«الإنفاق المعتدل» أساسي للتغلب على ضغوطات «كورونا» في الموازنة السعودية

محللون لـ«الشرق الأوسط»: برامج الدعم الصحي والتحفيز الاقتصادي أولويات لصد تداعيات الوباء

صحة المواطن أولوية في الموازنة السعودية.. وفي الصورة ماسحة طبية لاستكشاف {كورونا} في أحد المعامل الحكومية (واس)
صحة المواطن أولوية في الموازنة السعودية.. وفي الصورة ماسحة طبية لاستكشاف {كورونا} في أحد المعامل الحكومية (واس)
TT

«الإنفاق المعتدل» أساسي للتغلب على ضغوطات «كورونا» في الموازنة السعودية

صحة المواطن أولوية في الموازنة السعودية.. وفي الصورة ماسحة طبية لاستكشاف {كورونا} في أحد المعامل الحكومية (واس)
صحة المواطن أولوية في الموازنة السعودية.. وفي الصورة ماسحة طبية لاستكشاف {كورونا} في أحد المعامل الحكومية (واس)

برغم تنامي حجم الدين واتساع فجوة العجز، أكد خبراء اقتصاديون أن توجهات السعودية بالإنفاق المعتدل شكل حجر زاوية للتغلب على الضغوطات المالية جراء تداعيات فيروس كورونا المستجد لا سيما التركيز على جوانب الرعاية الصحية وبرامج التحفيز الاقتصادي، مشيرين إلى أن البيانات الرسمية المعلنة مؤخرا عن ميزانية البلاد للربع الثاني التي كشفت عن تراجع إيرادات الحكومية تأتي في سياق يحفظ المتانة المالية ويعزز مشروعات التنمية الحيوية واستمرار عمل في القطاع الخاص.
وقال الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية لـ«الشرق الأوسط» إن السياسات والإصلاحات التي اتخذتها السعودية خلال السنوات الأخيرة مكنت بقدر كاف من المرونة امتصاص الصدمات الكبيرة التي واجهت الاقتصاد العالمي بسبب تأثره بشكل مباشر لتفشي فيروس كورونا وآثاره السلبية على الاقتصاد العالمي المنعكس على الاقتصادات المحلية.
واستطرد باعشن «أطلقت الرياض أكثر من 200 مبادرة لدعم القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية ما يمثل معالجة للآثار المترتبة على خفض حركة التجارة والقطاعات الاقتصادية وبالتالي ساهم في تراجع الإيرادات وزيادة الفجوة في العجز والدين».
ومن هذا المنطلق، يعتقد باعشن أن تراجع الإيرادات والعجز في الميزانية خلال الربع الثاني من العام الجاري أمر طبيعي يتناغم مع التدابير والإجراءات التي اتخذتها المملكة لمواجهة التحديات التي أفرزتها جائحة كورونا.
ويتوقع باعشن أن تستعيد المملكة قدرتها على استرجاع كامل الزخم المتعلق بالحركة التجارية والاستثمارية تدريجيا مع تزايد حالات التشافي وتنامي الوعي لدى الأفراد وارتفاع الجوانب المعنوية لقطاعات الاقتصاد في البلاد.
من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور خالد رمضان أن تراجع إيرادات الميزانية 49 في المائة خلال الربع الثاني متوقع بسبب إغلاق الأنشطة الاقتصادية ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس كورونا، وهو ما أدى بالأخير إلى إرجاء العديد من المشاريع وخفض المصروفات وتعديل بعض بنود الصرف، بهدف تفادي حصول عجز مفرط في الميزانية، مضيفاً أن الإنفاق المعتدل والذي وصل خلال النصف الأول إلى 469 مليار ريال شكل حجر الزاوية في التغلب على ضغوط كورونا الاقتصادية وتراجع أسعار النفط.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن زيادة الإنفاق الحكومي هو أحد الأسباب المهمة لبلوغ عجز الربع الحالي حاجز الـ109 مليار ريال، والذي ستموله الحكومة من خلال السحب من الاحتياطيات الحكومية والتمويل الداخلي والخارجي، إلا أنه نوه في المقابل إلى أن زيادة الإنفاق الحكومي أسهم بدوره في تماسك القطاع الخاص، والحفاظ على الوظائف، كما أن زيادة النفقات على القطاع الصحي، ساهم بشكل فعال في مواجهة أزمة جائحة كورونا.
من جانبه، يشير الدكتور إبراهيم العمر المشرف على مكتب شارة للبحوث والدراسات الاستشارية أن التقرير الربعي الثاني لميزانية الدولة يكشف عن عدة جوانب؛ أولها مستوى الشفافية والوضوح وحسن العرض والإعلان للتفاصيل المهمة في ميزانية الدولة والتي من أهمها الإيرادات وأنواعها والمصروفات ومجالاتها ومستوى العجز، وسبل تغطية العجز، ما يضفي طمأنينة عالية بمستوى الشفافية في الإفصاح عن مالية الدولة.
ولفت في ثاني الملاحظات إلى الارتفاع الكبير في الفجوة بين الإيرادات والمصروفات الوطنية والتي بلغت 143 مليار ريال، والتي مردها إلى الوباء العالمي والذي أثر بدوره على الإيرادات النفطية بسبب انخفاض الطلب والأسعار وكذلك بسبب انخفاض الإيرادات غير النفطية.
ويؤكد العمر في هذا الخصوص أن الانخفاض تزامن مع ضرورتان وطنيتان أولاهما الحاجة لتغطية النفقات الصحية الناشئة عن الجائحة، والأخرى تحفيز الاقتصاد الوطني بحزمة إنفاق لمقابلة الركود وتعطل كثير من الأعمال.
وفي ثالث الملاحظات، بحسب العمر، أنه رغم الظرف الاستثنائي فإن الحكومة قدمت معالجة مهنية عالية أبقت بموجبه القطاع العام والخاص ضمن القابلية السريعة للعودة إلى سابق عهدهما، مشيرا بالقول «ليس هذا فحسب بل ثمت دروس عملية استفادت منها أجهزة القطاع العام والمؤسسات والشركات والمؤسسات الخاصة للعمل في ظل الأزمة. وهذا لا ينفي أن كثيرا من القطاعات اضطرت للتوقف التام».
ويضيف العمر في رابع ملاحظاته أن تمويل العجز تنوع بين الحساب الجاري والاحتياطيات الحكومية والدين الداخلي والخارجي، مستطردا «لا شك أن النسبة والمقدار في العجز كبيرة لكن الظروف الاستثنائية التي فرضتها الجائحة، والطريقة التي تم توزيعها على تغطية العجز تعكس مهنية عالية من شأنها تسريع العودة لمرحلة الفائض مع تحسن أسعار النفط وإنتاجه».
وأفاد العمر أن القرارات الاستثنائية التي خرجت لتعزيز مالية الحكومة في الربع الثالث وما بعده وخصوصا رفع ضريبة القيمة المضافة حيث ينبغي مراقبة أثرها بدقة ذلك خصوصا على للقطاع الخاص والمستهلكين لتجنب أي سلوك اقتصادي معاكس لعملية التحفيز التي تمت في الربع الثاني.
وقال المشرف على مكتب شارة للبحوث والدراسات «لا أحد يمكن أن يتنبأ بأثرها قبل إجراء دراسات قياسية متعمقة، خاصة أنها لم تفرق بين القطاعات الاقتصادية المختلفة ذات المرونات السعرية المختلفة».
وزاد العمر «بعض القطاعات ستتأثر مثل القطاع العقاري والمقاولات بحيث قد تكون الحصيلة الضريبية ضعيفة في الوقت الذي يكون فيه الأثر الاقتصادي معاكس للأثر التحفيزي... عليه يجب وضع العين بالقياس الاقتصادي للأثر المستقبلي لها واتخاذ القرارات المناسبة بناء عليها».


مقالات ذات صلة

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

الاقتصاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

أكمل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الاستحواذ على حصة تُقارب 15 % في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة تجمع المسؤولين السعوديين واليابانيين خلال إطلاق صندوق مؤشرات متداولة وإدراجه في بورصة طوكيو (الشرق الأوسط)

«الاستثمارات العامة السعودي» يستثمر بأكبر صندوق في بورصة طوكيو

أعلنت مجموعة «ميزوهو» المالية، الخميس، إطلاق صندوق مؤشرات متداولة، وإدراجه في بورصة طوكيو.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة).

عبير حمدي (الرياض)

تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
TT

تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

قال مصدر لوكالة «رويترز» للأنباء إن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية مددت مهلة حتى يوم الاثنين المقبل، أمام إيلون ماسك، للرد على عرضها لحسم تحقيق في استحواذ الملياردير على «تويتر»، مقابل 44 مليار دولار في عام 2022.

وغرد ماسك، أمس (الخميس)، بنسخة من رسالة أرسلها محاموه إلى رئيس الهيئة، جاء فيها أن موظفي الهيئة منحوه 48 ساعة للموافقة على دفع غرامة أو مواجهة اتهامات.

وقال المصدر إن الهيئة أرسلت إلى ماسك عرض تسوية، يوم الثلاثاء، سعياً للحصول على رد في 48 ساعة، لكنها مددت العرض إلى يوم الاثنين بعد طلب مزيد من الوقت.

وانخرطت الهيئة وهي أعلى سلطة في تنظيم الأسواق الأميركية وماسك في معركة قضائية، معلنة عن التحقيق الذي أجرته الوكالة في استحواذه على منصة التواصل الاجتماعي التي غيّر ماسك اسمها منذ ذلك الحين إلى «إكس».

ورفض متحدث باسم مكتب الشؤون العامة في هيئة الأوراق المالية والبورصات التعليق، ولم يرد محامي ماسك بعد على طلبات التعليق.

وكانت الهيئة تحقق فيما إذا كان ماسك قد انتهك قوانين الأوراق المالية في عام 2022 حين اشترى أسهماً في «تويتر»، بالإضافة إلى البيانات والملفات التي قدمها فيما يتعلق بالصفقة. وقد سعت إلى إنفاذ أمر استدعاء قضائي لإجبار ماسك على الإدلاء بشهادته بشأن هذه المسألة.

ويتعلق التحقيق بالملف الذي قدمه ماسك في الآونة الأخيرة إلى الهيئة بشأن مشترياته من أسهم «تويتر»، وما إذا كان أراد التربح أم لا.