاف الأسر اليمنية حشدت الجماعة الحوثية كل إمكاناتها في أغلب المحافظات الخاضعة لها لتسيير القوافل الغذائية لمسلحي الجماعة وأسر المنتمين إلى سلالة زعيمها عبد الملك الحوثي.
فعلى مدار أسبوعين جاب قادة الجماعة المحليون أحياء صنعاء والأرياف الأخرى في المحافظات لجمع التبرعات العينية والنقدية لمصلحة المجهود الحربي، متجاهلين ملايين من الجوعى اليمنيين في مناطق سيطرتهم لا يجدون قوتهم اليومي، بحسب ما أكدته منظمات أممية ودولية.
وفي هذا السياق، بثت الوسائل التابعة للجماعة سلسلة من أخبار القوافل التي سيرتها الميليشيات إلى شتى جبهات القتال عبر الجمعيات التي أنشأتها الجماعة للسيطرة على المساعدات الإنسانية من قبل منظمتي «بنيان» و«يمن ثبات».
وعلى التداعيات الإنسانية التي خلفتها السيول والأمطار، لا سيما في محافظات صنعاء وعمران وحجة والحديدة، أكد نازحون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن قادة الجماعة في مناطقهم تجاهلوا معاناة الآلاف من الأسر المتضررة بخاصة في الأجزاء التهامية من محافظة حجة التي وصفت بأنها الأكثر تضررا.
ويقول الحاج «أحمد.ن» وهو أحد النازحين في محيط مدينة عبس التابعة لمحافظة حجة لـ«الشرق الأوسط» إن السيول اجتاحت المنطقة التي يسكن فيها وأدت إلى تهدم كوخه المبني من القش، كما جرفت معها متعلقات معيشته بما فيها خمس من الماشية التي كان يقوم بتربيتها.
الكارثة جعلت الحاج أحمد مع آلاف الأسر الأخرى تسكن في العراء، بحسب تأكيده، دون أن تحرك الجماعة الحوثية أي ساكن بخصوصهم رغم سيطرتها على جميع مستودعات الغذاء في مناطق سيطرتها وكذلك على المخزون الإيوائي.
وكان ناشطون يمنيون أطلقوا نداءات نسائية متتابعة خلال الأيام الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل تكثيف عمليات الإغاثة والإيواء في المناطق المنكوبة من السيول، لا سيما في المناطق الخاضعة للميليشيات الحوثية.
وبينما لايزال موسم الأمطار في أوجه، سارعت الجماعة الحوثية إلى تسيير القوافل من محافظات ريمة وصعدة وصنعاء إلى جبهات القتال في الجوف ومأرب والبيضاء وتعز والضالع، دون أن يحرك ضحايا السيول أي ساكن في ضمائر قادتها، وفق ما أكده مسؤول في إحدى المنظمات المحلية لـ«الشرق الأوسط».
وقال المسؤول المحلي: «اكتفى قادة الجماعة في صنعاء ومحيطها بالتجول لمشاهدة مناظر السيول المتدفقة من الحواجز المائية من على متن سياراتهم المدرعة كما أصدروا تهديدات بمحاكمة المقاولين الذين أنشأوا السدود والحواجز المائية، لكنهم لم يسيروا قافلة غذائية واحدة لإغاثة المنكوبين في تهامة».
وكانت مياه الأمطار والسيول أدت إلى تشريد أكثر من 9 آلاف أسرة في الحديدة وحجة فقط بحسب ما أفادت به منظمات أممية حاولت تقديم ما أمكن من المساعدات الإيوائية.
وفي الأيام الماضية أدت الأمطار المستمرة إلى تهدم عشرات المنازل في إب وعمران وصنعاء، فضلا عن تصدع العشرات من المباني التاريخية المدرجة ضمن التراث الإنساني في مدينة صنعاء القديمة.
كما تسببت مياه الأمطار في إحداث دمار واسع في الطرقات بين المدن إضافة إلى الدمار الذي أحدثته في الشوارع داخل المدن، دون أن تقوم الجماعة بتسخير الأموال المخصصة للصيانة للتقليل من حجم الكارثة.
الجماعة الانقلابية التي تقوم بجباية موارد البلاد من الضرائب والزكاة وعائدات بيع الوقود ومن المؤسسات الخدمية، فضلت أن تقف موقف المتفرج على صرخات المنكوبين، وأصدرت - بحسب مصادر مطلعة في صنعاء - تعليماتها لقادتها لفرض إتاوات جديدة وطباعة آلاف الملصقات والشعارات للاحتفال لمناسبة ما تسميه «يوم الولاية».
ومع تصاعد التحذيرات الدولية والأممية من خطر المجاعة الوشيكة وتناقص المخزون الغذائي، ذكرت مصادر مطلعة في صنعاء، أن أغلب القوافل التي سيرتها الجماعة لمقاتليها في الجبهات عبر المنظمات التابعة لها هي من المواد المنهوبة من المساعدات الدولية.
وفي أحدث تقارير برامج الغذاء العالمي، أفاد بأن اليمن «لا يزال يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم وبأن النزاعات والانهيار الاقتصادي دفع بالملايين إلى حافة الهاوية».
وأوضح البرنامج أنه «أطلق زيادة هائلة في المساعدات الغذائية الطارئة في عام 2019، ووسع نطاق الدعم من 8 ملايين شخص إلى ما يقرب من 13 مليون شخص، وبذلك تمكن برنامج الأغذية العالمي من تحقيق استقرار الوضع، وإنقاذ الفئات الأشد يأساً من المجاعة والحيلولة دون تزايد أعداد الذين أوشكوا على السقوط نحو هذا الاتجاه».
ومع ذلك الجهد الإنساني فإن البرنامج أكد أن الوضع الإنساني يتدهور بمعدل ينذر بالخطر مرة أخرى حيث يواجه اليمن أزمة على جبهات متعددة بسبب انخفاض واردات المواد الغذائية وتزايد أسعار المواد الغذائية، وانهيار قيمة الريال اليمني واقتراب احتياطيات العملات الأجنبية من النفاد التام.
وأضاف أنه يعمل على زيادة الموارد قدر الإمكان لإبقاء تشغيل شبكة الأمان الحالية. مؤكدا حاجته الماسة إلى مبلغ يصل إلى 737 مليون دولار أميركي ليتمكن من الاستمرار في تقديم الأغذية على مدار الأشهر الستة المقبلة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.