إعادة تدوير المخلفات تربك الشركات الدولية

بعد قرار الصين منع استيراد قمامة العالم

إعادة تدوير المخلفات تربك الشركات الدولية
TT

إعادة تدوير المخلفات تربك الشركات الدولية

إعادة تدوير المخلفات تربك الشركات الدولية

منذ ثلاث سنوات، أعلنت الصين دراسة وقف استيراد «القمامة الأجنبية»، التي يُعاد تدويرها في المصانع الصينية. ومنذ ذلك الوقت أصبح على الدول المصدّرة للصناديق، والصحف، وزجاجات البلاستيك القديمة مثل الولايات المتحدة واليابان، البحث عن أماكن أخرى لشحن مخلفاتها إليها.
وأثار قرار الصين ارتباكاً في برامج إعادة تدوير المخلفات ونشاط الشركات حول العالم. والآن تقول الحكومة الصينية إنها ستمنع تقريباً استيراد المخلفات بنهاية العام الحالي.
لكن الكاتب والمحلل الاقتصادي آدم مينتر يشكك في جدية القرار الصيني، ويقول في تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ»، إنه في الوقت الذي تدرس فيه السلطات الصينية حظر استيراد المخلفات الأجنبية، أصدرت تصاريح لاستيراد ملايين الأطنان من هذه المخلفات.
في الوقت نفسه تضغط شركات صناعة الصلب الصينية على الحكومة، من أجل السماح لها باستيراد الخردة من الخارج، في حين يضع المسؤولون خطة للسماح باستيراد أنواع محددة من «المخلفات الصلبة باعتبارها مواد خام قيمة. في عالم السياسة يكون التغيير عملية معقدة، لكن الأمر ليس كذلك في الاقتصاد»، من وجهة نظر مينتر الذي يرى أن توقف الصين عن استيراد المخلفات وإعادة تدويرها لن يحسّن فقط من الحد الأدنى لجودة منتجاتها، وإنما سيقدم خدمة جليلة للعالم.
وإذا كانت تجارة المخلفات القابلة لإعادة التدوير في العالم تعود إلى قرون وربما أكثر، فإن تجار المعادن الخردة والمخلفات الورقية التايوانيين أقاموا أولى شركات إعادة التدوير في الصين، في أوائل ثمانينات القرن العشرين. ومع نمو الاقتصاد الصيني، زاد الطلب على المخلفات القابلة لإعادة التدوير لاستخدامها كمواد خام في الصناعة.
وفي أواخر التسعينات أصبحت أغنى أربعة أقاليم في الصين، وهي جوانجدونج وجيانجسو وشيجيانج وشأندونج أكبر مستوردي الخردة.
وفي إقليم جوانجدونج المعروف باسم «مصنع العالم»، يتم استيراد ألواح الكرتون والورق المستعمل لإعادة تدويره في صناعة علب الأحذية ولعب الأطفال والمحامص التي يتم تصديرها إلى العالم، ثم تعود هذه العلب إلى الإقليم مرة أخرى لإعادة تدويرها. وحتى منتصف العقد الأول من القرن الحالي كانت مخلفات الورق القابلة لإعادة التدوير تمثل أكثر من 50 في المائة من المواد الخام المستخدمة في مصانع المنتجات الورقية بالصين.
بالطبع فإن صناعة إعادة التدوير الصين بعيدة عن الالتزام بالمعايير المقررة. وحتى وقت قريب كانت تلك المصانع تعمل دون اهتمام كبير بمعايير البيئة وصحة العمال، وأصبحت كلمتا «الصين» و«إعادة التدوير» مرتبطتين بصور الاستغلال. ولكن هذه السمعة السيئة بدأت تدفع صناع السياسة في الصين إلى إعادة النظر في صناعة إعادة تدوير مخلفات العالم، خصوصاً في ظل حكم الرئيس الحالي القومي شي جين بينغ، بحسب آدم مينتر مؤلف كتاب «ساحة قمامة الكوكب: رحلة في عالم تجارة القمامة ذات المليار دولار».
في الوقت نفسه فإن صناعة إعادة التدوير المحلية في الصين تعاني منذ وقت طويل من الإحباط بسبب عدم قدرتها على منافسة المخلفات المستوردة عالية الجودة. هذه الرسالة اقترنت مع حديث بعض المسؤولين عن «القمامة الأجنبية» لتشجيع اتخاذ قرار لحظر استيراد المخلفات.
وبحسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء فإن الحظر الصيني على استيراد المخلفات سيلحق ضرراً واضحاً ببرامج إعادة التدوير في الولايات المتحدة، وبدرجة أقل وضوحاً سيتعرض المصنعون الصينيون للضرر نتيجة هذا القرار. وفي ظل القيود المفروضة على الاستيراد، تعتمد الصين على إعادة تدوير الملخفات الورقية لتوفير 67 في المائة من احتياجاتها من الألياف. وتمثل الواردات 41 في المائة من هذه المخلفات الورقية المستخدمة. ومع تشديد القيود على الاستيراد اضطرت الشركات إلى إغلاق مصانعها، ونقلها إلى دول أخرى في جنوب شرقي آسيا، أو حتى إلى إقامة مصانع إعادة تدوير في أميركا الشمالية وزيادة إنتاج لب الورق للتصدير إلى الصين.
والحقيقة أن المشكلات التي سبّبتها القيود على استيراد المخلفات في الصين لم تقتصر على شركات المنتجات الورقية، وإنما أدت القيود على استيراد خردة الحديد والصلب إلى نقص المعروض وارتفاع الأسعار. وخلال الأسبوع الأول من الشهر الحالي زاد سعر طن خردة الحديد والصلب للمصنعين في الصين بمقدار 100 دولار تقريباً، عن سعر الخردة لمصانع الصلب التركية.
ودفعت القيود التي فرضتها الصين على استيراد خردة النحاس التي تمثل نحو 10 في المائة من إمدادات الخام لمصانع المنتجات النحاسية، الشركات العاملة في هذا المجال إلى نقل مصانعها للخارج، لتتم معالجة النحاس وإعادة تصديره إلى الصين لاستخدامه في كثير من الصناعات.
الأسوأ من ذلك أن التعافي الهش للاقتصاد الصيني من تداعيات جائحة فيروس «كورونا المستجد»، أدى إلى ظهور طلب جديد على معدن النحاس، في الوقت الذي أدت فيه الجائحة إلى اضطراب نشاط مناجم النحاس في تشيلي، وفي عمليات تجميع الخردة في السوق المحلية بالصين.


مقالات ذات صلة

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

الاقتصاد نائبة البرلمان الفرنسي أميليا لكرافي (الشرق الأوسط)

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن إطار «رؤية 2030»، تتجه الأنظار نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين السعودية وفرنسا.

أسماء الغابري (جدة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«قطار الرياض» يصل إلى آخر محطاته بافتتاح «المسار البرتقالي»

جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
TT

«قطار الرياض» يصل إلى آخر محطاته بافتتاح «المسار البرتقالي»

جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)

مع انطلاق «المسار البرتقالي»، اليوم (الأحد)، اكتمل تشغيل مسارات «قطار الرياض»، المشروع الأضخم من نوعه في العالم، وفق ما أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض.

وتأتي هذه الخطوة في إطار الخطة التوسعية للمشروع الذي تم تدشينه في ديسمبر (كانون الأول) 2024.

يربط «المسار البرتقالي - محور طريق المدينة المنورة» شرق الرياض بغربها، حيث يمتد من طريق جدة غرباً حتى الطريق الدائري الشرقي الثاني في منطقة خشم العان شرقاً، وذلك بطول إجمالي يبلغ 41 كيلومتراً. ويشمل المسار 5 محطات رئيسية هي: «طريق جدة»، و«طويق»، و«الدوح»، و«طريق هارون الرشيد»، و«النسيم» التي تعد محطة تحويل تربط بين المسار البرتقالي والمسار البنفسجي.

ويتميز هذا المسار بوجود أكبر عدد من مواقف السيارات مقارنة ببقية المسارات، حيث يصل إلى 3600 موقف، ما يعزز من سهولة الوصول إلى المحطات من قِبَل مستخدمي القطار. وفي خطوة موازية، بدأ تشغيل ثلاث محطات جديدة على «المسار الأزرق - محور طريق العليا البطحاء»، وهي محطات «المروج»، و«بنك البلاد»، و«مكتبة الملك فهد».

ويُعد «قطار الرياض» أضخم مشروعات النقل العام، حيث يغطي كامل مساحة العاصمة ضمن مرحلة واحدة. ويشمل شبكة متكاملة من 6 مسارات تمتد على طول 176 كيلومتراً، وتضم 85 محطة، من بينها 4 محطات رئيسية. ويتميز بكونه أطول شبكة قطار من دون سائق في العالم. ويحظى القطار بقدرة استيعابية تصل إلى 3.6 مليون راكب يومياً، مما يعزز الربط بين مختلف أجزاء العاصمة، ويسهم في تسهيل حركة التنقل للساكنين والزوار. وتستهدف الهيئة الملكية لمدينة الرياض من خلال هذا المشروع تحسين جودة الحياة، بما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030».

جانب من إحدى محطات «المسار البرتقالي» (واس)

الجدير ذكره أن تكلفة التنقل عبر «قطار الرياض» هي الأقل بين دول «مجموعة العشرين»، حيث يشكل تكاليف التنقل نحو 0.5 في المائة من دخل الفرد اليومي في السعودية، الذي يعادل 195 دولاراً (733 ريالاً).

وتبدأ ساعات تشغيل «قطار الرياض» من السادسة صباحاً حتى منتصف الليل، ويمكن للمستخدمين تحديد وجهاتهم وشراء التذاكر عبر تطبيق «درب»، أو من خلال مكاتب بيع التذاكر أو أجهزة الخدمة الذاتية في المحطات. كما يوفر القطار وسائل دفع رقمية متعددة عبر البطاقات المصرفية والائتمانية، وكذلك الهواتف الذكية.

تعد شبكة «قطار الرياض» جزءاً أساسياً من خطة المملكة لتطوير قطاع النقل العام في إطار «رؤية 2030». ومن خلال هذا المشروع، تسعى البلاد إلى تخفيف الازدحام المروري، وتعزيز الاستدامة البيئية، وتوفير وسائل نقل آمنة.