تخريج {دفعة سمير سيف} من طلاب السينما بـ«جزويت القاهرة»

الجمعية تكرّم المخرج الراحل لدوره الفني والتعليمي

سمير سيف مع طلابه
سمير سيف مع طلابه
TT

تخريج {دفعة سمير سيف} من طلاب السينما بـ«جزويت القاهرة»

سمير سيف مع طلابه
سمير سيف مع طلابه

بفيض من المحبة تردد اسم المخرج المصري الراحل سمير سيف بين جنبات جمعية النهضة العلمية والثقافية (جزويت القاهرة) خلال حفل تخريج الدفعة 11 من مدرسة السينما التابعة للجمعية، بعد أن تم اختيار اسم المخرج الراحل ليكون اسماً وكُنية لخريجي هذا العام «دفعة سمير سيف».
وتعد مدرسة السينما واحدة من أبرز مشروعات جمعية النهضة (جزويت القاهرة)، الكائنة في منطقة الفجالة وسط العاصمة المصرية، وتقدم مدرسة السينما منحة مجانية بالكامل للدارسين المقبولين بها، وتستهدف إتاحة فرص تعلم صناعة الأفلام وإنتاجها بطرق بديلة، وقد تأسست المدرسة عام 2005 كأحد مكونات مشروع «دعم حرية التعبير الفني» في القاهرة وصعيد مصر.
وتعتمد المدرسة على المفهوم الواسع لصناعة الأفلام، بحيث يتمكن المتدربون من الإلمام بجميع تخصصات ومراحل صناعة الفيلم، وتتكون الدراسة من محاضرات وتدريبات وأنشطة ومناقشات جماعية ممتدة مع صناع أفلام ومتخصصين في مجالات فنية وفكرية مختلفة، بالإضافة إلى مجموعة ورش التدريب العملية في مجالات الإخراج السينمائي، وكتابة السيناريو، والتصوير، والصوت والمونتاج والإنتاج والتوزيع، وتوجيه الممثل.
وحسب الدكتورة مروة عبد الله السيد، مديرة مدرسة السينما بـ«جزويت القاهرة»، فإنه تم إطلاق اسم الراحل سمير سيف على دفعة هذا العام تكريماً لدوره في تدريس طلبة هذه الدفعة لمادة أساسيات صناعة الفيلم، وكان ذلك في الشهور التي سبقت رحيله المفاجئ، وتقول في كلمتها لـ«الشرق الأوسط»: «بمجرد أن تواصلنا معه، أبدى ترحيباً كبيراً لدعم مدرسة السينما، على الرغم من التزاماته وانشغالاته الكبيرة في تلك الفترة، وكان مؤمناً بتقديم الدعم لمدرسة السينما وطلابها، لذلك كان إطلاق اسمه على الدفعة محاولة للتعبير عن مدى امتناننا وعرفاننا بدوره الكريم للطلبة»، مشيرة إلى أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ مدرسة السينما التي نقوم فيها بإطلاق اسم أحد صُناع السينما على دفعات الخريجين، بسبب الحالة الخاصة التي منحها الراحل سمير سيف للمدرسة في أيامه الأخيرة.
وقد فارق المخرج المصري سمير سيف الحياة في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، عن عمر يناهز 72 عاماً، وهو صاحب علامات فارقة في تاريخ السينما المصرية؛ منها «المشبوه»، و«غريب في بيتي» و«الغول» و«آخر الرجال المحترمين»، و«سوق المتعة»، و«معالي الوزير»، وبالإضافة لممارسة الإخراج كان الراحل سمير سيف يقوم بتدريسه أيضاً في معهد السينما وعدد من الجامعات الأجنبية في مصر.
امتدت فترة الدراسة للدفعة 11 من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2018 وحتى مارس (آذار) 2020 بإجمالي 530 ساعة للمحاضرات الأساسية، بخلاف الساعات الإضافية الخاصة بالتكليفات العملية، ومتابعة بعض المهرجانات المحلية، أو تصوير بعض الأفلام كإحدى طرق التعلم بالملاحظة، وكوسيلة للاندماج في قطاع صناعة السينما في مصر، تتابع مروة عبد الله السيد، الحاصلة على درجة الدكتوراه في مجال السينما من كلية الإعلام جامعة القاهرة، أن الحكم على على مدى تأهيل طالب السينما بعدد ساعات التدريس (فقط) هو حكم غير دقيق، وتقول: «ندرك في مدرسة سينما الجزويت مدى أهمية التعلم كعملية مستمرة، لذلك كنا نقوم خلال فترة الدراسة باستضافة لقاء شهري مع أحد صناع الأفلام، نراعي اختلاف أساليبهم الفنية، ورحلتهم مع صناعة السينما، من بينهم المخرجون أحمد عبد الله، وتامر محسن، وكريم حنفي، ومحمد سمير، وشريف البنداري، والمخرج السوري نضال الدبس، وغيرهم.
وإلى جانب مدرسة السينما، قامت جمعية الجزويت أيضاً بتنظيم عدد من البرامج التي تستهدف التعلم السينمائي؛ منها إنشاء مدرسة السينما التسجيلية في الصعيد، وورش حكايا الجنوب التي تقدم مجموعة من ورش تعليم صناعة الأفلام في عدد من محافظات الجنوب.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».